Author

برنامج التطوير المالي .. الطريق إلى تنفيذ «رؤية 2030»

|

يعد برنامج التطوير المالي 2020 إحدى الركائز الأساسية في "رؤية السعودية 2030"، ويستهدف البرنامج أن يكون قطاعا ماليا متنوعا وفاعلا يوفر الموارد المالية المتنوعة لدعم تنمية الاقتصاد الوطني وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار.
ونحن إذا طالعنا خطط التنمية العشر التي بدأ تطبيقها في عام 1970 نلاحظ أن من أهم أهدافها الرئيسة هو تنويع مصادر الدخل، بمعنى تنويع الموارد المالية للدولة وعدم الركون إلى المورد الواحد.
ولكن مع الأسف ظللنا نضع هذه العبارة في الصفحة الأولى من كل خطة من الخطط العشر، ولكن الأعوام ظلت تمر حتى اقتربت من الـ50 عاما دون أن نحقق هذا الهدف أو ــ على أقل تقدير ــ نقترب منه، فقد ظللنا طوال هذه المدة المديدة نعتمد على النفط كمورد يمثل نحو 90 في المائة من موارد الدولة، بينما تمكنت "رؤية السعودية 2030" ــ في بحر عام ونيف ــ من تقليص مساهمة النفط في الموارد المالية للدولة إلى نحو 50 في المائة.
والسبب أن "رؤية السعودية 2030" صدرت بمجموعة من البرامج الهادفة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتحويله من اقتصاد استهلاكي إلى اقتصاد إنتاجي، وكان من بين البرامج الرئيسة، برنامج التطوير المالي 2020.
إن زيادة كفاءة القطاع المالي تعزز كفاءة الاقتصاد في تنفيذ برامج التنمية المستدامة، لأن البرنامج يعتمد على ثلاث ركائز رئيسة هي: تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، أي تمكين القطاع الخاص من لعب دور رئيس في تنفيذ برامج الاقتصاد الوطني، وكذلك تطوير سوق مالية متقدمة تستوعب المواطن وغير المواطن، ثم تمكين التخطيط المالي من بلوغ أهدافه حتى يلتقي مع الأهداف الاستراتيجية لـ"رؤية السعودية 2030"، وهي الأهداف التي وضعت ازدهار اقتصاد المملكة من أولوياتها لتصل إلى وطن طموح عبر تنمية مستدامة من خلال تنويع موارد الاقتصاد ودعم القطاعات الاقتصادية الجديدة الواعدة التي تجعل الاقتصاد أكثر حيوية وأكثر انتشارا في جميع مجالات حياة المواطن والمقيم.
ولذلك، فإن برنامج التطوير المالي يطرح مجموعة من المبادرات الساعية إلى تحقيق مستهدفات "رؤية السعودية 2030"، وتم تصميم المبادرات وفق دراسة تحليلية تراعي أفضل الممارسات العالمية لتوفير مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات تضمن الوصول إلى نظام مالي يوفر للجميع أسباب الاستفادة منه، ويقوم على درجة عالية من استخدام تقنية المعلومات، لتسريع معدلات النمو وتحقيق الكفاءة المطلوبة للمشروعات والبرامج، وهذا من شأنه أن يمكن المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص وانتشاره في أماكن مختلفة من النشاط الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، فإن برنامج التطوير المالي سوف يعنى بنظام التأمين الإلزامي للمركبات، وكذلك التأمين الصحي، وتشجيع قطاع التأمين للتقدم نحو خيارات الاندماج أو الاستحواذ بما يحقق حماية قطاع التأمين من التفليسات والخسائر وتعميق دوره وفعالياته في شرايين الاقتصاد الوطني.
ويسعى برنامج التطوير المالي ــ كما أوضحنا ــ إلى تطوير سوق مالية متقدمة تتوافر فيها صفات الجاذبية أمام المستثمرين المحليين وفي الخارج، وإزاء ذلك، فإن السوق ستطرح عددا من المبادرات التي من شأنها تنويع الاستثمارات، وتطوير الجوانب التشريعية والنظامية التي تشجع الجميع على الدخول فيها.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى سيدعم برنامج التطوير المالي جهود تخصيص بعض الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية وبعض المرافق المملوكة للدولة، وذلك من خلال الاكتتاب العام ليسهم في تعميق السوق المالية، إضافة إلى الفوائد المتحققة من عملية التخصيص، ومنها رفع مستوى الخدمات وكفاءة الإنفاق، كما تشمل مبادرات البرنامج تطوير عدد من الجوانب التنظيمية التي تسهم في تعميق سوق أدوات الدين.
ولذلك، فإن برنامج التطوير المالي هو بمنزلة سياسة مالية واقتصادية جديدة تستهدف النهوض بالاقتصاد الوطني وحمايته من الأمراض التي ظل يئن منها عقودا طويلة، وحان الوقت كي يشفى منها عن طريق مجموعة من المستهدفات التي ذكرناها، التي نتمنى أن تكون علاجا ناجعا لما يعانيه اقتصادنا الوطني من عيوب ظلت تنخر في أوصاله وتقعده عن القيام بدوره الكامل في تحقيق التنمية وبناء اقتصاد المعرفة بعيدا عن سلسلة من المعوقات التي أعاقت توغل الاقتصاد في بناء منظوماته القادرة على تنفيذ برامج التنمية المستدامة بمعدلات مرضية.
وفي ضوء ذلك، فإن الأمل كبير جدا في أن يلعب برنامج التطوير المالي مع مجموعة البرامج التي صممتها "رؤية السعودية 2030" في تحقيق الازدهار الذي تتطلع إليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لخير وفلاح شعب المملكة وكل من يعيش على أرضها الخيرة.

إنشرها