Author

جريمة لا تغتفر

|

يصنف المجرمون إلى فئات، ولكنني لا أجد تصنيفا لمن ينحر أبناءه، وهي ظاهرة لم تكن موجودة لدينا ولا نعرفها، بل كنا نعتقد أنها من المبالغات عندما نراها مجسدة في أفلام الغرب، وذهبنا في التفسير لهذه الظواهر البعيدة عنا لنربطها بكثير من الكوارث الاجتماعية والدينية والنفسية التي كنا ننسبها للغرب والشرق، ونربطها بالأزمات لأسباب الاختلاف الاجتماعي وأمور أخرى نظرية.
فجأة تغير الحال وبدأنا نشاهد كثيرا من المظاهر التي يمكن وصفها بالشذوذ البعيد عن الإنسانية، والتي لا يمكن حتى تفسيرها من قبل علماء النفس والاجتماع. رجل ينحر بناته وهن طفلات لم يبلغن سن فهم ما يحدث، ولا يعلمن ما اقترفنه من مصيبة تدفع به لقتلهن.
هذه المصيبة المستحدثة لا بد أن تنال حقها من الدراسة المفصلة للوصول إلى أسباب مثل هذا الأمر، لنتمكن من التخلص مما يمكن محاربته من المؤديات إلى الجريمة الشنيعة التي حدثت وما زالت تهز المجتمع بقسوتها وفساد الهدف منها والعيب الواضح فيمن ارتكبها، بل تجاوزه حدود المقبول والمعقول في مجتمع كنا دوما نصفه بالتواد والرحمة والتقارب.
قد يحاول البعض ربط أمر كهذا بالتطورات التي يعيشها العالم، والتي من ضمنها ظهرت كثير من الأمور الشاذة في أغلب دول العالم، سواء في السلوك أو التعامل أو المخالفات العجيبة لما يقبله العقل، أو ربطها بالمخدرات وغيرها مما ينتشر في أغلب دول العالم اليوم.
لا أستطيع أن أعمم أمرا كهذا، لكن وجود أكثر من حادثة خلال السنوات الأخيرة، يجعل العاقل حيران في الأسباب، وعندما صدم المجتمع بكليته من حادث اعتداء شابين على والديهما بمحاولة القتل. هؤلاء كانوا يقعون تحت تأثير مخدر عقلي برمج سلوكياتهم ولوث منطقهم ومفاهيمهم.
الوقوع تحت تأثير مخدر آخر كما انتشر في حالة الأب، أفقده القدرة على الحكم على الأمور، وجعله ضحية هو الآخر في ظل الجريمة وتحت حسرة الألم النفسي الذي يمكن أن يدفعه لجريمة أخرى ضد نفسه، لكنني لا أجزم بأن الحلول يمكن أن تأتي من مقال صغير في ركن ما، وإنما عملية توعوية وتربوية وتثقيفية وحمائية يلتزم بتنفيذها كل من له علاقة ببناء المجتمع والمحافظة على العلاقات الصحية بين كل مكوناته.

إنشرها