FINANCIAL TIMES

الحرب التجارية .. الصين تستعد لمفاجآت من الأمريكيين

الحرب التجارية .. الصين تستعد لمفاجآت من الأمريكيين

قبل ثلاثة أشهر سأل كبير المستشارين الاقتصاديين لدى الرئيس تشي جينبينج إدارة ترمب عن المسؤول الأمريكي الذي ينبغي له التحدث معه في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الصينية تحاول تجنب الدخول في حرب تجارية مع أكبر شريك تجاري لها.
أخيرا سيحصل ليو هي، نائب رئيس مجلس الوزراء، على الإجابة بعد ظهر يوم الخميس، عندما يبدأ مفاوضاته التجارية التي ستدوم ليومين ليس فقط مع نظير أمريكي واحد، بل مع سبعة. في الأسبوع الماضي وجه الرئيس ترمب ستة من مسؤولي الإدارة الرسميين، بقيادة ستيفن منوشين، وزير الخزانة الأمريكي، وروبرت لايتهايزر، الممثل التجاري الأمريكي، للسفر إلى العاصمة الصينية، حيث ينضم إليهم هناك السفير الأمريكي تيري برانستاد.
وفقا لأشخاص مطلعين على المحادثات، من المتوقع أن يجتمع الوفد أيضا مع الرئيس تشي ونائب الرئيس، وانج قيشان، قبل العودة إلى واشنطن مساء يوم الجمعة، على الرغم من أن وسائل الإعلام الصينية الرسمية أكدت فقط على اجتماعهم مع ليو.
عندما زار ليو، المسؤول الاقتصادي الأقوى في الصين، صناع السياسة الأمريكيين في البيت الأبيض في مطلع آذار (مارس)، أعلنت إدارة ترمب عزمها فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم ولم تتح له مقابلة الرئيس.
بالنسبة لكبار المسؤولين الصينيين ومستشاريهم في السياسة الاقتصادية، يعتبر وصول ما يعتبرونه وفدا أمريكيا كبيرا وغير عملي مجرد حركة غريبة أخيرة في العلاقات الدبلوماسية التبادلية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، التي توصلوا إلى أنها مربكة ومهينة. كما أنهم يستعدون أيضا للمفاجآت التي سيقدمها ترمب، الذي كان قد أصدر سابقا تغريدات تهديدية عبر "تويتر" وبيانات في خضم المفاوضات الأمريكية - الصينية الحساسة.
في نيسان (أبريل) الماضي، بعد أن تبادل أكبر اقتصاديين في العالم تهديدات بفرض رسوم جمركية جزائية على ما قيمته 50 مليار دولار من صادرات كل منهما، وقال ترمب في الوقت نفسه، إنه يفكر في استهداف صادرات صينية إضافية قيمتها 100 مليار دولار. وحينها اجتمعت كلمة الصينيين على أنهم لن يتفاوضوا في مواجهة مثل هذه التهديدات.
وقال ليو شيانج، وهو مختص الشؤون الأمريكية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: "بالنسبة للصين خلاصة القول هي أن الولايات المتحدة لن تحصل على أي شيء من خلال الابتزاز". وأضاف: "تنتظر الصين لترى ما المطالب التي تطرحها الولايات المتحدة على الطاولة. لكن إذا أخرجوا السلاح ووجهوه علينا، فعندها يمكنهم إكمال شرب الشاي والمغادرة".
في المناقشات الخاصة التي جرت على مدى الأسابيع الأخيرة، قال المسؤولون الصينيون إنهم على استعداد للمساعدة في تقليص فائض بكين التجاري من السلع الأساسية البالغ 375 مليار دولار مع الولايات المتحدة، وفتح مزيد من القطاعات الصناعية وقطاع الخدمات أمام الاستثمارات الأجنبية؛ لأنهم يعتقدون أن ذلك يصب في مصلحة الصين نفسها.
لكنهم يرفضون مطلب ترمب بتقليص الفجوة التجارية بين البلدين بمقدار 100 مليار دولار، مثلما كتب على "تويتر" في آذار (مارس)، باعتبارها مطلبا تعسفيا ولا معنى له. ويجادلون بأن العجز يأتي بشكل أكبر من العوامل الهيكلية، بما في ذلك ضعف البنية التحتية، التي تجعل من الصعب على الشركات الأمريكية تصدير الفحم وغيره من السلع الأساسية الأخرى بأسعار تنافسية، والسياسات الضريبية الأمريكية، وانخفاض معدلات المدخرات الخاصة بالمستهلكين الأمريكيين.
وبالنسبة للمسؤولين الصينيين ومستشاريهم في السياسة الاقتصادية تشير مثل هذه المطالب إلى وجود قلق أمريكي عميق بشأن صعود الصين باعتبارها قوة عسكرية واقتصادية. وقال روان زونجزي، من معهد الصين للدراسات الدولية: "خسرت الولايات المتحدة ثقتها بنفسها. بعد الحرب العالمية الثانية، وصل حجم الاقتصادين السوفياتي والياباني ذروته بـ60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. ستتقدم الصين إلى مستوى أكبر. الولايات المتحدة لا يمكنها إصلاح مشاكلها الداخلية ولا يمكنها تغيير الصين".
ويوافق كيشور محبوباني، وهو أستاذ في جامعة سنغافورة الوطنية وخدم مرتين في منصب سفير دولة لدى الولايات المتحدة، يوافق على أن "من الصعب للغاية أن تفسح القوة الأولى المجال للقوة الثانية لتصبح أيضًا ذات اقتصاد أكبر"، لكنه يحذر من أن الصين ربما تقلل من تقدير المدى العجيب لتقلب الرأي العام والسياسي الأمريكي ضد سياسات بكين التجارية والاقتصادية.
وأضاف البروفيسور محبوباني: "نجحت الصين في إدارة العلاقات الأمريكية خلال الـ 20 عاما الماضية، لكن ذلك يحدث افتراضًا في عقول الصينيين أن ما حققوه خلال الـ 20 عاما الماضي سيستمر في تحقيق النتائج (المطلوبة). لا أعتقد أن ذلك ممكن، لأن الخوف من الصين الآن مختلف تماما".
الفجوة بين الجانبين بشأن القضايا الأخرى ستلوح في الأفق أيضا، وبشكل كبير خلال مفاوضات يوم الخميس، وليس من المتوقع التوصل إلى أي تسوية.
وفي الوقت الذي يرى فيه المسؤولون الصينيون، أن الانفراجات الأخيرة في القطاع المالي وقطاع السيارات في الصين بمنزلة تحركات لا يستهان بها، إلا أنها لاقت رفضا واسع النطاق من قبل المسؤولين الأمريكيين والتنفيذيين في الشركات باعتبارها تدابير تدريجية بطيئة ستؤدي إلى إحداث القليل من التغيير الجوهري بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
وترفض بكين شكاوى أمريكية بأنها ترغم المستثمرين الأجانب على نقل التكنولوجيات ذات الملكية الحصرية، أو أنها تقدم الدعم المالي للمؤسسات المملوكة للدولة. وقال إسوار براساد، الأستاذ في جامعة كورنيل والرئيس السابق لقسم الصين في صندوق النقد الدولي: "أفضل ما يمكن أن نتمناه بعد اجتماعات هذا الأسبوع هو تهدئة التوترات والتوصل إلى اتفاق حول نطاق مزيد من المفاوضات".
نيسان (أبريل) 2017: تبدأ الولايات المتحدة تحقيقا حول آثار واردات الصلب والألمنيوم على الأمن الاقتصادي، وعلى التأهب العسكري والأمن القومي.
آب (أغسطس) 2017: ترمب يطلب من الممثل التجاري الأمريكي تفحص نظام الملكية الفكرية في الصين وبخاصة ممارساتها المتمثلة في إرغام الشركات الأجنبية على نقل التكنولوجيات إلى شركاء محليين.
8 آذار (مارس) 2018: تعلن الولايات المتحدة عن فرض رسوم جمركية 25 في المائة على واردات الصلب و10 في المائة على واردات الألمنيوم على أن تدخل حيز التنفيذ في 23 آذار (مارس).
23 آذار (مارس) 2018: تطبق الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم. يتم استثناء بلدان في الاتحاد الأوروبي وعدد من البلدان الأخرى ـ ليس من بينها الصين ـ حتى الأول من أيار (مايو).
23 آذار (مارس) 2018: تعلن الصين فرض رسوم جمركية تراوح بين 15 في المائة و25 في المائة على 128 سلعة، بما فيها لحم الخنزير، ردا على الرسوم الجمركية المفروضة على الصلب والألمنيوم، على أن تدخل حيز التنفيذ في الثاني من نيسان (أبريل).
3 نيسان (أبريل) 2018: تنشر الولايات المتحدة قائمة من 1333 منتجا تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار من الواردات السنوية التي يمكن أن تخضع لرسوم جمركية جديدة 25 في المائة تستهدف نظام الملكية الفكرية في الصين.
4 نيسان (أبريل) 2018: تتقدم الصين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية حول قائمة المنتجات التي تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، وتهدد بفرض رسوم جمركية 25 في المائة على واردات أمريكية تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، بما فيها فول الصويا.
6 نيسان (أبريل) 2018: بسبب غضبه من تهديد الصين بالانتقام، يطلب ترمب من الممثل التجاري الأمريكي النظر في مسألة فرض رسوم جمركية إضافية على واردات صينية أخرى تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار.
1 أيار (مايو) 2018: توسع الولايات المتحدة نطاق الإعفاءات الجمركية المفروضة على الصلب والألمنيوم ليشمل الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك والأرجنتين وأستراليا والبرازيل حتى الأول من حزيران (يونيو).

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES