FINANCIAL TIMES

مديرو الأموال قلقون من اقتحام شركات التكنولوجيا منطقتهم

مديرو الأموال قلقون من اقتحام شركات التكنولوجيا منطقتهم

تحياتي من لندن، حيث أمضيت يومي كله في حضور مؤتمر عقدته مجموعة مؤشرات مورجان ستانلي. كان يوما جميلا في أوائل الصيف في العاصمة البريطانية، لكن المؤتمر عقد – على نحو يبدو كأنه أمر إلزامي في جميع المؤتمرات - في غرفة بلا نوافذ.
سأكتفي بعرض بعض الأفكار الموجزة جدا الآن. الموضوع الذي هيمن على النقاش أكثر من أي موضوع آخر كان فرصة استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة على معالجة "البيانات الكبرى". رغم الإثارة المتعلقة بإعلان "مورجان ستانلي" أن الأسهم الصينية المقومة بالرنمينبي ستُدرَج ضمن مؤشر الأسواق الناشئة الشهر المقبل، كان هناك اهتمام أكبر بعرض توضيحي حول تكنولوجيات التعطيل الخاصة بعالم الاستثمار، بدلا من حلقة تتعلق بالصين كانت أحداثها تجري في الوقت نفسه.
يشعر المديرون بالحماس لآفاق الذكاء الاصطناعي، لكن كان يبدو أن هناك اتفاقا شبه تام على أن البشر بحاجة إلى أن يحتفظوا بالإشراف الشديد على الآلات. الذكاء الاصطناعي، على عكس الخوارزميات الموجودة، لديه القدرة على التعلم من التجربة والتكيف تبعا لذلك، وهذا أمر مثير للاهتمام. لكن كان لا يزال هناك مصدر قلق يتمثل في أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقيد دور المستثمرين باعتبارهم أمناء على الأموال. هل يتمكن مدير الصندوق حقا من الوفاء بدور الوكيل الائتماني إن كانت عملية الاستثمار من قبل الذكاء الاصطناعي لديه مثل الصندوق الأسود بحيث لا يدرك ما الاستثمارات الداخلة، أو لماذا؟
في استطلاع للرأي سألتُ المشمولين فيه عن أكثر شيء سيثقون به للاضطلاع بمهمة إبراز القوة الفائقة للإنسان، هل سيكون برنامجا استثماريا يجري تشغيله من خلال الذكاء الاصطناعي، أم خوارزمية سمارت بيتا "الاستثمار وفقا لأحد عوامل الاستثمار باستخدام قواعد الاستثمار الصارمة من دون وجود سلطة تقديرية"، كانت نتيجة الاستفتاء هي أن الإنسان هو الفائز بهامش مريح.
كنت أظن أن هناك كثيرا من التشكك فيما يخص البيانات الكبرى. "البيانات الكبرى" هي إحدى العبارات الكثيرة التي ربما أصبح استخدامها مفرطا، والنتيجة المترتبة هي أنه لم يعد من الواضح تماما ما تعنيه - أو في الواقع إن كان لها أي معنى على الإطلاق. قدم مديرو الأصول مرارا وتكرارا تعليقات لي تفيد بأنهم غالبا ما كانوا يتعرضون لإلحاح أشخاص يحاولون بيعهم مجموعات من البيانات، وهناك اشتباه في أن كثيرا من البيانات ربما ليست لها قيمة كبيرة، أو أنها بيانات غير موثوقة. العروض التمهيدية المجانية، حيث يستطيع المديرون اختبار مجموعة البيانات لمدة شهر واحد لتحديد ما إذا كان يمكنهم استخلاص أي شيء مفيد منها، يبدو أنها شائعة.
بدلا من البيانات "الكبرى"، يبدو أن العبارة الأكثر شيوعا هي "البيانات البديلة" - مع مراعاة عدم الخلط ما بينها وبين "الحقائق البديلة". الجانب المتعلق بمصادر البيانات الجديدة التي يريد مديرو الصناديق استخدامها ليس حجمها، بل حقيقة أنها تأتي من مصادر غير بيانات الشركات وبيانات الاقتصاد الكلي القياسية، وتتطلب وجود قدرات تشغيلية متقدمة في المعالجة، أو الذكاء الاصطناعي لجعلها قابلة للاستخدام من قبل المستثمرين.
ثمة نقطة أخرى جديرة بالذكر وهي أن مديري الأصول يعتقدون أن البيانات الكبرى يمكن أن تكون لديها القدرة على التعطيل، لكنهم يشعرون بالتوتر إزاء تحديد الشخص المسؤول تماما عن إحداث ذلك التعطيل. الخوف هو إمكانية أن يتعرض مديرو الأصول للضرر بسبب الـ "فانج" FAANG "فيسبوك وأبل وأمازون ونيتفليكس وجوجل". فجميع المنصات الإلكترونية الكبرى مطلعة على البيانات التي يمكنها استخدامها في بعض استراتيجيات الاستثمار المثيرة للاهتمام.
كما أن لديها ذلك النوع من المعلومات التي يمكنها استخدامها لتكييف برامج الادخار الخاصة من أجل مستخدميها، حيث هناك مخصصات الأصول التي تتحول على نحو ملائم بحسب مراحل حياة المدخر.
واجهت صناعة الاستثمار الحالية عناء كبيرا للتوصل إلى منتَج مدخرات يكون كافيا وقويا بما يكفي ليعمل معاشا تقاعديا. الشركات التي من قبيل "جوجل" و"أمازون" و"أبل" و"فيسبوك" ربما تكون مثالية للانقضاض على هذه الأعمال.
وفي الوقت الذي كنتُ أختبئ فيه من ضوء النهار، ارتفعت بشكل حاد عائدات سندات الخزانة لأجل عشر سنوات، ووصلت إلى مستوى 3.05 في المائة الذي سجلته لفترة زمنية قصيرة خلال حقبة "الخوف من الانسحاب التدريجي" في عام 2013. الطابع المباغت لهذه الخطوة يشير إلى أن هناك بعض الأسس على الأقل للمخاوف التي سبقت تلك اللحظة - وهي أن الوصول إلى مستويات جديدة مهمة من شأنه أن يستثير كثيرا من عمليات البيع، وأن الافتقار إلى السيولة في السوق من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التأثير. والآن نريد أن نرى إن كان لا يزال هذا الخوف الأخير في سوق السندات موجودا.
معظم الآثار الفورية كان من الممكن التنبؤ بها بشكل كاف. ارتفع الدولار أخيرا ليصل إلى مستوى مرتفع جديد، وتعرضت الأسواق الناشئة ليوم عصيب، وأنهت أسهم الشركات الأمريكية ذات الرسملة الكبيرة موجة الانتصارات الإيجابية التي حققتها في الآونة الأخيرة، لكنها بقيت أعلى بدرجة لا بأس بها من المستويات المنخفضة التي سجلتها خلال العام. باختصار، عادت جميع المخاوف التي كانت موجودة قبل أسبوعين تقريبا. وبشكل مثير جدا، لم تتعرض الشركات المدرجة على مؤشر رسل 2000 لأي أذى، فقد كان ثابتا طوال اليوم. ويعتقد أن الأسهم ذات الرسملة الصغيرة محصنة نسبيا أمام الدولار القوي، ومن الواضح أنها استوعبت بعض الأموال التي خرجت من أسهم الشركات الأكبر حجما.
غني عن القول إن ما سيحدث بعد ذلك سيكون أمرا مثيرا. سأعود إليكم غدا لأحاول توضيح ذلك. أما الآن، فقد وصلت عائدات السندات لأجل عشر سنوات إلى مستوى لم تصل إليه منذ سبع سنوات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES