Author

اختبار «الهيئة»

|
تعمل هيئة التخصصات الصحية على تكوين منظومة من المحترفين المتمكنين في سوق الخدمات الطبية في كل مكونات هذا المرفق الحساس. يشكو كثير من الشباب الذين ينتظرون دورهم في الحصول على الترخيص المعتمد من أن الاختبار من أصعب الاختبارات، حتى إن كثيرا من الأطباء العاملين فعلا في القطاع الصحي لم يستطيعوا أن يتجاوزوه. هل قلت إنهم يعملون في القطاع فعلا؟ نعم.. تلك حقيقة مؤسفة يؤكدها خريجو كليات الطب والتخصصات الصحية الأخرى، حيث يعمل في القطاع الخاص عدد غير قليل ممن لم يتمكنوا من تجاوز الاختبار. يؤكد لي أحدهم أنه لو منع كل العاملين في القطاع من ممارسة العمل قبل الحصول على التزكية التي تمنحها الهيئة، فإن القطاع برمته قد يصاب بالشلل. لست ضد أن تكون إجراءات الفحص والقبول صارمة في مجال مهم كهذا، ما يقلقني فعلا هو أنه مركز على أبناء الوطن، الذي تخرجوا في جامعاته أو جامعات أخرى قبلتها وزارة التعليم واعتمدت شهاداتها، فلماذا يخصص الشباب والشابات من أبناء الوطن بهذه المقصلة، التي تروح ضحيتها سنوات الدراسة والسهر والعناء لمجرد أربع أو خمس ساعات في اختبار مهني؟ أزعم أن الجامعات السعودية لن ترضى أن يبقى خريجوها في الشوارع بعد أن أمضوا كل هذه السنين، وبذلوا جهودا كبرى لتحصيل شهاداتها، ولن تقبل أي جامعة بأن تكون سمعتها ضحية لقرار يلغي سنوات الدراسة، ويلغي الشهادة نفسها، وهي من جامعة معتمدة تحصل على ميزانيات ضخمة تخصص للبرامج الطبية والصحية. عندما قرر مَن اتخذ من الاختبار وسيلة لإيقاف طموح أي شخص يريد أن يمارس العمل الصحي في المملكة، كان عليه أن يبدأ بمن يأتون من الخارج، ليتأكد من دقة وفاعلية الاختبار الذي يراد منه وسيلة لتوظيف أفضل الكوادر. ثم إن البحث المستمر في إمكانات الجامعات ونجاح خريجيها يمكن أن يقع ضمن نطاق نتائج الاختبار، حيث نحقق التفاعل بين البرامج والاختبار المهني. هذا الاختبار يحدد مصير الخريج، لكنه لا يقدم أي معلومة عن البرنامج الأكاديمي الذي تخرج فيه، ولعل الأهم في هذه المرحلة هو ضمان الوظائف لأبناء وبنات الوطن، وتقديم الملاحظات المهمة للجهات التي يتخرجون فيها، لتحسين برامجها ورفع كفاءة مخرجاتها.
إنشرها