Author

معاناة المرأة .. بين الحاجة وتناقضات المجتمع

|

المرأة هي نصف المجتمع، فهي الأم والأخت والزوجة، وهي ثروة بشرية لا يمكن تجاهلها، سواء في تربية النشء أو المشاركة – بفاعلية – في سوق العمل. لذلك، تسعى "رؤية 2030" وبرنامج التحول الوطني إلى تمكين المرأة، وتحسين وضعها الاجتماعي، وتعزيز دورها في التنمية، خاصة مع ارتفاع معدلات تعطلها التي تتجاوز ثلث قوة العمل النسائية الوطنية 34 في المائة، وإتاحة الفرصة لها لممارسة الرياضة في المدارس والنوادي، وكذلك تسعى للحد من العنف والتحرش المتزايد، خاصة مع خروجها للعمل في الأسواق المغلقة وأعمال "الكاشيرات" في "السوبر ماركت" الكبيرة.
وعلى الرغم من هذه التغيرات الإيجابية، فإن كثيرا من النساء في المجتمع يعاني نظرة سلبية "قاصرة" وغير واقعية سائدة لدى بعض الشباب، ما يجعلها مطمعا للبعض، كذلك هو الحال في الأماكن المختلطة التي تتطلب تعامل المرأة تعاملا مباشرا مع الرجل، كالمستشفيات والمصارف والشركات وغيرها.
في بعض الأحيان تنطبق المقولة "من أمن العقوبة أساء الأدب" على السلوكيات المتوحشة، وقد لا يقتصر الأمر على التحرش اللفظي فقط بل قد يزيد على ذلك، وأقول ذلك بناء على ما سمعت عما تعرضت له إحدى العاملات التي تعمل في محل تجاري معروف، تقول إنها تعرضت للتحرش من رجل أثناء عملها، وتقول بعد هذه الحادثة إنها اضطرت – ولا ألومها – لترك العمل، وهي في أمس الحاجة إليه.
وبناء عليه، أقترح تكثيف رجال الأمن داخل الأسواق وعدم الاكتفاء باثنين أو ثلاثة، مع ضرورة تخصيص رقم هاتف أمني تستطيع من خلاله الموظفة طلب المساعدة العاجلة، كما أرى ضرورة تكثيف الكاميرات داخل المحال وأمام مداخلها، مع مراقبة كاميرات السوق، خاصة في الأوقات المتأخرة. فقد عرضت موظفة أخرى مشكلتها قائلة "عندما كنت أستعد لإغلاق المحل فوجئت بدخول رجلين في حالة غير طبيعية"، على الرغم من محاولتها منعهما من الدخول، ما اضطرها للبقاء وقتا طويلا لإقناعهما بالخروج. ومن حسن حظها أنها لم تتعرض لعنف، ولو أن احتمالية حدوثه في مثل هذه الظروف قد تكون ممكنة.
وعلى الرغم من هذه الحوادث، لا يمكن رؤية "النصف الفارغ" من الكأس فقط، فهناك أمثلة مشرقة لمحال عمل توجد فيها نساء سعوديات يقمن بأداء عملهن بمهنية عالية وفي بيئة مناسبة، ففي بعض المطاعم المعروفة تقوم النساء بتقديم الطلبات للعائلات، ما يجعل كثيرا من الزبائن من النساء يشعرن بالراحة، لأن من تقوم بخدمتهن نساء مثلهن.
ولتشجيع كثير من النساء على المشاركة في قوة العمل، وكذلك ممارسة العمل الحر، لا بد من وجود أنظمة معلنة وواضحة مع تطبيق صارم يحمي المرأة من أي شخص تسول له نفسه القيام بالتحرش أو الإساءة والتعرض لها لفظيا أو جسديا، مع التشهير إن تكرر الفعل أكثر من مرة.
وضرورة إلزام المحال والشركات بتحسين بيئة العمل، حيث تكون مكشوفة وتحت مراقبة الكاميرات للحد من المضايقات أو التحرش.
وإلى جانب ذلك، أتمنى أن تعمل مؤسسات المجتمع الدينية والاجتماعية على تغيير كثير من المفاهيم والنظرة القاصرة تجاه المرأة العاملة وتجاه العمل الشريف أيا كان نوعه من خلال نشر الوعي بين أبناء المجتمع بطرق مبتكرة في المدارس والمساجد وغيرها.

إنشرها