Author

عن السائح المتكرر

|

 

يرتبط المرء لا شعوريا بمكان. مدينة أو فندق أو مقهى أو شاطئ. البعض لا يلحظ أن الارتباط بالأمكنة يغدو سلوكا متكررا. وإذا سألته يقول لك بأريحية: أرتاح في هذا المكان. هذا الولاء يتعزز عندما تقوم علاقة أهل المكان بالبيئة المحيطة على الحب الإيجابي، الذي يتحول مع الوقت إلى سلوك احترافي يجعل الزائر/ السائح يعود مرة تلو الأخرى.

الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، يؤكد دوما أن المجتمعات المحلية لها دور رئيس في ازدهار السياحة من خلال محبتها للأماكن التي ترتبط بها، وإحياء البلدات القديمة، واستحضار رحابة تاريخ الآباء والأجداد الذين ساهموا في صياغة قصة المكان وحضارته.
هناك دول ثرية بتراثها الحضاري والإنساني، لكنها لم تتمكن من زيادة أعداد السياح المتكررين. في وقت شهدنا بلدانا لا تمتلك هذا الثراء الحضاري، ومع ذلك تمكنت من تقديم منتج سياحي متفوق. وثمة دول أوروبية، تستقبل سياحا يتجاوز عددهم ما يستقبله العالم العربي.
أنا أعد المملكة استثناء، فهي في خدمتها للحجاج والمعتمرين على مدار العام، نضجت تجربتها في احتضان الآخر. ومع أن ولاة الأمر في المملكة لا يعتبرون هؤلاء سياحا، بل هم ضيوف الرحمن أولا وأخيرا، لكن فكرة استيعاب مجتمع المملكة للأطياف القادمة من مختلف أصقاع الأرض، تمثل أساسا يعزز فكرة تآلف الزائر/ السائح مع تفاصيل المكان والتعمق فيه أكثر، مع توفير المحفزات لارتياد مختلف الوجهات السياحية.
لقد بذلت الهيئة العامة للسياحة في السنوات الماضية جهدا من أجل تحرير مفهوم السياحة المحلية من الصورة النمطية السلبية التي كانت تكتنفها. وأصبحت السياحة عنصرا مهما في "رؤية المملكة 2030" في فرص التوظيف وتنمية بدائل الاقتصاد غير النفطية. في الحفل السنوي الأخير للهيئة، كان الشعار الذي اختير هو "أثمرت"، والكلمة ربما تلخص جهد سنوات طويلة، حان وقت قطاف ثمارها.

 

إنشرها