Author

الوقت إن لم تدركه ذهب

|

الوقت أثمن من المال – كما يقال – لأن الإنسان يستطيع أن يحصل على مزيد من المال، ولكنه لا يستطيع الحصول على مزيد من الوقت أو استعادة الوقت المفقود! ومن العجيب أن الوقت هو أكثر ما نحتاج إليه في حياتنا، ولكننا لا نحسن استخدامه كما نفعل بالنسب للأمور الأخرى كالمال والممتلكات. يقول أحد الزائرين الأجانب لبعض البلدان الخليجية إنني لم ألاحظ اهتمامهم بالوقت إلا عندما يمتطون قيادة السيارة، ويقصد هذا الزائر أنهم يصارعون الآخرين في الشارع من أجل الوصول إلى المكان المقصود بسرعة وفي وقت وجيز!
هل فكرت – عزيزي القارئ – كيف تنفق وقتك يوميا؟ وكم من الساعات التي تهدر في أمور هامشية لا فائدة منها؟! هل تقوم برصد قائمة بأهدافك ثم تحدد أولوياتك حسب أهميتها؟ لو عملت ذلك لاكتشفت أن هناك أمورا مهمة وأشخاصا رائعين في حياتك لم تخصص لهم الوقت الكافي، وتعزي نفسك – دائما - بأن لديك الوقت في المستقبل لإنجاز تلك الأمور أو قضاء وقت أطول مع الأشخاص المهمين في حياتك، وهذا من أكبر الأخطاء كما يشير أحد الخبراء في استخدام الوقت، لأنك في يوم ما لا بد أن تندم عند فوات الأوان وستقول لنفسك: "يا ليتني قضيت معهم وقتا أطول".
على الرغم من حث الدين الإسلامي على ضرورة احترام الوقت وتنظيم ساعات اليوم من خلال الصلوات الخمس، التي تذكر المسلم بأهمية الوقت وتمنحه استراحة من عناء العمل لبضع دقائق، فإن قلة الاهتمام بالوقت وإساءة استخدامه وعدم الدقة في المواعيد ربما تحتل المراتب الأولى على مستوى العالم. فالموظف يقتطع جزءا من ساعات العمل للإفطار أثناء الدوام، وبعضهم يهدر الوقت المخصص لصلاة الظهر في الحديث مع الزملاء وإجراء المكالمات، ما يجعل وقت الصلاة يمتد ما بين نصف ساعة إلى ساعة كاملة على الرغم من أن الوقت الفعلي للصلاة لا يتجاوز عشر دقائق، وعلاوة على ذلك يقتطع بعض الموظفين جزءا من وقت العمل لتوصيل الأبناء أو الزوجة من المدرسة للمنزل. ومن المؤسف أن الموظف لا يعطي اهتماما كافيا للعمل فيما تبقى من الوقت، بل يهدر جزءا آخر في متابعة وسائل التواصل أو الحديث مع الآخرين!
وعلى مستوى الدول، فإن الدول العربية لا تعنى بالوقت كثيرا، على العكس من الدول المتقدمة التي تقوم بإجراء مسوحات سنوية أو دورية لاستخدام الوقت مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان وكندا وكوريا وأستراليا وغيرها، علاوة على إنشاء مراكز متخصصة في دراسة الوقت مثل جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة. ففي الدول العربية لا يعرف على وجه الدقة الوقت المخصص للعمل والكسب، أو الترفيه، أو القراءة، أو الاحتياجات الشخصية، أو الرياضة على الرغم من أهميتها في الإنتاجية والصحة الجسدية والنفسية!
وأخيرا على الرغم من الخطط الطموحة في بعض البلدان العربية كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلا أنها لا لم تعط اهتماما مناسبا لإجراء مسوحات سكانية لمعرفة استخدام الوقت، ومن ثم معالجة الخلل في استخدام الوقت من قبل الناس - إن وجد. فمن بين الدول الخليجية، بادرت سلطنة عُمان – مشكورة - بإجراء مسح لاستخدام الوقت خلال الأعوام الماضية وأظهرت نتائج مثيرة ومفيدة. وفي الختام آمل أن يحظى موضوع "الوقت" بالاهتمام المناسب على مستوى الأفراد والدول في منطقتنا العربية لأن رقي الأشخاص وتقدم الأمم لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال احترام الوقت واستخدامه الاستخدام الأمثل!

إنشرها