Author

مزايا لتعزيز استقطاب رأس المال الأجنبي

|

برنامج تطوير القطاع المالي 2020، تضمن محاور كثيرة، لعل أبرزها تطوير السوق المالية من حيث حجم السوق سواء من جانب عدد المصدرين أو من جانب نوعية الإصدارات، حيث التنوع في المنافذ الاستثمارية هو خيار أساس تم اعتماده في البرنامج، فالسوق ستزيد من نوعية الأوراق المالية المتداولة، حيث تتضمن إلى جانب الأسهم أنواعا من المشتقات، كما سيتم تطوير سوق أدوات الدين، في هذا الجانب فإن البرنامج يستهدف الوصول إلى حجم سوق أدوات الدين إلى 550 مليار ريال، بما يعني رفعها بنسبة 120 في المائة، بقيمة تتجاوز 301 مليار ريال، حيث تبلغ السوق حاليا نحو 249 مليار ريال.
خلاصة القول في هذا أن السوق المالية أمام تحد كبير من جانب السيولة المتوافرة فيها لتغطية كل هذا التنوع غير المسبوق، ولهذا فإن البرنامج قد استهدف رفع نسبة ملكية المستثمرين الأجانب من إجمالي القيمة السوقية المالية من 5 في المائة حاليا إلى 15 في المائة أو أكثر بحلول 2020، وهذا يعني رفع حصص الأجانب في الأسهم بنسبة 200 في المائة. لكن يبقى السؤال كيف يمكن جذب الاستثمار الأجنبي للسوق المالية السعودية في ظل منافسة عالمية على رأس المال.
الإجابة عن السؤال ليست سهلة، لكن المملكة تتمتع بكثير من المزايا، أهمها الاستقرار السياسي والاجتماعي والقوة الاقتصادية التي تمكنها من توفير النقد الأجنبي لأغراض التحويلات بسهولة ودون عناء أو قيود، الأمر الثاني وجود نظام مالي قوي ومستقر قادر على توفير تبادلات وتحويلات مالية سريعة وعند مستويات من الثقة العالية وتعزيزا لهذا فقد استهدف برنامج تطوير القطاع المالي رفع أصول القطاع المالي بنسبة 34 في المائة، بقيمة 1.6 تريليون ريال. فمثل هذا التوسع هو الأساس الذي يمكن البناء عليه من أجل تنمية السوق المالية وتعزيز الاستقرار فيها والتنوع، إذا رأس المال الأجنبي يشتري الأمان والاستقرار مع العوائد أيضا، كما أن سرعة إنجاز المعاملات والتحويلات توفر السيولة تعني الكثير أمام مؤسسات الاستثمار العالمية.
من المزايا المهمة التي تراهن عليها السوق المالية التنوع في المنتجات الاستثمارية مع عوائد تتسم بمخاطر منخفضة، لهذا فإن سندات الدين الحكومي من أكثر الأوراق المالية جاذبية مع أمرين معا الأول الشفافية العالية التي انتهجتها وزارة المالية والثاني العوائد السنوية التي تراوح بين 2.7 في المائة و3.85 في المائة كما جاء في تقرير لوحدة التقارير في "الاقتصادية". ومن المزايا المهمة التي تعزز فرص الفوز برأس المال الأجنبي إمكانية تداول الصكوك والسندات في السوق عن طريق شركات الوساطة المالية المرخص لها، وباستخدام المحافظ الاستثمارية نفسها المستخدمة لتداول الأسهم، وهذا يمكن من الكثير من القضايا لعل أهمها تقلبات السوق وتصرفاتها وانعكاساتها على الأسعار وأيضا سهولة إرسال الأوامر، وتنفيذ الصفقات، والمقاصة والتسوية. وقد أسبقت هيئة السوق المالية برنامج تطوير القطاع المالي من خلال تعديلات مهمة في توقيت المقاصة من T+0 إلى T+2 وهو ما يمكن المؤسسات الأجنبية من التعامل مع السوق المالية وتحويل الأموال بسهولة مع مخاطر أقل وضمانات أعلى لتنفيذ الصفقات، كما سمحت هيئة السوق المالية السعودية للمستثمرين المؤهلين من المؤسسات الدولية بشراء الأسهم المحلية مباشرة، فيما كانت سابقا تقتصر استثماراتهم على "اتفاقيات المبادلة" فقط، ومن المزايا المهمة في السوق المالية التي تعزز فرصها في الفوز بمزيد من رأس المال الأجنبي مبادرة تخصيص الخدمات الحكومية، وهي فرصة كبيرة جدا سيتم التنافس عليها بشدة.
لكن تبقى هناك بعض القضايا المهمة من بينها العوائد الموزعة في السوق، فإذا كانت سوق أدوات الدين قد وجدت فرصتها وقوتها من جانب دخول سندات الدين الحكومة ذات العوائد الثابتة والمضمونة على هيئة السوق المالية القيام بخطوات أهم لتعزيز العوائد في سوق الأسهم من خلال متابعة الشركات وتعزيز فرص توزيعات الأسهم، والتخلي عن التحفظ في التوزيعات، إذ إن التوزيعات النقدية هي غذاء السوق المالية التي تمكنها من تجديد دمائها وتعزيز الاستثمارات فيها.

إنشرها