الطاقة- النفط

«بتروليوم إيكونوميست»: المنتجون تجاوزوا دورة صعبة في تاريخ سوق النفط

 «بتروليوم إيكونوميست»: المنتجون تجاوزوا دورة صعبة في تاريخ سوق النفط

قال تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي "إن منظمة "أوبك" دشنت دورة اقتصادية جديدة تتجاوز كل سلبيات السنوات الثلاث الماضية بدءا من ضعف الأسعار، مرورا بارتفاع المخزونات، وانتهاء بوفرة المعروض".
وأضاف أن "منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" نجحت بالتعاون مع شركائها المستقلين في تخليص السوق من حالة وفرة المعروض النفطي، وعلى الرغم من النجاحات الحالية فإن المنتجين يواصلون تقليص المعروض وتعزيز استراتيجية دعم الأسعار"، مشيرا إلى أن هذه التطورات الإيجابية يجب أن تجعل السوق حذرة من احتمال تكرار الدورات الاقتصادية الصعبة السابقة.
وطالب التقرير بضرورة استيعاب الدروس من تجربة السنوات الماضية التي شهدت انخفاضات سعرية لفترة طويلة وألا يتم نسيان هذا الأمر خاصة مع بلوغ خام برنت مستوى أعلى من 77 دولارا للبرميل، لافتا إلى أن الجوانب النفسية في السوق تبدلت حاليا بشكل كامل مع تجاوز دورة صعبة في تاريخ سوق النفط.
وبحسب التقرير فإن تغيرات جوهرية حدثت في الرؤى بخصوص وضع السوق النفطية، حيث كانت هناك تصورات خاطئة سابقة بأن السوق دخلت في مرحلة الوفرة اللا منتهية من إمدادات النفط، مشيرا إلى أن هذا التصور تراجع وتبدل بشكل كامل حاليا.
وذكر التقرير أن هناك حاليا حالة من القلق في السوق من احتمال أن الإنتاج النفطي ربما سيكون غير كافٍ لتلبية الطلب المتسارع على النفط الخام في المستقبل.
وأعرب التقرير عن أمله في أن مرحلة ارتفاع الأسعار وانتعاش وتسارع الاستثمار الحالية لا تؤدى إلى زرع بذور الانكماش في السوق في مراحل تالية، لافتا إلى زيادة أنشطة المضاربة في العقود الآجلة للنفط الخام، بحسب بيانات السوق عن شهر نيسان (أبريل) الماضي.
ويضيف التقرير أن "سوق النفط الخام بالفعل على أعتاب الوصول إلى توازن كامل بين العرض والطلب"، مشيرا إلى أنه وفق تقديرات بعض المؤسسات المالية الدولية فإن التوازن قد تحقق بالفعل، لافتا إلى أن الاستمرار في تضييق المعروض النفطي في السوق بفعل سياسات المنتجين الحالية يجعل العوامل الجيوسياسية أكثر تأثيرا ووقعا في السوق.
في سياق متصل، توقع محللون نفطيون أن تسيطر حالة من التقلبات السعرية على سوق النفط الخام خلال الأسبوع الحالي بعد أن اختتم الأسبوع الماضي على تراجع محدود مع مكسب أسبوعي بلغ 1.2 في المائة للخام الأمريكي.
ويرى المحللون أن السوق ستظل متأثرة بتداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق الدولي الخاص بالبرنامج النووي الإيراني مع ترقب تأثير عودة العقوبات الاقتصادية على الصادرات النفطية الإيرانية، إلا أن التوجه الأمريكي يلقى مقاومة من دول الاتحاد الأوروبي التي تحاول الحفاظ على الاتفاق.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، ديفيد ليديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، "إن أسعار النفط الخام تحلق حول أعلى مستوى في ثلاث سنوات وإن هذه الارتفاعات القياسية مرشحة لمزيد من الاستمرار في الصعود في ظل استعداد وتأهب سوق النفط لخفض الصادرات الإيرانية مع بدء تنفيذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق الدولي الذي تم التوصل إليه في عام 2015".
وأضاف ليديسما أن "عددا من المؤسسات والمصارف الدولية وعلى رأسها "بنك أوف أمريكا" ترجح أن يكسر سعر النفط الخام حاجز مائة دولار للبرميل في العام المقبل، وذلك في ضوء المعطيات والتطورات الحالية في سوق النفط التي تشهد مزيدا من النمو المتصل في الطلب في مقابل انكماشات متتالية في المعروض النفطي".
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، أن السعودية كقائد مهم ومحوري للسوق النفطية تعهدت بتخفيف آثار العقوبات الأمريكية على إيران في السوق النفطية من خلال تعويض النقص المتوقع في الإمدادات، معتبرا ذلك ربما يكون مؤشرا على احتمال وقف المنتجين، للعمل باتفاق خفض الإنتاج في دول "أوبك" وخارجها بحلول نهاية الاتفاق في آخر العام الحالي.
وأشار موريس إلى أن الولايات المتحدة التي سبق أن اتهمت "أوبك" قبل شهر باصطناع أسعار مرتفعة للنفط عادت لتكون هي السبب الرئيسي وراء ربما موجة جديدة من الارتفاعات السعرية القياسية المترتبة على إعادة فرض العقوبات على إيران في أعقاب الانسحاب من من الاتفاق الدولي النووي.
من ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، جولميرا رزايفا كبير الباحثين في المركز الاستراتيجي لدراسات الطاقة في أذربيجان، "إن السوق قد تشهد بعض التقلبات السعرية خلال الأسبوع الحالي بفعل المحاولات الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي".
ولفتت رزايفا إلى أن الدور السعودي سيكون أكثر تأثيرا في السوق في الفترة المقبلة لاحتواء تداعيات العوامل الجيوسياسية وتعويض النقص الواسع المتوقع في إمدادات النفط الإيراني في ضوء توقع عودة العقوبات الاقتصادية.
وأشارت رزايفا إلى أن الإنتاج الأمريكي يحاول أيضا تعويض هذا النقص الواسع، منوهة بارتفاع الإنتاج الأمريكي إلى مستوى قياسي في الأسبوع الماضي حيث كسر مستوى قياسيا جديدا بلغ 10.70 مليون برميل يوميا، متوقعة استمرار التنسيق والتعاون السعودي الروسي للتعامل مع التحديات الراهنة وحماية السوق من التقلبات وزيادة جهود تحقيق التوازن والاستقرار.
وكانت أسعار النفط قد انخفضت في ختام الأسبوع الماضي، متراجعة عن مكاسبها الأولية، بينما بدا من المرجح أن حلفاء الولايات المتحدة سيحثون على الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما قد يبقي إمدادات الخام الإيراني إلى الأسواق العالمية.
وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 50 في المائة خلال عام متغاضية عن ارتفاع الإنتاج الأمريكي للنفط للأعلى له على الإطلاق عند 10.70 مليون برميل يومياً، ليقترب من مستويات إنتاج روسيا أكبر منتج للنفط عالمياً عند 11.0 مليون برميل يومياً، وذلك في ظلال الإضرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط ووسط فعاليات اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي من قبل منظمة أوبك وحلفائها المنتجين من خارجها وعلى رأسهم روسيا بواقع 1.8 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام الجاري 2018.
وفي دلالة أخرى على أن الإمدادات العالمية قد تواصل الارتفاع، أظهرت بيانات أن عدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة زاد بمقدار عشرة حفارات هذا الأسبوع.
وبحسب "رويترز"، فإنه على الرغم من انخفاضها، إلا أن أسعار الخام تبقى قرب أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات ونصف، وأنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 35 سنتا إلى 77.12 دولار للبرميل غير بعيدة عن مستوى 78 دولارا الذي سجلته يوم الخميس، وهو أعلى مستوى لها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وأنهت عقود برنت الأسبوع على مكاسب قدرها 2.8 في المائة.
وانخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 66 سنتا لتبلغ عند التسوية 70.70 دولار للبرميل مقارنة بأعلى مستوى لها في ثلاث سنوات ونصف البالغ 71.89 دولار الذي سجلته في جلسة الخميس، وعلى مدار الأسبوع سجل الخام الأمريكي مكاسب قدرها 1.2 في المائة.
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة ارتفعت بمقدار 89 مليار قدم مكعبة في الأسبوع المنتهي في 4 مايو الجاري لتصل إلى 1432 مليار قدم مكعبة.
يأتي الصعود في المخزونات الأمريكية من الغاز الطبيعي بأكثر من التوقعات البالغة 81 مليار قدم مكعبة في الاتجاه الصاعد خلال الفترة نفسها التي استقر فيها سعر العقود الآجلة عند 2.81 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
إلى ذلك، أضافت شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية للأسبوع السادس على التوالي مع استمرار صعود أسعار الخام إلى أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات بفعل توقعات بأن عقوبات جديدة على إيران ستحجب بعض الإمدادات عن السوق، وهو ما يعطي مزيدا من الدعم لأنشطة الحفر النفطي في أمريكا ويرفع الإنتاج إلى مستويات قياسية.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الطاقة أضافت عشرة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 11 أيار (مايو) ليصل العدد الإجمالي إلى 844 حفارا وهو الأعلى منذ آذار (مارس) 2015".
وهذه هي المرة الأولى منذ أوائل آذار (مارس) التي تضيف فيها شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية لستة أسابيع متتالية، وأكثر من نصف الحفارات النفطية موجودة في حوض بيرميان في غرب تكساس وشرق نيو مكسيكو، أكبر حقل للنفط الصخري في الولايات المتحدة، وزاد عدد الحفارات النشطة هناك بمقدار خمسة حفارات ليصل إلى 463، وهو الأعلى منذ كانون الثاني (يناير) 2015.
وتتوقع الحكومة الأمريكية أن إنتاج النفط في بيرميان سيرتفع إلى مستوى قياسي قرب 3.2 مليون برميل يوميا أو نحو 30 في المائة من مجمل إنتاج النفط الأمريكي.
وإجمالي عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 712 حفارا بينما تعمد شركات الطاقة إلى زيادة الإنتاج بالتوازي مع مساعي منظمة أوبك لخفض الإمدادات، في مسعى للاستفادة من صعود الأسعار.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يرتفع المتوسط السنوي لإنتاج النفط الأمريكي بمقدار 1.37 مليون برميل يوميا إلى مستوى قياسي قدره 10.72 مليون برميل يوميا في 2018 وإلى 11.86 مليون برميل يوميا في 2019.
ومنذ بداية العام الحالي، بلغ إجمالي عدد حفارات النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة 983 حفارا، مرتفعا بشدة من متوسط بلغ 876 حفارا في 2017، ويتجه نحو تسجيل أعلى متوسط منذ 2014 عندما بلغ 1862 حفارا، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز كليهما.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط