Author

هل من المحتمل ارتفاع أسعار النفط؟

|

في الأسبوع الماضي تجاوز سعر نفط خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت 71 و77 دولارا للبرميل على التوالي وللمرة الأولى منذ أواخر 2014. وتواصل أسعار النفط الارتفاع إلى أعلى، مدفوعة بالطلب القوي وانخفاض المخزونات. لكن التطورات الجيوسياسية دعمت الأسعار في الآونة الأخيرة، مع خطر انقطاع الإمدادات يلوح في الأفق في الأسابيع القليلة المقبلة.
في الأسبوع الماضي انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني. ويمكن لعودة العقوبات أن تخرج ما بين 400 ألف و500 ألف برميل يوميا من المعروض الإيراني من السوق، وهو حجم كبير من شأنه أن يعرض سوق النفط لخطر نقص الإمدادات.
أسواق النفط هي بالفعل الآن في حالة عجز جزئي بين العرض والطلب. وفقا لوكالة الطاقة الدولية، انخفضت مخزونات النفط العالمية بمقدار 26 مليون برميل في شباط (فبراير)، وهو تراجع أكبر من المتوقع. وهذا يضع إجمالي المخزون 30 مليون برميل فقط فوق متوسط السنوات الخمس، ما يعني أننا اقتربنا من الوصول إلى هدف منظمة أوبك وحلفائها في تحقيق توازن في السوق وسحب المخزون الفائض.
ويظهر تقرير أسواق النفط الأخير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية أنه إذا استمر إنتاج "أوبك" ثابتا هذا العام، وإذا ظلت توقعات الوكالة للإنتاج من خارج "أوبك" والطلب على النفط دون تغيير، فقد يتراجع المخزون العالمي من الربع الثاني من عام 2008 إلى الربع الرابع بمقدار 0.6 مليون برميل في اليوم. ومع توقع تشدد الأسواق، من المحتمل أنه عندما تنشر وكالة الطاقة الدولية بيانات مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الشهر أو الشهرين المقبلين، فستصل إلى أقل من هدف متوسط السنوات الخمس أو قد تنخفض دونه.
في سياق الانقطاعات المحتملة من إيران يجدر التأكيد على استنتاج وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري لشهر نيسان (أبريل). وتوقعت الوكالة أن تنخفض المخزونات بمعدل 0.6 مليون برميل في اليوم، وهو ما يعني أن السوق تعاني بالفعل عجزا في العرض، وسيستمر في تجفيف المخزونات. هذه التوقعات كانت قبل أي انقطاع محتمل من إيران. إن خسارة بضع مئات الآلاف من البراميل يوميا من إيران ستجعل هذا العجز أكبر، ما يؤدي إلى معدل أسرع في السحب من المخزونات العالمية.
إضافة إلى هذه المخاوف، هناك اضطرابات العرض في فنزويلا. من المرجح أن أسواق النفط قد أخذت بالفعل بنظر الاعتبار خسائر كبيرة في الإمدادات من فنزويلا، حيث توقع معظم المحللين انخفاضات بمقدار مئات الآلاف من البراميل يوميا بنهاية هذا العام. وقد انخفض إنتاجها بالفعل إلى نحو 1.4 إلى 1.5 مليون برميل في اليوم، أي: ما يعادل نحو 600 ألف إلى 700 ألف برميل في اليوم مقارنة بمستويات عام 2016. يمكن أن ينخفض إنتاج فنزويلا إلى ما يقارب مليون برميل في اليوم بحلول نهاية العام، على الرغم من أن الخطر على هذا التقدير يقع على الجانب الهبوطي.
هناك سلسلة من التحديات المحتملة التي تواجه فنزويلا ويمكن أن تسرع من انخفاض إنتاجها. إن التخلف عن سداد الديون بالكامل، العقوبات الأمريكية، ومصادرة الأصول من الدائنين هي ثلاثة سيناريوهات رهيبة في هذه المرحلة، وتبدو في الواقع محتملة إلى حد كبير. حيث كشفت الولايات المتحدة النقاب قبل أسبوعين عن عقوبات جديدة على فنزويلا، قبل الانتخابات الرئاسية في 20 أيار (مايو). يتوقع معظم المحللين أن تنجح إدارة الرئيس ترمب في اتخاذ إجراءات أكثر قسوة حتى بعد إجراء التصويت المقرر في نهاية هذا الأسبوع.
في الأسبوع قبل الماضي، ذكرت وكالة رويترز أن شركة كونوكو فيليبس تتحرك للاستيلاء على بعض الأصول الواقعة في منطقة البحر الكاريبي من شركة النفط الوطنية الفنزولية PDVSA، حيث فازت شركة كونوكو فيليبس بحكم تحكيم دولي منذ ثلاثة أسابيع وهي الآن تطالب شركة النفط الوطنية الفنزويلية بمنشآت في جزر كوراكاو، بونير وسانت أوستاتيوس وهي منشآت تشكل نحو ربع صادرات فنزويلا النفطية في العام الماضي.
في وقت كتابة هذه المقالة، لا تزال آثار مصادرة الأصول المحتملة غير معروفة، ولكن هذه المنشآت ضرورية لفنزويلا حيث إنها تلعب أدوارا رئيسة في معالجة، تخزين ومزج النفط الثقيل لشركة النفط الوطنية. وأشارت بعض المصادر إلى أن أمر الحجز الذي أصدرته المحكمة يشكل كارثة بالنسبة لشركة النفط الوطنية الفنزويلية (PDVSA) لأنها لا تستطيع الأمتثال لحجم الصادرات التي التزمت بها، مشيرة إلى أن جزءا كبيرا من هذه الصادرات قد يكون في خطر. وكلما ازدادت مدفوعات الديون التي لم يتم تسديدها في موعدها، زاد احتمال قيام الدائنين بالبدء في الاستيلاء على الأصول. إن إنتاج وصادرات فنزويلا من النفط تنخفض بالفعل بمعدل سريع، لكن الخسائر يمكن أن تتسارع بسبب إجراءات الدائنين.
الأسبوع الماضي كان محوريا لأسواق النفط العالمية، حيث تجددت العقوبات على إيران. وفي الوقت نفسه، كان إنتاج فنزويلا من النفط يتناقص وهشا بالفعل، ولكن واقعا أكثر كارثيا بدأ في الظهور. تشير هذه الأحداث التي تقع على خلفية أسواق نفط أكثر تشددا إلى احتمالية كبيرة لارتفاع الأسعار خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

إنشرها