FINANCIAL TIMES

هل تتحكم أجهزة الكمبيوتر في سعر لوح شوكولاتة أو كوب كابتشينو؟

 هل تتحكم أجهزة الكمبيوتر في سعر لوح شوكولاتة أو كوب كابتشينو؟


هل تتحكم أجهزة الكمبيوتر في تكلفة لوح الشوكولاتة أو كوب الكابتشينو الخاص بك؟
أصبحت الأسواق المتخصصة، مثل سوق الكاكاو والقهوة، هي الجبهة التالية لموجات الشراء والبيع التي ينتجها التداول الخوارزمي، الذي سبق أن سجل حضوره منذ زمن ليس بالقصير في أسواق العملات، والأسهم، وأسعار الفائدة.
يتمتع هذا الاتجاه برياح خلفية مواتية قوية بفضل تدفق الأموال إلى صناديق كلية macro ومجموعة من الصناديق الكمية quantitative التي تبحث عن فرص جديدة لزيادة عائداتها. وهذا يحدث تحولات عجيبة في أسعار البن والكاكاو والسكر، ما أثار قلقا من أن هذه السلع تبتعد الآن عن أساسيات العرض والطلب.
يقول مايكل كولمان، الذي يدير صندوق التحوط "ميرشنت كوموديتي" في سنغافورة، الذي يبلغ حجمه 140 مليون دولار: "يبحث الناس عن مزيد من الأسواق المتخصصة لنشر تلك الأموال". وكثير من الاستراتيجيات التي تعتمد على الكمبيوتر تبحث عن المخاطر والعوائد غير المرتبطة بالأسواق المالية الأخرى.
إحدى مجموعات الصناديق المدفوعة بالكمبيوتر التي تنشط في أسواق السلع هي مجموعة "مستشاري تداول السلع" الذين يتبعون الاتجاه العام، أو صناديق العقود الآجلة المدارة. زاد عدد مديري الصناديق في هذه المجموعة ممن يتداولون في الأسواق المتخصصة أكثر من الضعف، إلى نحو عشرة صناديق خلال العامين الماضيين. وعلى الرغم من الصناديق لا تزال صغيرة نسبيا، إلا أنها تدير نحو 15 مليار دولار، وفقا لتوم روبل، مدير استشارات الاستثمارات البديلة في "سوسييتيه جنرال برايم سيرفسس".
تقدم التداول المدفوع بالكمبيوتر، حيث تتولى الخوارزميات تنفيذ عمليات التداول وفي الحسبان ارتفاع السوق أو هبوطها، كان مدفوعا أيضا بتراجع المصارف الاستثمارية وصناديق التحوط التقديرية التي كانت تدعم في الماضي صناعة السوق في أسواق السلع.
في سوق الكاكاو، مثلا، أنتوني وارد، المتداول في المملكة المتحدة الذي أطلق عليه "تشوكفينجر" والمعروف بمراهناته التي تقدر بملايين الدولارات، ألقى باللوم على صعود التداول الخوارزمي الذي جعل عملية جني الأرباح أكثر صعوبة، عندما أغلق صندوقه العام الماضي.
وهناك عدد من اللاعبين المهمين في الأسواق الزراعية يشعرون أيضا بالضغط. المنتجون، مثل زراع الكاكاو ومربو الماشية، والمستخدمون النهائيون للسلع، بما في ذلك شركات الأغذية - الذين يعتمدون أيضا على السوق للتحوط من مخاطرهم - شهدوا تحولات مفاجئة في الأسعار.
يقول كثير من المتداولين والوسطاء إن التداول المحوسب يؤدي إلى تغيرات حادة في الأسعار في أسواق الكاكاو والبن والسكر، الأمر الذي أخذ المشاركين في السوق على حين غرة.
في سوق الكاكاو في نيويورك قفز السعر أكثر من 50 في المائة منذ بداية العام ليصل إلى نحو 3000 دولار للطن، مسجلا بذلك أعلى مستوى له منذ 19 شهرا. وترتب على ذلك فرق قياسي بين أسعار نيويورك وسعر الكاكاو في لندن الذي يتداول عند نحو 1800 جنيه للطن.
واعتبر جوناثان باركمان، الرئيس المشارك للسلع الزراعية في شركة الوساطة "ماريكس سبكترم"، الارتفاع الأخير في سوق الكاكاو في نيويورك "لا علاقة له بالأساسيات". وحتى آذار (مارس) كانت التداولات عند سعر 2500 دولار للطن.
وعادة ما يتم تداول الكاكاو في لندن مقابل علاوة فوق السعر في نيويورك. ويشير هذا الانعكاس إلى نقص في السوق الأمريكية، الأمر الذي يرسل إشارة إلى المصدرين لشحن حبوبهم إلى هناك من أجل تلبية الطلب على الإمدادات التي لم تكن موجودة فعلا.
ويأتي هذا في وقت شهدت فيه أسواق البن والسكر ارتفاعا حادا في المراكز المكشوفة التي أنشأتها "الأموال المدارة"، وهي فئة سوقية تتضمن صناديق مضاربة.
أحد الأسباب التي تجعل الصناديق التي تبحث عن الزخم تتحول إلى أصول متخصصة هو عدم ارتباط تحركات أسعارها بالأسواق المالية الأخرى.
ويرى إيان كيرك، كبير الإداريين الاستثماريين في "كنتاب كابيتال"، الصندوق الرائد التابع إلى GAM، التي تدير صناديقها النظامية 4.8 مليار دولار أن "السلع مثيرة للاهتمام بشكل خاص لأنها مختلفة تماما عن أي شيء آخر"، مضيفا أن السلع الخفيفة على وجه الخصوص تعد "مصدرا قيما للغاية للتنويع".
المتداولون من ذوي التردد العالي الذين يتعاملون بمقادير صغيرة في حيز من الألف من الثانية، هم مجموعة أخرى دخلت إلى أسواق السلع الزراعية.
ولاحظ جان جاك دوهو، كبير الإداريين الاستثماريين في "آركاتيك بلو"، وهو صندوق يركز على السلع ولديه أصول بقيمة 200 مليون دولار تحت الإدارة، أن المتداولين من ذوي التردد العالي "بدأوا يدخلون في دخول حيز السلع بشكل لا يستهان به".
وتولد شركات التداول الآلي التي من هذا القبيل مستويات عالية من الحجم، ما يضخم من التقلبات على المدى القصير. وقال دهو: "هم مشاركون على المدى القصير للغاية، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل التذبذب خلال اليوم".
الذين رأوا التحول التكتوني الذي حدث في أسواق مالية أخرى يقولون إن المزيد من التداول المدفوع بالكمبيوتر في أسواق السلع، بما في ذلك الأسواق الأصغر مثل الكاكاو والبن، أمر لا مفر منه.
وقال توماس ليركندر، كبير المحللين في "تاب جروب"، وهي شركة استشارية في أسواق رأس المال: "انتقلت التداولات الخوارزمية من الدخل الثابت إلى الأسهم. الخطوة الطبيعية التالية هي السلع".
إحدى نتائج التقلبات الحادة في الأسعار هي انخفاض حجم تدفقات التحوط من الذين يشترون ويبيعون السلع المادية. الارتفاع في معدل تذبذب الأسعار خلال اليوم يجعل من الصعب على بعض المنتجين وشركات الأغذية الحفاظ على مراكز التحوط، في حين يحجم آخرون عن أخذ مراكز في وجه التحركات غير المعتادة في السوق. قال دوهو: "هناك تحوط أقل في السوق، وهذا أمر مؤكد".
لا يشعر الجميع بالقلق. يجادل بعض المخضرمين في السوق بأنه على الرغم من ارتفاع معدل التذبذب، إلا أن الاتجاه النهائي للسعر يتم تحديده دائما من خلال أساسيات العرض والطلب.
قال ديريك تشامبرز، الرئيس السابق لقسم الكاكاو في شركة Sucden لتداول السلع: "حقيقة الأمر أننا بحاجة إلى المضاربين". وأضاف تشامبرز، الذي يتداول في الكاكاو منذ خمسة عقود: "مع مرور الوقت ستلعب الأساسيات دورها في السوق. لا أحد أكبر من السوق".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES