أخبار اقتصادية- عالمية

القوانين الأمريكية خارج الحدود «سلاح رادع» للشركات متعددة الجنسيات في إيران

القوانين الأمريكية خارج الحدود «سلاح رادع» للشركات متعددة الجنسيات في إيران

تسمح القوانين الأمريكية المطبقة خارج الحدود بردع الشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات عن القيام بأعمال تجارية مع بلد أو كيانات تستهدفها العقوبات الأمريكية، كما تكشف مسألة إيران.
وتطبق "العقوبات الثانوية" الأمريكية خصوصا على طهران من خلال استهداف أشخاص غير أمريكيين (ولا سيما مؤسسات مالية أجنبية وتلك التي تحاول الالتفاف على العقوبات) وتتعامل مع أفراد وبلدان وأنظمة ومنظمات على صلة بإيران.
ووفقا لـ "الفرنسية"، فإن هذه العقوبات التي رفع القسم الأكبر منها في إطار الاتفاق النووي مع طهران في 2015، ستعيدها واشنطن تدريجيا في الأشهر المقبلة بعد قرار دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق.
ولذلك أطلقت المفوضية الأوروبية الجمعة الإجراءات الرسمية التي تهدف إلى تفعيل "قانون التعطيل" من أجل الحد من تأثير العقوبات الأمريكية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران.
وقال باتريك بوياني رئيس مجلس ادارة مجموعة توتال النفطية الفرنسية في كلمة في واشنطن، "ما إن تعيد الولايات المتحدة العقوبات الثانوية، لن تبقى لدينا إمكانية البقاء في شركة متعددة الجنسيات" إذا ما استمرت توتال في التعامل تجاريا مع طهران.
واضاف بوياني أن هذه العقوبات "تعني أن الرئيس الأمريكي يمكنه أن يقرر أن توتال لم تعد قادرة على الوصول إلى المصارف الأمريكية".
وتابع: "لا يمكنني أن أترأس مؤسسة تمثل نحو 100 بلد ولا أستطيع الوصول إلى المصارف الأمريكية لأن 90 في المائة من تمويل توتال مرتبط بالمصارف الأمريكية".
وأوضح بوياني أن الرئيس الأمريكي "يستطيع أيضا أن يأمر المستثمرين بالتوقف عن توظيف أموال في "توتال"، لكن نحو 35 في المائة من أسهمي أمريكية ولا أستطيع أن أسمح لنفسي بأن أخسرها".
وتعليقا على إعلان "توتال" الانسحاب من مشروع في إيران، شدد بوياني إلى أن "هذه هي قواعد اللعبة ويتعين علينا احترامها من أجل المصلحة الفضلى للمؤسسة".
وأعلنت "توتال" الأربعاء الماضي أنها ستوقف العمل في مشروع كبير بدأته في تموز (يوليو) 2017 في إيران، إذا لم تحصل على إعفاء من السلطات الأمريكية من العقوبات.
وأفادت المجموعة الفرنسية في بيان: "لن يكون بإمكان توتال الاستمرار في مشروع إس بي 11 وعليه فسنوقف العمليات كافة المرتبطة به قبل الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، إلا إذا حصلنا على إعفاء للمشروع من السلطات الأمريكية، بدعم من السلطات الفرنسية والأوروبية".
وطبقت هذه "العقوبات الثانوية" في حالة إيران وكذلك على كوريا الشمالية وروسيا حيث استهدف أثرياء مقربون من السلطة في نيسان (أبريل)، لكن هذه العقوبات ليست السلاح الوحيد خارج الأراضي المتوافرة للولايات المتحدة.
فـ "قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة" الصادر في 1977 يتيح لها تعقب اختلاسات شركة ما منذ إدراجها في وول ستريت أو معاملاتها المالية التي تمر عبر الدائرة المالية الأمريكية.
ويعطي هذا القانون المطبق خارج الأراضي، الولايات المتحدة دور الشرطي العالمي لمكافحة الفساد الذي يتيح لها إرساء نفوذها الجيوسياسي.
حتى الآن، تمكنت واشنطن من معاقبة عدد كبير من الشركات الأوروبية، ففي 2008، اضطرت شركة سيمنس الألمانية إلى دفع غرامة قدرها 800 مليون دولار لأنها قدمت رشا في الأرجنتين أو في فنزويلا.
واضطرت "توتال" في 2013 إلى دفع نحو 400 مليون دولار عن قضايا فساد في إيران، والأداة الأخيرة هي العقوبات المفروضة على انتهاكات الحظر.
ويحتفظ مصرف "بي إن بي باريبا" الفرنسي بذكرى مؤلمة عن ذلك بعدما اضطر هو الآخر في 2014 إلى دفع غرامة قياسية بلغت 8.9 مليار دولار عن صفقات أبرمت خارج الولايات المتحدة، لكن مع بلدان تخضع للحظر الأمريكي (إيران والسودان وكوبا) بينما تقوم المجموعة بنشاطات في الولايات المتحدة أيضا.
وتدين الدول الأخرى حتى تلك التي تعتبر حليفة لواشنطن تطبيق القوانين خارج الأراضي الأمريكية، وأطلقت المفوضية الأوروبية الجمعة الماضي إجراءات يتعين على الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي المصادقة عليها وترمي إلى طمأنة الشركات الأوروبية التي استثمرت في إيران بعد توقيع الاتفاق النووي في 2015.
وأشارت المفوضية إلى أن "إجراءات التعطيل تمنع الشركات الأوروبية من الامتثال للعقوبات الأمريكية"، ويسمح قانون "التعطيل" للشركات والمحاكم الأوروبية بعدم الامتثال للقوانين حول العقوبات التي يتخذها بلد ثالث، ويقضي بعدم تطبيق أي حكم يصدر عن محاكم أجنبية على أساس هذه التشريعات داخل الاتحاد الأوروبي.
وأقر هذا التشريع الأوروبي في عام 1996 للالتفاف على العقوبات الأمريكية على كوبا لكن لم يتم استخدامه، وتأمل المفوضية في أن يبدأ تطبيق هذه الإجراءات مطلع آب (أغسطس) مع دخول العقوبات الأولى التي أقرتها الولايات المتحدة أخيرا حيز التنفيذ.
إلى ذلك، قال برونو لو مير وزير المالية الفرنسي إن بلاده تنظر فيما إذا كان بمقدور الاتحاد الأوروبي أن يعوض الشركات الأوروبية التي قد تواجه عقوبات بسبب تعاملها مع إيران.
وأشار لو مير إلى قواعد الاتحاد الأوروبي التي يرجع تاريخها إلى عام 1996، والتي قال إنها قد تسمح للاتحاد بالتدخل بهذه الطريقة لحماية الشركات الأوروبية من أي عقوبات أمريكية، مضيفا أن فرنسا تريد من الاتحاد أن يشدد موقفه في هذا الصدد. من جهة أخرى، ذكرت صحيفة ألمانية أمس أن دبلوماسيين من أوروبا والصين وروسيا سيناقشون اتفاقا جديدا يعرض على إيران مساعدة مالية للحد من تدخلها في المنطقة وتقليص تطويرها للصواريخ الباليستية على أمل إنقاذ الاتفاق النووي الموقع في عام 2015.
ونقلت صحيفة "فيلت إم زونتاج" عن مصادر رفيعة بالاتحاد الأوروبي قولها إن المسؤولين سيجتمعون في فيينا خلال الأيام المقبلة تحت قيادة هيلجا شميد الدبلوماسية الكبيرة بالاتحاد الأوروبي لمناقشة الخطوات التالية بعد قرار ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي.
وقالت الصحيفة إن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين ستشارك في الاجتماع لكن الولايات المتحدة ستغيب عنه، ولم يتضح ما إذا كانت إيران ستشارك، وقاومت طهران دعوات في الماضي للحد من برنامجها للصواريخ الباليستية.
وأشارت الصحيفة إلى أن إبرام اتفاق جديد من شأنه أن يحافظ على بنود الاتفاق النووي ويقلص جهود تطوير الصواريخ الباليستية ويحد أنشطة طهران في المنطقة ما قد يساعد في إقناع ترمب برفع العقوبات المفروضة على إيران.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي كبير قوله "علينا الابتعاد عن اسم اتفاق فيينا النووي وإضافة بعض العناصر .. هذا فحسب سيقنع ترمب بالموافقة على رفع العقوبات مرة أخرى".
وكافحت إيران لتحقيق مكاسب مالية من الاتفاق النووي ويرجع ذلك جزئيا إلى أن العقوبات الأمريكية الأحادية المرتبطة ببرنامجها الصاروخي منعت المستثمرين الغربيين من التعامل مع طهران.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين يبحثون عن نهج جديد نظرا لفهمهم أنه سيكون من الصعب على الشركات الأوروبية التغلب على العقوبات الأمريكية الجديدة.
وتؤكد الصحيفة أن الاتفاق الجديد قد يشمل مليارات الدولارات في صورة مساعدة مالية لإيران على غرار اتفاق الاتحاد الأوروبي على تقديم مليارات الدولارات مساعدة لتركيا لاستقبال ملايين المهاجرين وإغلاق حدودها الأمر الذي ساعد في إنهاء أزمة المهاجرين في عام 2015.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية