الطاقة- النفط

النفط يتجاوز 80 دولارا لأول مرة منذ 2014 .. صعد 50 % خلال عام

 النفط يتجاوز 80 دولارا لأول مرة منذ 2014 .. صعد 50 % خلال عام

سجلت أسعار النفط أمس 80 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 بفعل المخاوف من أن تتراجع الصادرات الإيرانية ليتقلص المعروض في سوق شحيحة بالفعل.
وفي الساعة 0955 بتوقيت جرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت مرتفعة 57 سنتا عند 79.85 دولار للبرميل بعد أن بلغت 80 دولارا.
وزادت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 64 سنتا إلى 72.13 دولار للبرميل، وهو أيضا أعلى سعر لها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014.
وبحسب "رويترز"، ترتفع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة بفعل احتمالات حدوث تراجع حاد في صادرات النفط الإيرانية في الأشهر المقبلة جراء تجدد العقوبات الأمريكية، إثر قرار الرئيس دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي العالمي مع طهران.
وحذرت "توتال" الفرنسية الأربعاء من أنها قد تتخلى عن مشروع غاز بمليارات الدولارات في إيران إذا عجزت عن نيل إعفاء أمريكي من العقوبات الأمريكية، ما يلقي بظلال من الشك على جهود تقودها أوروبا لإنقاذ الاتفاق النووي.
وقال نوربرت روكر مدير أبحاث الاقتصاد الكلي والسلع الأولية في بنك جوليوس باير السويسري "الضوضاء الجيوسياسية ومخاوف التصعيد هنا لتبقى.. مخاوف المعروض تتصدر بواعث القلق بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني".
وكان سعر برنت يحوم حول 50 دولارا في آيار (مايو) 2017، ما يعني أنه ارتفع بنسبة تتجاوز الـ50 في المائة خلال عام.
ويرى جاسبر لولر المحلل في مجموعة "لندن كابيتال غروب"، أن ارتفاع الأسعار "مدهش"، خصوصا أن التقارير الأخيرة تتحدث عن زيادة الصادرات الأمريكية وتباطؤ مقبل في الطلب، وهما عاملان يدفعان الأسعار إلى الانخفاض.
ويعتقد محللون في مصرف "كوميرتسبنك"، أن "الانخفاض المستمر لإنتاج النفط في فنزويلا يؤدي في الوقت نفسه إلى خفض إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك".
ويعاني قطاع النفط في فنزويلا أزمة سياسية واقتصادية تهز البلاد، بينما يبدو أن الانتخابات الرئاسية التي ستجرى الأحد المقبل والرئيس نيكولاس مادورو الأوفر حظا للفوز فيها، لا تطمئن الأسواق.
وقال تاماس فارغا المحلل في مجموعة "بي في إم"، إنه "إذا افترضنا أن الولايات المتحدة ستمنع بالكامل واردات النفط الفنزويلي الخام، فإن هذا سيترجم بنقصان أكثر من 400 ألف برميل في السوق".
وتطبق "أوبك" منذ نهاية 2016 حتى نهاية 2018 مبدئيا، اتفاقا للحد من إنتاجها مع عشر دول منتجة أخرى بينها روسيا، ويفترض أن يبت اجتماع في حزيران (يونيو) في احتمال تمديد الاتفاق.
كما أسهم الغموض المرتبط بالإنتاج الإيراني أيضا في رفع الأسعار، ويصعب التكهن بمستقبل الإنتاج الإيراني، في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، أنها ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لمنع أي نقص في المعروض.
ونجم ارتفاع الأسعار أيضا عن الإعلان عن انخفاض مخزونات الخام في الولايات المتحدة وعن انخفاض كبير جدا في احتياطي الوقود.
ويمكن أن يشكل ارتفاع الأسعار مشكلة للاقتصادات المتطورة التي استفادت نشاطاتها من انخفاض الأسعار في 2014، وقالت شركة الطيران "أير فرانس-كي إل إم" في النتائج الأخيرة لأدائها إن فاتورة المحروقات لعام 2018 سترتفع بمقدار 350 مليون يورو.
وفيما ترتفع الأسعار لأول مرة فوق 80 دولارا للبرميل، أكد بنك سيتي جروب أن روسيا تبدي التزاما واسعا باتفاق التعاون مع منظمة أوبك لخفض الإنتاج، مشيرا إلى أن نحو 4 في المائة من الطاقة الإنتاجية الروسية معطلة، لافتا إلى أن التساؤلات تحيط باجتماع المنتجين في حزيران (يونيو) المقبل، وكيفية تعامله مع التطورات التي برزت في السوق أخيرا، خاصة حالة التشديد الواسعة وانكماش المعروض بأكثر من المستويات المستهدفة مسبقا، إلى جانب تقليص المخزونات العالمية والخسائر المحتملة في الإمدادات من إيران.
وذكر تقرير حديث للبنك أن موسكو تواجه خيارات صعبة حاليا ما بين تمديد تخفيضات الإنتاج أو السماح للشركات بزيادة الإنتاج للاستفادة من تعافي الأسعار وتعويض الانقطاعات الواسعة في فنزويلا وإيران.
وأوضح التقرير أن روسيا ستلتقي حلفاءها في منظمة أوبك الشهر المقبل في فيينا، حيث ستناقش الدول الموقعة على اتفاق عام 2016 لخفض الإنتاج مستقبل ومصير هذا الاتفاق في ضوء معطيات السوق الراهنة، مشيرا إلى أن الحكومة الروسية تمسكت بالاتفاق على الرغم من تشكيك عدة شركات روسية في الماضي في الحكمة من إطالة أمد الإنتاج عند ارتفاع أسعار النفط.
وبحسب التقرير فإن روسيا تمتلك حاليا نحو 11.3 مليون برميل من الطاقة الإنتاجية، لافتا إلى استمرار النمو في الشركات الجديدة الناشئة في حقول النفط، معتبرا أن الطاقة الإنتاجية الروسية الاحتياطية تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية التي تملك 1.22 مليون برميل من الطاقة الاحتياطية بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
ويرى التقرير أن منظمة أوبك وشركاءها المستقلين حققا مستوى نجاح متميزا في حملتهم التي استغرقت 16 شهرًا لتخليص السوق العالمية من حالة وفرة وتخمة الإمدادات، مشيرا إلى أن المخزونات حاليا دون متوسط الخمس سنوات للمرة الأولى منذ عام 2014، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.
واعتبر التقرير أن مشاركة روسيا كانت حاسمة في زيادة قوة وفعالية التخفيضات، ما ساعد كثيرا على إنهاء موجة هبوط الأسعار، التي استمرت ثلاث سنوات، منوها إلى أنه على الرغم من أن القيود الإنتاجية ستستمر حتى نهاية عام 2018، إلا أن ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي قال أخيرا إنه لا يستبعد تقليص مستوى التخفيضات الإنتاجية هذا العام، وذلك اعتمادًا على تطورات ظروف السوق.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن صادرات "أوبك" ستتراجع على نحو واسع بعد خصم الصادرات الإيرانية في ضوء عودة العقوبات على طهران، وذلك ما لم يقرر منتجو "أوبك" وحلفاؤهم المستقلون تعويض هذا التراجع بزيادة الإنتاج مرة أخرى.
ويبدو شتيهرير على قناعة تامة بأن "أوبك" تتبنى سياسات مرنة وتجيد قراءة تطورات السوق ومن ثم ليس من المستبعد الاكتفاء بما تحقق من خفض الإنتاج وتراجع المخزونات والعودة مرة أخرى لزيادة الإنتاج لتعويض الانخفاضات الحادة في فنزويلا والمتوقعة في إيران مع بقاء استراتيجية التعاون والتكامل بين المنتجين في "أوبك" وخارجها قائمة بأشكال أخرى.
ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، أن اجتماع وزيري الطاقة السعودي خالد الفالح والروسي ألكسندر نوفاك في منتدى سان بطرسبورج الاقتصادي الدولي الأسبوع المقبل سيكون فرصة جيدة لمشاورات جديدة بشأن التعامل مع تطورات السوق، خاصة في ضوء ما أبدته السعودية من استعداد لتعويض نقص الإمدادات الإيرانية جراء عودة العقوبات الدولية.
ونوه موسازي إلى أن روسيا تبدي التزاما كاملا بالحفاظ على اتفاق التعاون مع "أوبك" رغم إغراءات ارتفاع الأسعار، وحدوث بعض الزيادات المؤقتة في مستويات الإنتاج في بعض الشهور.
ومن ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، ويني أوكيلو المحللة الأمريكية من شركة "أفريكا إنجنيرنج"، إن السعودية والكويت سيكونان الأقدر على تعويض مصافي التكرير الآسيوية، التي تعتبر مركز الطلب العالمي على النفط الخام جراء تقلص المعروض وانكماش الصادرات الإيرانية بصفة خاصة.
وأضافت أوكيلو أن بعض المصافي الآسيوية من المرجح أن تزداد في اعتمادها على الخام الأمريكي خاصة مع تراجع سعره واتساع الفارق مع خام برنت إلى نحو سبعة دولارات، مشيرة إلى أن الشهور الستة المقبلة ستكون دقيقة للغاية في السوق النفطية العالمية في ظل إعطاء الإدارة الأمريكية مهلة لحلفائها للتخلص من صفقات نفطية مع إيران في ضوء إعادة فرض العقوبات في صورة أكثر صرامة.
 

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط