Author

دور القطاع المالي في دعم النمو الاقتصادي

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا

تقترح النظرية الاقتصادية أن وجود نظام مالي كفؤ أكثر تنوعا وتعمقا، مطلب مهم للنمو الاقتصادي. ذلك أن النمو الاقتصادي لا يتحقق دون إنتاج للسلع والخدمات ينمو مع الوقت. والنظام المالي وسيط يسهل عبور رأس المال إلى المنتجين، بما يساعدهم على النمو، فنمو الاقتصاد. ومن ثم فتطور النظام المالي يسهم في كفاءة الوساطة المالية. وقد أثبتت دراسات تطبيقية كثيرة هذا الكلام.

كيف؟
تطور النظام المالي يسهم في خفض تكاليف المعلومات والصفقات والمراقبة والمتابعة. ومن جهة أخرى، يسهم النظام المالي العصري في تحفيز الاستثمار عبر التعرف على فرص الأعمال وتمويلها. وعلى تحريك الادخار ومراقبة أداء المديرين. والنتيجة من كل ذلك تحسين كفاءة تخصيص الموارد، في بيئة تتميز بالتسارع في تراكم رؤوس الأموال البشرية والمادية، وبالتسارع في التطور التقني. وكل هذه بدورها تسهم في دعم نمو الاقتصاد.
وهناك قناعة بأن الاستقرار الاقتصادي الكلي مهم جدا لنمو خدمات قطاع المال. ويسهم في تطور منشآت أكثر شفافية وفي تطوير قوانين أكثر جودة لنشاط القطاع المالي. وهذا يتطلب ضمن ما يتطلب قواعد وتنظيمات حكومية تأخذ احتياطات للمخاطر وخلافها، ويتطلب حقوقا ائتمانية وتطبيقا قانونيا فعالا.
ويعرف القراء أن الدولة أقرت برنامج تطوير القطاع المالي. والجهات المسؤولة عن تنفيذه تتركز في ثلاث: وزارة المالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية. ذلك أن أهم عناصر النظام المالي ثلاثة: المصارف وسوق المال وسوق السندات.
أهداف البرنامج تنصب على معالجة خمس نقاط ضعف في القطاع والنشاط المالي. وللتوضيح، فهذا الضعف ليس مطلقا، ولكنه مقارنة بأهداف "الرؤية" العالية الطموح.
1. مستوى التغطية للخدمات المالية غير الشامل، حيث هناك وظائف وخدمات كثيرة ناقصة أو غير متاحة أصلا.
2. مصادر التمويل المحدودة.
3. نسبة الادخار المنخفضة.
4. بنية القطاع المالي التحتية التقنية التي بحاجة إلى تطوير.
5. الثقافة المالية الضعيفة نسبيا.
ومن ثم يستهدف البرنامج تنوعا واستقرارا وشمولية وتعميقا للقطاع المالي، مع تحول رقمي أعلى من المستوى القائم. وتحقيق ذلك، يسهم في تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير السوق المالية، وتعزيز التخطيط المالي للأفراد والأسر والمنشآت.
وهنا نقاط تساعد على تحقيق أهداف البرنامج:
1. مما يساعد على زيادة الادخار، تحفيز المصارف على تسويق وبيع منتجات ادخارية أفضل من الموجود. ومنح حوافز للمدخرين يساعد على تحقيق هذا الهدف. مثلا، يقترح منح المدخرين وأصحاب الحسابات الجارية جزءا من أرباح الحسابات الجارية وفق ضوابط واشتراطات.
2. توسيع خدمات برنامج كفالة، مع ربط ذلك ولو جزئيا بحوافز من أسسها قواعد ومعايير تدل على جودة أعلى في إدارة المال وادخاره. والمقابل إعطاء مكافآت عبر خفض أو تعويض أو تحمل بعض فوائد أو أرباح التمويل.
3. منح المصارف درجات تشجيعية بحسب تحقيقها لأهداف تمويلية ذات أولوية تنموية.
4. ملاحظة تركز معظم النشاط المصرفي في ثلاثة أو أربعة مصارف. وأرى دعم سياسات تخفف من هذا التركز. وأرى أن على رأس هذه السياسات تشجيع فتح مصارف وطنية جديدة. حيث إن عددها قليل مقارنة بحجم الدولة والاقتصاد.
5. أخيرا، لا أتوقع نجاحا قويا لبرامج ادخار اختيارية، نظرا لثقافة المجتمع غير الادخارية العميقة، التي يصعب تغييرها تطوعيا. وفي هذا سبق أن طرحت فكرة برنامج ادخار للإسكان في حكم الإجباري، ضمن أكثر من مقال، وهذا عنوان أحدها: "تمويل الإسكان: مقترحات لحلحلة المشكلة" منشور في هذه الصحيفة في 9 نيسان (أبريل) 2017، والخلاصة دعوة لإنشاء صندوق ادخاري استثماري للإسكان، عن طريق الاشتراك لسنوات عديدة وتحت ضوابط، بما يشبه نظام التقاعد، من ثلاثة أطراف. الأول الموظف في الحكومة أو في القطاع الخاص، بأن يقتطع من راتبه 2.5 في المائة "أو أكثر"، والثاني صاحب العمل و/أو صندوق الموارد البشرية يسهم بنسبة ما، والثالث الحكومة تسهم بنسبة أو دعم ما. وتضاف أرباح هذه المدخرات. والنتيجة توفير جزء معتبر مما يسمى الدفعة المقدمة، وهذا يسهل تملك المساكن، ويخفف عن الناس عبء الأقساط.

إنشرها