اتصالات وتقنية

الذكاء الاصطناعي .. طفرة اقتصادية وسلاح القراصنة

الذكاء الاصطناعي .. طفرة اقتصادية وسلاح القراصنة

مزايا ومخاطر متعددة تعتري كل تقنية جديدة تظهر للعالم، فكما حصل مع تقنية إنترنت الأشياء أثناء ظهورها للعامة بعد انتشار الساعات والنظارات والملحقات الذكية المتصلة بالإنترنت والأجهزة الأخرى، بدأ خبراء تقنية المعلومات بالصراع فيما بينهم حول فوائد ومخاطر تقنيات الذكاء الاصطناعي التي بدأت تظهر للعالم خلال السنوات الماضية، حيث يرى البعض أنها ستفتح آفاقا جديدة في مجال تطوير الأعمال والخدمات، بينما يرى آخرون أنها كأي تقنية جديدة أخرى ستأتي لتكون سلاحا في أيدي المخترقين وقراصنة الإنترنت لاستخدامها في البرمجيات الخبيثة وتطوير أساليب القرصنة إضافة إلى كونها منفذا وهدفا جديدا أمامهم.

المخاطر المتوقعة
في مقابل المزايا التقنية حذر الشريك المؤسس لشركة جوجلسيرجي برين من أن الطفرة الحالية في الذكاء الاصطناعي قد أوجدت نهضة تقنية تحتوي على عديد من التهديدات المحتملة، فكل شهر تظهر تطبيقات وتقنيات جديدة مذهلة ولكن هذه الأدوات القوية تجلب معها أيضا أسئلة ومسؤوليات جديدة.
وأكد أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد جلبت عديدا من المشاكل أيضا بداية من المخاوف التي يطرحها الخيال العلمي حتى الأسئلة الأقرب إلى الواقع مثل التحقق من أداء السيارات ذاتية القيادة، كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي في مستقبل العمل، وتحديات صنع خوارزميات غير متحيزة وشفافة، والمخاوف من أن هذه التكنولوجيا سوف تستخدم للتلاعب بالناس.
ومن المرجح أن يكون الخوف من تدمير الذكاء الاصطناعي للوظائف والتلاعب بالسياسة جزءا من أي نقاش مستقبلي مع الحاجة إلى كبح نفوذ كبرى شركات التقنية، حيث قال برين إنه متفائل بشأن إمكانية جلب التكنولوجيا لأكبر المشاكل في العالم، وأشار إلى أن العالم يسير على طريق يجب أن يتم التعامل معه بمسؤولية عميقة ورعاية وتواضع، وليس هناك مجال للتراجع.

استثمارات تتجاوز 1.2 تريليون دولار
توقعت مؤسسة جارتنر للأبحاث أن يصل إجمالي قيمة الشركات العالمية القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى 1.2 تريليون دولار في العام الجاري 2018، بزيادة نسبتها 70 في المائة عن العام الماضي 2017. كما تتوقع أن تصل قيمة الشركات القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى 3.9 تريليون دولار في عام 2022.
وتعتمد توقعات جارتنر لقيمة الشركات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على تقدير القيمة الإجمالية للذكاء الاصطناعي في جميع قطاعات المشاريع الكبرى التي تغطيها. وهناك ثلاثة مصادر مختلفة لقيمة أعمال الذكاء الاصطناعي هي تجربة العملاء والعائدات الجديدة وتقليص الكلفة.
في 2018، يقدر أن يبلغ معدل نمو استخدام الذكاء الاصطناعي 70 في المائة، ولكنه سيتباطأ وصولا إلى عام 2022، وبعد عام 2020 سينخفض معدل النمو خلال السنوات القليلة التالية.
عند تقسيم قيمة الشركات العالمية بالاعتماد على نوع الذكاء الاصطناعي، فإن أنظمة تعزيز/ دعم اتخاذ القرار كما في الشبكات العصبونية العميقة ستمثل ما نسبته 36 في المائة من قيمة قطاع الأعمال العالمية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في عام 2018. وبحلول عام 2022، فإن نمط تعزيز/ دعم اتخاذ القرار سيتجاوز كل الأنواع الأخرى من استخدامات الذكاء الاصطناعي ليصل إلى ما نسبته 44 في المائة من قيمة الأعمال العالمية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
وتتركز أهمية أنظمة أتمتة اتخاذ القرار على الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص في مهام مثل ترجمة الصوت إلى نصوص والعكس، ومعالجة الاستمارات المكتوبة بخط اليد أو الصور، وفرز أنواع أخرى من البيانات المرئية التي تعجز الأنظمة التقليدية عن التعامل معها. وبما أن البيانات غير المهيكلة والغموض هما عنصران أساسيان في عالم الشركات، فإن أنظمة أتمتة اتخاذ القرار عندما تتطور ستجلب قيمة تجارية هائلة للشركات الكبرى. حاليا تشكل أنظمة أتمتة اتخاذ القرار ما نسبته 2 في المائة فقط من قيمة الأعمال القائمة على الذكاء الاصطناعي في عام 2018، ولكنها ستنمو إلى 16 في المائة في 2022.

الذكاء الاصطناعي وتطوير المحتوى
بعد قيام كل من مايكروسوفت وفيسبوك وجوجل وغيرها من الشركات العالمية بالاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي، تغير عالم التسويق بسرعة، حيث أصبحت تقدم أساليب تسويقها مستندة إلى تخصيص الحملات وتقديم المحتوى والخبرات استنادا إلى نية المستهلك المستهدف، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي يوفر إمكانات مذهلة لجعل عملية تطوير المحتوى أكثر كفاءة، وتقدر مؤسسة جارتنر للأبحاث أن 20 في المائة من جميع محتوى الأعمال هذا العام سيتم تطويره وإنشاؤه بواسطة الآلات.
وهنا يتبين أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بعملية اتخاذ قرارات إبداعية من فترة طويلة وشاقة إلى شبه فورية، والأكثر من ذلك، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضا على إيجاد تجارب أكثر ملاءمة وشخصية للعملاء في الوقت الفعلي.
واليوم، يحتاج المسوقون إلى اتباع نهجا متعدد القنوات لفهم رحلة المستهلك من البداية إلى النهاية، بما في ذلك أشكال المحتوى والأنظمة الأساسية والقنوات التي ستحصل على المحتوى الخاص بك أمام العميل المناسب في اللحظة المناسبة، وفي النهاية، يجب أن يشعر المستهلك بالتواصل والتخصيص له على المستوى الفردي، ومع ذلك يتمثل التحدي في كمية البيانات التي تجمعها شركات تسويق البيانات كل يوم عن المستهلكين.
قد يكون مستقبل الذكاء الاصطناعي حتى الآن غير مؤكد، لكن على المسوقين أن يجدوا بالفعل وسائل مبتكرة للاستفادة من إمكاناته وتحسين فهمهم للمستهلك إضافة لتحسين وتخصيص تجاربهم مع العلامات التجارية، لذا فإن الاحتمالات لا حصر لها، وبغض النظر عما يحدث مع الذكاء الاصطناعي هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن الشركات والمسوقين الذين لا يتبنونها الآن يمكن أن يفقدوا ميزة استراتيجية مهمة ويخاطرون بفقدان حدودهم التنافسية في السوق للمستقبل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من اتصالات وتقنية