Author

الحلال والحرام

|

يبذل كثيرون جهودهم في فعل الخيرات وطلب الأجر من الرحمن بأعمال ظاهرة وباطنة، ولعل أهم ما يمكن أن نراه اليوم بيننا أعمال تتعلق بالصلاة والصدقات والصوم وغيرها من الأعمال التي يؤجر فاعلها. ثم إن هناك نصفا كاملا نحتاج إلى تذكره دوما كي ننجو بأنفسنا.
لا يكفي أن يؤدي الفرد ما بينه وبين الله ليحقق النجاة والفلاح الدنيوي والأخروي، بل لا بد من أن يضمن كذلك ما بينه وبين الناس. لعل الأعمال التي تتعلق بحقوق الآخرين هي الأخطر والألزم لكونها متعلقة بمن قد يتنازلون عن حقوقهم، وقد لا يفعلون.
ما بينك وبين الله مهم جدا، والله سبحانه يغفر الذنوب جميعا، بل إن التوبة النصوح تجب ما قبلها، وهو أمر رفعنا الله به وقربنا من الغفران والرحمة. إن علم المولى جلت قدرته بعباده وما يمكن أن يقعوا فيه من تجاوزات وأخطاء يندمون عليها بلا شك في مرحلة من مراحل حياتهم، حقق لهم هذه النجاة.
إن مفهوم العدالة الربانية الذي يسود في الحياة برمتها، لا بد أن ينطبق هنا أيضا. مفهوم العدالة يعطي البشر حقوقهم التي يطالبون بها، من ذلك ما يتعلق بحقوقهم على بعضهم. لذا، جاء الوعيد الشديد فيما يتعلق بحقوق الناس، والتحذير من كل ما يمكن أن يضع العبد رهينة لقرار آخر، أيغفر له أم يطالب باقتصاص حقه منه. كل ذلك في يوم عظيم وسيلة التقاضي فيه هي الحسنات التي ترفع العباد، والسيئات التي ترديهم في العذاب والعياذ بالله.
التحذير من الغيبة والنميمة والظلم بكل أنواعه وأكل أموال الناس بالباطل وأذيتهم اللفظية والعملية، أمر تكرر في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وفي أدبيات الإسلام على مدى القرون، بل إنه أكثر الموضوعات طرقا في حالات كثيرة. إن التخلص من كل ما يمكن أن يردي المرء ويورده المهالك أمر حيوي لا بد أن نتنبه له ونحن نستعد لموسم من أهم مواسم العمل الصالح.
نتذكر بحلول رمضان المبارك أن كل أعمالنا التي نطلب فيها رضا الله، مرهونة بتخلصنا من عبء حقوق الناس التي قد تأكل حسناتنا. إن التحوط والتدقيق في كل ذلك أمر مهم، ذلك أننا نقع في كثير مما ذكرته من حقوق وأعراض الآخرين بعلم أو دون علم، بل إن بعضهم يعدها "فاكهة" في مجالس خسارة الحسنات.

إنشرها