Author

استغلال المحتاج

|

تتعامل مكاتب ومواقع التوظيف مع أغلب الجهات الخاصة وبعض الجهات العامة. كثير من الجهات التي تبحث عن المرشحين للوظائف تضطر للانسحاب من هذه المواقع بسبب التكاليف الباهظة التي تفرضها على المستفيد، خصوصا أن الاحتياج قد يكون على فترات وهذه المواقع تتقاضى رسومها بشكل مستمر. بعض المواقع تحاول أن تستعيد من يهربون من رسومها باستخدام العروض المؤقتة، التي تعد في كثير من الحالات أقل جذبا للجهة المستفيدة.
السبب الرئيس لهذه الرسوم هو توجه كثير من المتقدمين للحصول على فرص جديدة إلى هذه المواقع حتى وإن كانوا على رأس العمل في الوقت الحاضر. توفر العدد الكبير من المتقدمين، إضافة إلى محدودية المنافسين، يمنحان الموقع الفرصة لرفع رسومه.
يأتي في السياق عدد كبير من المرشحين الذين يحملون كل المؤهلات لكنهم لا يحصلون على الفرص الوظيفية بسبب أتمتة العملية وبقائها ضمن عالم الحواسيب دون تدخل بشري يفك بعض الرموز والأحاجي الموجودة في خبرات المتقدمين. وجود هذه الثنائية يدعم الحاجة لفحص متجرد للمتقدمين، حيث تكون الفرص الوظيفية المتاحة أكثر ملاءمة للسوق السعودية بالذات.
الإشكالية الأكبر في مواقع التوظيف هذه هو أنها تؤخر فرصة المواطن السعودي لأسباب كثيرة، من أهمها عدم وجود أي ميزة إضافية للخبرة التي يحصل عليها المستفيد داخل الاقتصاد السعودي. عليه، تجد أنك عندما تبحث في الموقع عن المرشحين تكتشف ملاءمة عدد كبير من المرشحين الأجانب بشكل يفوق بعدة مرات عدد المرشحين من السعوديين، حتى وإن كان شرط الوظيفة أن يتقدم لها مواطنون فقط.
بعد أن تمل من هذه المواقع لعدم قدرتها على توفير المطلوب، تعود للقاعدة الأولى، وهي الإعلان بالوسائل التقليدية، سواء الصحافة أو المواقع الإلكترونية، وهي تقدم الفرصة لمن تصله المعلومة، وقد يكون هذا بعيدا عن المثالية. إشكالية تكلفة البحث هذه تجعل الفرص محدودة وتعيد الموقع لرفع أسعاره ليحاول البقاء في المنافسة.
مع الهروب الذي تمارسه شركات ومؤسسات السوق من حالة عدم اليقين الناتجة عن البحث من خلال مواقع التوظيف، يأتي أسلوب جديد يعد ضارا بالفرص الوظيفية، لكنه جاذب لمن يبحث عن الوظيفة بحكم الحاجة. عندما يقرر مكتب التوظيف أن يشرط على المتقدم أن يدفع له راتب الشهر الأول، نكون قد دخلنا في مرحلة خطرة شعارها استغلال المحتاجين للوظائف وإدخال الفساد ضمن منظومة التوظيف الإلكتروني.

إنشرها