الطاقة- النفط

«بنك أوف أميركا»: استمرار ارتفاع أسعار النفط تدريجيا

 «بنك أوف أميركا»: استمرار ارتفاع أسعار النفط تدريجيا

توقع "بنك أوف أميركا" استمرار مسيرة الارتفاع التدريجي في أسعار النفط الخام نافيا أن يؤدي التدرج في الارتفاع إلى حدوث تباطؤ جوهري في معدل النمو الاقتصادي العالمي، ومن ثم فإنه يمكن الحفاظ على توقعاتنا الحالية للنمو.
وأشار تقرير حديث للبنك الأمريكي إلى أن هناك تخوفات محدودة لدى البعض من مدى التأثير السلبي لارتفاع أسعار النفط على الاقتصاد العالمي وهناك تباين في تقدير المستوى السعري الذي يبدأ معه حدوث نتائج سلبية ناجمة عن انخفاض إنفاق المستهلكين لافتا إلى أنه في المقابل أدى ارتفاع الأسعار إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي من قبل شركات النفط الصخري والطاقة الأمريكية.
ونقل التقرير عن محللين في البنك أنهم يتوقعون استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام وتحديدا خام برنت بشكل تدريجي لتدور حول متوسط 80 دولارا للبرميل حتى منتصف عام 2019 مع احتمال أن يعقب ذلك تراجع إلى متوسط 71 دولارا للبرميل بحلول نهاية عام 2019، مشيرا إلى أن المكاسب في سعر البرميل في المتوسط ستصل إلى ما يقرب من 20 دولارا مقارنة بأسعار النفط الخام من نهاية العام الماضي.
ولفت إلى وجود تباين في تقدير تأثيرات هذه القفزة البالغة 20 دولارا في سعر النفط على مسار النمو الاقتصادي العالمي مؤكدا أن الارتفاع المؤقت في أسعار النفط الخام من غير المحتمل أن يوجد تراجعا كبيرا في معدل النمو الاقتصادي وهو أمر إيجابي للاقتصاديات الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة.
ونوه إلى أن التحركات الكبيرة في أسعار النفط الخام يمكن أن تكون لها آثار سلبية في النمو ويراها البعض فوق 100 دولار للبرميل والبعض الآخر عند 200 دولار للبرميل حيث قد يكون المستهلكون بطيئين للغاية في التكيف مع ارتفاع أسعار الطاقة.
وأضاف أن النفط الخام يحافظ على مكانته فيما يخص سلع الطاقة خاصة البنزين ودوره الرئيسي في منظومة النقل بينما تراجع دور النفط فيما يسمى خدمات الطاقة حيث يعتبر الغاز الطبيعي هو المحور الرئيسي في توليد الكهرباء واعتبارا من عام 2017 بلغت حصة النفط 0.5 في المائة فقط من توليد الكهرباء وهو ما يعكس تقلص دوره في مجال خدمات الطاقة.
ويتوقع "بنك أوف أميركا" أن تأثير ارتفاع أسعار النفط لن تكون جوهرية على الاقتصاد العالمي لافتا إلى أن تأثير الصدمات السعرية النفطية قد تضاءل بمرور الوقت مشيرا إلى أنه في الماضي كانت التغيرات في أسعار النفط مصدرا رئيسا للتقلبات الاقتصادية وعلى سبيل المثال، أدت صدمات أسعار النفط في السبعينيات إلى نوبات من الركود التضخمي (أي انخفاض النمو وارتفاع معدلات البطالة والتضخم)، ومع ذلك، ظل النمو والتضخم مستقرا نسبيا منذ أواخر التسعينيات في مواجهة الصدمات النفطية الكبرى.
في سياق متصل، توقع محللون نفطيون حالة من التقلبات السعرية للنفط الخام خلال الأسبوع الحالي بعد تراجع محدود في نهاية الأسبوع الماضي، على الرغم من أنها سجلت سادس مكسب على التوالي على أساس أسبوعي.
وأرجع المحللون سبب التقلبات إلى حالة عدم اليقين في السوق بشأن مسار عودة العقوبات الاقتصادية على إيران في ظل جهود مقاومة من الاتحاد الأوروبي ولكن السوق يبقى أقرب إلى الارتفاعات بفعل نمو الطلب والهبوط الحاد في إنتاج فنزويلا ومنتجين آخرين.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، دان بوسكا كبير الباحثين في بنك "يوني كريديت" البريطاني، إن تجاوز أسعار النفط الخام مستوى 80 دولارا للبرميل أثار بعض القلق في السوق خاصة أن الأسعار مرشحة لمزيد من الارتفاعات القياسية الأخرى مشيدا بالاتصالات التي قامت بها السعودية على الفور مع كبار المنتجين حول العالم لطمأنة السوق حول أمن الإمدادات.
ولفت بوسكا إلى أن تنسيق السعودية مع وكالة الطاقة الدولية التي تمثل مصالح المستهلكين ومع الهند وهي أكبر مستهلك للطاقة في العالم حملت رسائل إيجابية للسوق بأن المنتجين لن يسمحوا لارتفاع الأسعار بأن يقود إلى اختلال التوازن في السوق أو تعطيل النمو الاقتصادي.
ومن ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن «أوبك» تتجاهل اتهامات ومطالبات أمريكية بالعمل على خفض الأسعار، مشيرا إلى أن «أوبك» -وبحسب رئيسها الحالي وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي – قلقة من انهيار إنتاج فنزويلا وتحاول مساعدتها على التعافي وتولي هذا الملف اهتماما أكبر من قضية مصير الاتفاق النووي مع إيران بعد تخارج الولايات المتحدة منه.
وتوقع هوبر استمرار التقلبات السعرية بسبب التأثير غير المعروف أبعاده للعوامل الجيوسياسية لافتا إلى أن ارتفاع الأسعار لم يصل بعد إلى المستوى الذي يدمر الطلب وهو ما جعل «أوبك» ترجح حتى الآن استمرار التمسك بالعمل بتخفيضات الإنتاج منذ كانون الثاني (يناير)2017.
ومن جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، جولميرا رزايفا كبيرة المحللين في المركز الاستراتيجي لدراسات الطاقة في أذربيجان، إن تعهد السعودية بتعويض أى نقص في الإمدادات أمر إيجابي، مشيرة إلى أن اجتماع المنتجين المقبل في حزيران (يونيو) بفيينا سيعالج على الأرجح المخاوف في السوق ويركز على دعم الشراكة بين المنتجين وبعضهم بعضا والتنسيق مع المستهلكين لتجنيب السوق التعرض لهزات قوية.
وتضيف رزايفا أن ارتفاع الأسعار – دون شك – له تأثيرات واسعة على الاقتصاد الهندي الذي يعتبر أسرع الاقتصاديات نموا كما أن اعتماده على النفط الخام ما زال رئيسيا وبما يفوق الولايات المتحدة والصين مشيرة إلى أنه مع عودة المخزونات إلى المستوىات الطبيعية قد يتطلب الأمر تعديل المنتجين لسياسات تقييد الإنتاج الحالية.
وكانت أسعار النفط قد تراجعت في ختام الأسبوع الماضي، لكن خام برنت سجل سادس أسبوع على التوالي من المكاسب، مدعوما بهبوط حاد في إنتاج فنزويلا وطلب عالمي قوي وعقوبات أمريكية مرتقبة على إيران.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود برنت جلسة التداول منخفضة 79 سنتا، أو 1 في المائة، لتبلغ عند التسوية 78.51 دولار للبرميل. وفي الجلسة السابقة قفز خام القياس العالمي فوق 80 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 ويتوقع مستثمرون أن يسجل مزيدا من المكاسب على الأقل في الأجل القصير، بسبب المخاوف بشأن الإمدادات.
وأنهى «برنت» الأسبوع مرتفعا نحو 1.9 في المائة، موسعا مكاسبه منذ بداية العام إلى نحو 17.5 في المائة، بينما انخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 21 سنتا، أو 0.29 في المائة، لتبلغ عند التسوية 71.28 دولار للبرميل ومنهية الأسبوع على زيادة قدرها 0.9 في المائة، هي ثالث مكاسب أسبوعية على التوالي.
وتلقت أسعار الخام دعما من تخفيضات المعروض التوافقية بقيادة منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" الهادفة إلى كبح العرض.
وقال جاك ألاردايس محلل أبحاث النفط والغاز في "كانتور فيتزجيرالد"، "المخزونات العالمية تقترب من متوسطات المدى الطويل، ما ينبئ بأن تخفيضات المعروض المنسقة بين "أوبك" وغير الأعضاء ناجحة".
وفضلا عن تخفيضات "أوبك" فإن الطلب القوي وتراجع إنتاج فنزويلا وإعلان الولايات المتحدة في وقت سابق هذا الشهر عزمها تجديد عقوبات على إيران عضو "أوبك" ساعد على دفع برنت إلى الارتفاع 20 في المائة منذ بداية العام الحالي.
ويرى بنك الاستثمار الأمريكي جيفريز أن العقوبات على إيران قد تحجب أكثر من مليون برميل يوميا عن السوق.
وفي ظل بلوغ أسعار الخام مستويات لم تشهدها منذ 2014 فقد حذر ألاردايس من أن ارتفاع تكاليف الوقود قد ينال من الاستهلاك.
فعند 80 دولارا للبرميل، يكلف عطش آسيا للنفط المنطقة تريليون دولار سنويا أي أكثر من مثلي 2015-2016، العامين السابقين على تخفيضات "أوبك" التي بدأت في 2017.
ورفع بنك باركليز البريطاني توقعاته أمس لأسعار النفط الخام للعامين الجاري والمقبل، قائلا "إن السوق تزداد شحا في ظل انخفاض الإنتاج في فنزويلا واحتمال حدوث تعطيلات إضافية للإمدادات مع إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران".ورفع البنك توقعاته لسعر خام برنت لعام 2018 إلى 73 دولارا للبرميل من 61.8 دولار وتوقعاته للسعر في 2019 إلى 70 دولارا للبرميل من 60 دولارا.
وزاد توقعاته لسعر الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط إلى 68.20 دولار للبرميل هذا العام من 57 دولارا في وقت سابق، وتوقعاته لعام 2019 إلى 65 دولارا للبرميل من 55 دولارا، وقال "باركليز"، "إن أسواق النفط قد تعاني شحا أكبر في كل من 2019 و2020".
من جهة أخرى، استقر عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع بعد صعوده لستة أسابيع متتالية رغم أن أسعار الخام قفزت إلى أعلى مستوياتها منذ 2014 وهو ما يدفع شركات الحفر إلى استخراج كميات قياسية من النفط، خصوصا الخام الصخري.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة "إن إجمالي عدد الحفارات النفطية استقر عند 844 حفارا في الأسبوع المنتهي في الثامن عشر من أيار (مايو)".
وإجمالي عدد الحفارات النفطية في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 720 حفارا مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج بالتوازي مع مساعي "أوبك" لخفض الإمدادات العالمية في محاولة للاستفادة من صعود الأسعار.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية هذا الأسبوع "إن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة من المتوقع أن يرتفع إلى مستوى قياسي عند 7.2 مليون برميل يوميا في حزيران (يونيو)".
وفي وقت سابق هذا الشهر توقعت إدارة المعلومات أن المتوسط السنوي لإنتاج النفط الأمريكي سيرتفع إلى مستوى قياسي عند 10.7 مليون برميل يوميا في 2018 وإلى 11.9 مليون برميل يوميا في 2019، من 9.4 مليون برميل يوميا في 2017.
وبلغ متوسط إجمالي عدد حفارات النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة منذ بداية العام الحالي 987 حفارا، ارتفاعا من متوسط بلغ 876 حفارا في 2017، ويشير ذلك إلى أن عدد الحفارات يتجه إلى أن يكون الأعلى منذ 2014 عندما سجل متوسطا بلغ 1862 حفارا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط