Author

للتاريخ .. من عبدالعزيز إلى ترومان

|

عندما كانت السعودية في طور التأسيس في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن ــ رحمه الله ــ وكانت تبحث عن توثيق علاقاتها مع الدول الكبرى، اندلعت الحرب في فلسطين بين العرب واليهود المغتصبين للأرض بدعم من دول الاستعمار، وبعث هاري ترومان الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت رسالة إلى الملك عبدالعزيز قال فيها وفق وثائق رسمية، "أستنجد بكم باسم السلام العالمي وباسم الإنسانية المعذبة لتستخدموا نفوذكم العظيم في وضع حد للحرب الأهلية الناشئة في الأرض المقدسة بين أهلها العرب واليهود"، وطالبه في الرسالة بدعم قرار هيئة الأمم المتحدة القاضي بتقسيم فلسطين بين أهلها وبين اليهود المغتصبين، مذكرا إياه بالمصالح الاقتصادية بين الرياض وواشنطن، التي يمكن أن تتضرر لو لم يقف الملك في صف وقف الحرب وتقسيم فلسطين. كان رد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن حازما وصارما على رسالة ترومان عندما قال، "عجبت أشد العجب من أن يبلغ بكم الحرص على إحقاق باطل اليهود إلى حد أن تسيئوا الظن بملك عربي مثلي، لا تجهلون إخلاصه للعروبة والإسلام، فتطلبوا منه أن يناصر باطل الصهيونيين على حق قومه". وزاد الملك بصرامة في رده عندما أضاف، "إنني ما بلغت المكانة المرموقة التي تذكرونها لي عند العرب إلا لما يعرفون من تمسكي الشديد بحقوق العروبة والإسلام، فكيف تطلبون مني ما لا يمكن أن يصدر عن أي عربي مسؤول؟ وما قرار التقسيم الذي كان لحكومتكم الوزر الأكبر في دفع الدول إلى تأييده إلا قرار جائر رفضته دول العرب وشعوبهم من البداية". وفي رده على التهديد بتضرر المصالح الاقتصادية بين الرياض وواشنطن قال المؤسس لترومان "أما ما ذكرتم من المصالح الاقتصادية التي تربط بلدينا، فاعلموا أنها أهون في نظرنا من أن نبيع بها شبرا من أرض فلسطين العربية لمجرمي اليهود، ويشهد الله أنني قادر على أن أعتبر آبار البترول كأن لم تكن، فهي نعمة ادخرها الله للعرب حتى أظهرها لهم في الزمن الأخير، فلا والله تكون نقمة عليهم أبدا". لم يتبدل الموقف السعودي ولم يتزحزح من القضية الفلسطينية، وكانت في عهد المؤسس قضية المملكة الأولى التي لم تحد عنها إلى وقتنا الحالي في عهد الملك سلمان، ولا يمكن لكائن من كان أن يزايد على مواقف السعودية في الماضي وفي الحاضر، ولن يقلل منها المتاجرون بالدم الفلسطيني، المتصالحون مع إسرائيل في السر وفي العلن.

إنشرها