تقارير و تحليلات

تقرير دولي: اقتصادات الشرق الأوسط أكثر المستفيدين من صعود النفط

تقرير دولي: اقتصادات الشرق الأوسط أكثر المستفيدين من صعود النفط

قال تقرير "شيب آند بونكر" الدولي إن ارتفاع أسعار النفط كان حدثا سارا لكثير من اقتصادات الشرق الأوسط، التي عانت كثيرا تراجع الموارد نتيجة تهاوي الأسعار على مدى أكثر من ثلاث سنوات.
وأشار التقرير الدولي - المعني بالشحن والمخزونات – إلى أن كندا وفنزويلا النفطيتين لم تحققا مكاسب من الارتفاع السريع لأسعار الخام، في حين كانت الهند أكثر المتضررين.
وأوضح التقرير أن الهند تضررت من ارتفاع الأسعار لكونها من الاقتصادات النامية عالية الطلب وواسعة الاستهلاك، حيث زادت الأعباء عامة على الدول المستهلكة، كما تعاني كندا صعوبات فنية وتنظيمية لم تساعدها على الاستفادة من ارتفاع الأسعار فيما تواجه فنزويلا حالة انهيار اقتصادي شامل.
ونقل التقرير عن محللين دوليين تأكيدهم أن ارتفاع الأسعار جاء سلبيا على الاقتصاد الهندي من كل الجوانب، موضحين أن ارتفاع سعر البرميل فوق 75 دولارا للبرميل سيكون كفيلا بإبطاء معدل النمو الاقتصادي في الهند من 7.5 في المائة إلى 7.2 في المائة حتى مارس من العام المقبل 2019.
وأضاف التقرير أن ارتفاع أسعار النفط سيعزز معدلات التضخم الاقتصادي في الهند التي جاء أداؤها هذا العام سلبيا مقارنة بالأعوام السابقة، حيث استوردت الهند خلال العام الماضي فقط ثلثي احتياجاتها النفطية السنوية.
ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد الفنزويلي يعاني هروب الاستثمارات وارتفاع المديونية، ما أدى إلى هبوط الإنتاج أخيرا، بنحو 305 ملايين برميل يوميا ليسجل أدنى مستوى له في 33 عاما.
وبين التقرير أن النزاع بين شركات خطوط الأنابيب في كندا وضعف الطلب على النفط الرملي الثقيل إلى جانب التراجع الحاد في استثمارات النفط الرملي الكندي أدى إلى عدم استفادة كندا من صعود الأسعار وإلى استمرار أزمات هذا القطاع الحيوي.
وفيما يخص الأسعار، فقد انخفضت أسعار النفط أمس، مع استمرار الدولار قرب أعلى مستوياته في أربعة أشهر، لكن المخاوف من أن ينسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاتفاق النووي مع إيران دعمت السوق.
ونزل خام برنت في عقد أقرب استحقاق الجديد تسليم تموز (يوليو) 58 سنتا إلى 74.11 دولار، بحلول الساعة 1157 بتوقيت جرينتش. وحل أجل عقد حزيران (يونيو) أمس الأول، بعد أن ارتفع 53 سنتا ليتحدد سعر التسوية عند 75.17 دولار.
وفقد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط تسليم حزيران (يونيو) 70 سنتا ليسجل 67.87 دولار للبرميل بعد ارتفاعه 47 سنتا عند التسوية أمس الأول.
وما زال النفط الخام يتلقى دعما قويا من حالة الترقب في السوق لتجديد العقوبات الدولية على إيران في 12 أيار (مايو) الجاري.
ويحد من مكاسب النفط الخام استمرار الزيادات القياسية في الإنتاج الأمريكي ونمو الحفارات المتواصل وصعود الدولار الأمريكي، بينما يكثف المنتجون جهودهم لتشديد السوق وتقليص المعروض النفطي حفاظا على توازن السوق واستمرار صعود الأسعار.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" لخدمات الطاقة، إن صعود أسعار النفط إلى مستويات قياسية قد يؤثر في الطلب إلا أنه يسهم في تنشيط الاستثمارات خاصة القصيرة، وقد نبهت منظمة أوبك مرارا إلى الحاجة إلى عودة الاستثمارات طويلة الأجل لأنها أفضل لمستقبل الصناعة.
ولفت إلى أن قلة الاستثمارات طويلة الأجل قد تعود إلى أسباب كثيرة قد يكون أبرزها حالة القلق من تأثير السيارات الكهربائية على الطلب في المستقبل لذا يتردد المستثمرون في الإقبال على المشروعات طويلة الأجل، خاصة في ضوء حالة عدم اليقين في السوق وسرعة المتغيرات في قطاع الطاقة والتوقعات المتفائلة للنمو السريع في الطاقة المتجددة.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، أرتوراس فيفراس مدير الاستثمار في فكتوريا بنك بدولة مولودفا، أن البعض يتخوف بشدة من أسعار للنفط ثلاثية الأرقام، مضيفا "لكن يجب أن ندرك أنها ليست جديدة على الدورات الاقتصادية التي خاضتها السوق من قبل، وأن مؤشرات نمو الطلب واسعة ومطمئنة للغاية".
وبين أن ارتفاع أسعار النفط الخام فوق 100 دولار سوف تنشط الاستثمار خارج الولايات المتحدة، كما تشجع على استثمارات صعبة ومكلفة مثل الإنتاج من المياه العميقة وشديدة العمق، مشيرا إلى أن روسيا على سبيل المثال لديها طاقات إنتاجية واسعة وستدعم الأسعار المرتفعة موازنتها وتسهل للشركات خوض مشروعات جديدة عالية التكلفة.
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" للطاقة، إن هناك قناعة قوية لدى "أوبك" بقدرة الاقتصاد الدولي على استيعاب أسعار النفط الخام المرتفعة، وهو ما عكسته تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، بأن ارتفاع سعر النفط فوق 75 دولارا للبرميل لن يلحق أضرارا بالاقتصاد الدولي كما يروج البعض، مدللا على ذلك بارتفاع سعر النفط من قبل إلى 150 دولارا للبرميل في عام 2008.
وذكر أن "أوبك" واثقة من قدرة السوق على استيعاب أسعار النفط الخام المرتفعة والتعامل معها، ولكنها لا تستهدف الأسعار كهدف رئيس لها، ولكنها تعمل على شراكة قوية مستدامة بين المنتجين تضمن سوقا متوازنة ومستقرة بما يروج للاستثمار ويحد من تراكم المخزونات.
وحقق النفط الخام الأمريكي عند تسوية أمس الأول، ارتفاعا بنسبة 0.9 في المائة، وصعدت عقود برنت بنسبة 1.5 في المائة، وسجلت أعلى مستوى في أكثر من ثلاث سنوات عند 75.60 دولار.
وعلى مدار شهر نيسان (أبريل) المنصرم، حققت أسعار النفط ارتفاعا بنحو 5.7 في المائة، في ثاني مكسب شهري على التوالي بسبب تطورات اتفاق إيران النووي.
يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد منح بريطانيا وفرنسا وألمانيا مهلة حتى 12 أيار (مايو) الجاري، لإصلاح ما يعتبره عيوبا في الاتفاق النووي الإيراني، وفي حال عدم إصلاح تلك العيوب، سيعلن الانسحاب من الاتفاق وإعادة فرض العقوبات على طهران.
وقالت شركة "FGE" للاستشارات في مجال الطاقة إنه في حال فرض العقوبات الأمريكية مجددا على إيران، سوف تنخفض الصادرات النفط الإيرانية بين 500 ألف إلى 700 ألف برميل يوميا في 2019.
وأعاذت الشركة ذلك إلى أن فرض العقوبات الأمريكية بداية من الشهر الجاري سوف يتطلب من مشتري النفط الإيراني خفض المشتريات في غضون 180 يوما.
وحجبت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أسعار سلتها أمس، بسبب العطلات في بعض دول العالم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات