FINANCIAL TIMES

الصين .. ضريبة العقارات تصطدم بالخوف من تصفية الأملاك

الصين .. ضريبة العقارات تصطدم بالخوف من تصفية الأملاك

بعد عقدين على خصخصة سوق الإسكان في الصين، تتحرك الحكومة بحذر نحو تطبيق ضريبة على الأملاك لفرض النظام والتصدي لزيادة حادة في الديون من المحتمل أن تتسبب في زعزعة الاستقرار.
وهذا أمر مفهوم؛ لأن أكثر من خُمس المستثمرين في القطاع العقاري قالوا، بحسب نتيجة دراسة أجراها قسم الأبحاث الخاصة في "فاينانشيال تايمز"، إنهم سينظرون في مسألة البيع في حال تم فرض ضرائب.
وأظهرت الدراسة التي أجريت على ألفين من المستهلكين في المناطق الحضرية، أن 56.5 في المائة من المشاركين قالوا إن واحدا على الأقل من العقارات التي يملكونها خال، وإنهم سيفكرون في تأجير ممتلكاتهم غير المأهولة، بينما قال 22.1 في المائة إنهم سيدفعون الضريبة والإبقاء على عقاراتهم خالية.
وقال 21.4 في المائة إنهم سيبيعون أملاكهم في حال تم فرض ضريبة. وارتفعت هذه النسبة بين سكان مدن الدرجة الأولى، في حين أشار عدد أكبر من المستثمرين في المدن الصغيرة إلى أنهم يفضلون دفع الضريبة وإبقاء عقاراتهم خالية.
وحتى بعد سنوات من التباطؤ، لا تزال السلطات مترددة. كانت هناك تكهنات بأن صياغة القانون الخاص بالضريبة يمكن أن تتم في وقت مبكر من هذا العام. وتضمن تقرير رئيس الوزراء، لي كيكيانق، الخاص بأعمال 2018، وهو بيان عام عن نوايا السياسات، أن الحكومة سوف "تطور بشكل حصيف تشريعا حول ضريبة العقارات"، لكن هذا الأمر لا يعتبر أولوية تشريعية لمؤتمر الشعب الوطني، الهيئة المكلفة بوضع السياسة الضريبية، ربما بسبب الخوف من تأثيرها في الاقتصاد.
الضريبة التي يمكن أن تستند إلى القيمة التقديرية للعقارات، تعتبر حلا للحوافز المنحرفة التي تقوم عليها أسواق الإسكان الصينية، لكن الحكومة حساسة تجاه مخاطر موجات البيع الكبيرة. وحذر واحد على الأقل من المعلقين الماليين من أن الضريبة ستتسبب في "لحظة مينسكي" – حين يؤدي حماس المستثمرين إلى هبوط حاد ومفاجئ في أسعار الأصول – وهذا ما حذر منه تشو شياو تشوان، المحافظ السابق للمصرف المركزي الصيني، خلال آخر شهر في منصبه.
نظريا، ستعمل ضريبة العقارات على تحييد بعض المضاربات، التي رفعت الأسعار بشكل حاد في كثير من المدن، من خلال رفع تكلفة امتلاك مسكن غير مأهول. مع وجود خيارات استثمارية محدودة وحساب رأسمالي مغلق، لا يزال انجذاب الصينيين للإسكان باعتباره مخزنا للقيمة قويا. ومنذ نهاية عام 2015، عندما خففت الحكومة القيود المفروضة على الشراء لدعم النمو الاقتصادي، ارتفعت ملكية المنازل. وقال 35.7 في المائة من المشاركين في الدراسة الذين يعيشون في مدن الدرجة الأولى، إن أسرهم تملك أكثر من عقار.
ونحو 70 في المائة من الأسر لا تزال تعتقد أن الأسعار ستستمر في الارتفاع، على الرغم من أن الحكومات المحلية أمضت 18 شهراً في فرض قيود أشد على الشراء لتهدئة التوقعات.
ورصدت بيانات "فاينانشيال تايمز" زيادة تدريجية في العقارات الخالية في المدن من مختلف الدرجات منذ نهاية عام 2015. ومن بين أصحاب الأملاك الذين شملهم استطلاع قسم البحوث الخاصة، قال 35.1 في المائة إنهم يملكون عقارا واحدا خاليا على الأقل، وترتفع النسبة إلى 40.6 في المائة بين سكان مدن الدرجة الأولى، التي ارتفعت فيها الأسعار بشكل سريع.
ويقدر "المسح المالي للأسر في الصين" الذي تجريه جامعة التمويل والاقتصاد الجنوبية الغربية في تشينجدو، أن هناك 50 مليون وحدة سكنية فارغة.
وترى الحكومة أن الضريبة قد تساعد على نمو سوق تأجير المساكن في القطاع الخاص؛ لأن بعض المستثمرين يرون أن الحصول على مستأجرين لتعويض الضريبة يعتبر بديلا للبيع. ولم تتمكن سوق تأجير المساكن في الصين من مواكبة أسعار المنازل. وتوقعت شركة الأبحاث العقارية E-house China R&D Institute في نهاية العام الماضي أن يبلغ متوسط العائدات في 50 مدينة صينية 2.6 في المائة فقط، مقابل 3 في المائة في لندن، و4.7 في المائة في نيويورك، و4.3 في المائة في طوكيو. وقدرت "سنتالاين"، وهي وكالة عقارية، متوسط عائدت أقل من 2 في المائة في مدن الدرجة الأولى في الصين، حيث يفترض للطلب على مساكن الإيجار أن يكون قويا.
إضافة إلى ذلك، المنازل الخالية في الصين عادة ما تكون غير كاملة وتأجيرها يحتاج إلى تكاليف تجديد عالية. وأصحاب العقارات، خصوصاً في المدن الصغيرة، ربما يكونون مترددين في التأجير طالما أن أسعار المنازل مستمرة في الارتفاع.
يقول دو تشينق، أحد سكان ووهان: "سوف تكون الشقق التي امتلكها مخزنا للقيمة. لن أبيعها بسبب الضرائب التي هي جزء من القيمة التي تحققها العقارات". وهو يمتلك أربع شقق في مدينة ارتفعت فيها الأسعار رسمياً 50 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية.
وفرضت مدينتا شنغهاي وتشونغتشينغ ضريبة على العقارات عام 2011 تراوح بين 0.4 في المائة إلى 1.2 في المائة سنويا، استنادا إلى مجموعة من الشروط من ضمنها الحجم، والقيمة، وحالة صاحب العقار، الأمر الذي ضيق القاعدة الضريبية بشكل حاد. والنتيجة أن 3.5 في المائة من إيرادات الضرائب في شنغهاي و2.9 في المائة من إيرادات الضرائب في تشونغتشينغ في العام الماضي جاءت من الضرائب على الأملاك. في المقابل، بلغ متوسط ضرائب الأملاك في سنغافورة 7.3 في المائة من إجمالي إيرادات الضرائب خلال العقد الماضي.
وقال 40 في المائة فقط من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة إنهم "يوافقون" أو "يوافقون بشدة" على ضرورة تطبيق الضريبة على جميع العقارات، بغض النظر عما إذا كانت فارغة أو مأهولة، في حين قال 72.5 في المائة إن الفئات ذات الدخل المنخفض ينبغي إعفاؤها. ويبدو أن مقاومة الضريبة قوية في المدن الأصغر من الدرجة الثالثة التي شهدت في وقت لاحق من هذه الدورة ارتفاعا في الأسعار ونسبة التملك أكثر مما شهدته الأسواق الأكثر تطوراً في بكين وشنغهاي. وردا على سؤال حول ما إذا كان يجب فرض الضريبة على الذين يشترون منازل بغرض الاستثمار، أجاب 67.5 في المائة من المقيمين في مدن الدرجة الأولى بـ "أوافق" أو "أوافق بشدة"، مقابل 56.9 في المائة من المقيمين في مدن الدرجة الثالثة.
وعلى الرغم من أن صياغة التشريع ستتم في المركز، من المحتمل أن يتم منح الحكومات المحلية قدرا كبيرا من المرونة في فرض الضرائب. من الناحية النظرية قد تقدم الضرائب العقارية مصدراً ثابتا من الدخل للحكومات المحلية، بدلا من الاعتماد على مبيعات الأراضي المتضائلة والتحويلات غير الكافية من بكين.
لكن مع وجود بعض الأسواق المتضخمة أكثر من غيرها، سيكون التطبيق تدريجيا وعلى مهل وغير كاف إلى حد كبير على المدى القصير لسد الفجوة المالية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES