Author

الجامعة منارة

|

أظنني كتبت فيما مضى عن هذا الموضوع، لكنني أعود لأتناوله في فترة الاختبارات التي لا غنى فيها للطلبة عن المكتبة، سواء كانوا يبحثون عن المعلومات أو يبحثون عن الهدوء الذي يعينهم على الاستيعاب والتركيز في مسار المادة التي سيواجهون أسئلتها في الامتحانات.
لعل الهم الأول هنا، هو الجامعة ومهمتها ودورها في تركيبة المجتمع. الجامعات منارات علمية ويجب أن تبقى كذلك، هي المؤثرة في الفكر والتوجه المجتمعي، هي الداعمة لنشر الثقافة والوعي والفهم العام لعملية التعلم والبحث والتميز. كلما كان للجامعة دور أكبر في الحياة، كان من الواجب أن نحترمها وندعم تطويرها. أذكر أنني عندما درست في الولايات المتحدة عشت في مدينة جينزفيل، وهي مدينة تقوم على جامعة هي الأكبر في فلوريدا، هي جامعة فلوريدا. سكان المدينة لا يتجاوزون 100 ألف، منهم 40 ألفا يرتادون تلك الجامعة.
عندما تكون الجامعة محور الحياة وأساس تكوين المدينة، هي في الواقع مسؤولة عن تطوير المنظور والمفاهيم العامة وعليها أن تسهم بكل حيوية في المجتمع إحياء وتعاونا وتثقيفا وترسيخا لكل مفاهيم الرقي والحضارة. أمر يجب أن تبحث فيه كل جامعاتنا، فأين هي من الدور المجتمعي الذي نتمناه من الجامعة؟.
أتحدث عن جزئية المكتبة، وهي جزئية بسيطة في العملية التفاعلية للجامعة مع المجتمع الذي تعيش فيه. كون المكتبة مفتوحة لكل السكان، وموقعا لتبادل الفكر والبحث والدراسة، وقيامها بدور أكبر في المجتمع، سواء من ناحية الترحيب بالمرتادين أو جلب مزيد من الرواد، من خلال الجوائز العلمية والمنافسات الثقافية والنشر العام لقيم القراءة والبحث والتعلم، سواء لمن دونها في المستوى العلمي، كالمدارس، أو من يجاورها في المكان من المكونات الرسمية وغير الرسمية. هذه الجزئية هي من أهم وأسهل عوامل الجذب للمجتمع المحيط بالجامعة. هي الوسيلة الأهم لتكون الجامعة منارة للعلم ومرجعا يرحب بكل الناس.
عندما أشاهد حال المكتبات العامة، من ضمنها مكتبات الجامعات، أشعر أننا بحاجة لإعادة الروح لهذه المواقع المهمة والأساسية في حياة وتطور ونمو الفكر. هي دعوة لكل الجامعات لتعيد بناء العلاقة مع المجتمع. قد تكون المكتبة في مقدمة من يقوم بهذا الدور، وللجامعة الدفع بمزيد من طرق الجذب، وهي قادرة على ذلك.

إنشرها