FINANCIAL TIMES

إدارة عمليات مكاتب المساندة من مركز البريد الرقمي

إدارة عمليات مكاتب المساندة من مركز البريد الرقمي

في مكان ضيق محصور ما بين الطابقين الأول والثاني من برج واجهته من الزجاج في لندن، يقع مستوى خفي ذو سقف منخفض، هناك مصعد ضمن مصاعد المبنى البالغ عددها أحد عشر، ليتوقف عند هذا المكان.
يقول جون كلارك: "انتبه لرأسك"، وهو عالق بين العوارض المعدنية التي تدعم مكتب أوبر فوق رأسه تماما. هناك، على هذا المستوى الثانوي، توجد مساحة صغيرة بلا نوافذ تخص عمال مركز البريد البالغ عددهم ستة أشخاص الذي يشرف عليهم بالنيابة عن شركة إينس آند كو، وهي شركة قانون دولية تشغل أحد الطوابق العلوية في البرج، مع إطلالات شاملة مشرفة على الحي المالي.
يعمل كلارك وزملاؤه لدى شركة هوبس أون سايت المتخصصة في التسليم الرقمي التي تدير خدمات طباعة ونشر خاصة بالشركات.
بما أن المكاتب والأشخاص العاملين فيها يحاولون التكيف مع تكنولوجيات جديدة، تصبح العمليات التشغيلية في المراحل النهائية لدى الشركات الكبرى - مثل مكاتب العمليات المساندة - جاهزة للتعطيل، حيث يقع التسليم الرقمي في جوهر التغيير.
عملت شركة إينس آند كو على الاستعانة بمصادر خارجية لتقديم خدماتها البريدية من خلال مزود رقمي بعد أن تبنت منهج المرونة في العمل، بحيث يتمكن الموظفون من تلقي البريد وهم خارج مكاتبهم، بعد أن تضاءلت مساحة مكاتبها إلى النصف عندما انتقلت إلى مبانيها الجديدة. الآن، يجري تسليم الطرود والوثائق القانونية مثل جوازات السفر والوصايا من خلال الأساليب المادية.
وفقا لسايمون كيلي، العضو المنتدب في مجلس إدارة هوبس، تسليم البريد إلى المكاتب أمر يفتقر إلى الكفاءة. ينبغي إرسال البريد مباشرة إلى المرسل إليه، بحسب ما يقول، بغض النظر عن مكان وجوده في العالم.
تعمل برمجية الشركة على انتقاء أسماء وغيرها من تفاصيل العناوين قبل إرسال كل مادة تم مسحها ضوئيا من خلال نظام إدارة المحتوى. يقول كلارك: "ما يتعين علينا فعله هو الضغط على زر نعم أكثر من مرة والموافقة على الوجهات الظاهرة عبر النظام". يجري أرشفة الرسائل الورقية لأسابيع قليلة، قبل أن يتم التخلص منها.
نصف مكاتب البريد التي يصل عددها إلى 50 مكتبا تشرف عليها شركة هوبس تجري الآن عمليات تشغيلية رقمية فحسب، في حين يفكر أكثر من 15 مكتبا آخر في اتخاذ هذه الخطوة.
التغييرات لا تعني أن حركة عمال تلك المراكز سوف تقوم بجولات أقل إلى الطوابق العليا. يقول كلارك: "عملية تسليم البريد بالطريقة التقليدية سوف تتراجع، لكننا سنتحمل مسؤولية مهام أخرى. لقد اعتدنا أن نعمل في مكتب بريد بسيط. الآن، قمنا بتأسيس غرف اجتماعات مرنة، وأجرينا صيانة لآلات الطباعة والمواد المستخدمة وتوصيل الطرود الشخصية".
مع ذلك، تقول لويزا بول من نقابة يونايت إن كلمة مكتب البريد الرقمي ذات تناقض ظاهري. كما تقول: "إن العمل الأساسي لساعي البريد لم يدخل عالم الرقمنة، بل اختفى"، مشيرة إلى أن عمليات تسريح الموظفين العاملين في مكاتب البريد كانت حادة خلال العقد الماضي، على الرغم من أن النقابة لا تمتلك أي بيانات. خسرت شركة إينس آند كو، على سبيل المثال، نصف موظفي مراكز البريد لديها - بدءا من 14 شخصا وصولا إلى سبعة - منذ أن بدأت مشروعها الرقمي قبل نحو 18 شهرا.
تقول بول: "هنالك عدد قليل جدا منهم الآن"، مضيفة أن الكثير من العمال بمهام إدارة المرافق، مثل إعادة تخزين اللوازم المكتبية وإعداد غرف الاجتماعات.
توصيل الرسائل بواسطة البريد عملية آخذة في التراجع، في الوقت الذي يزداد فيه حجم الطرود. على مدى السنوات الخمس الماضية، تناقص البريد الوارد إلى مراكز البريد التي تدار من قبل شركة هوبس بمقدار الربع.
شهدت إدارة البريد الملكي انخفاضا نسبته 30 في المائة في حجم سوق البريد في المملكة المتحدة ما بين عامي 2005 و2012، في الوقت الذي قدرت فيه دراسة أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز بأن الحجم سيكون قد تناقص إلى النصف ما بين العامين 2005 و2023.
الزيادة في حجم البريد الخاص بالطرود، مدفوعا بالتسوق الشخصي عبر الإنترنت، يفرض عبئا إضافيا على مراكز الاتصالات. في المكاتب الخاضعة لإدارة شركة هوبس، ارتفع عدد الطرود التي يجري توصيلها وتسليمها بنسبة 54 في المائة خلال الأعوام الخمسة الماضية.
استجاب بعض أرباب العمل، بما في ذلك شركتي إتش إس بي سي وجون لويس، من خلال حظر عمليات التسليم الشخصية لمكاتبهم. يقول كيلي إن أرباب عمل آخرين لا يسمحون فحسب، بل يشجعون الموظفين على تسليم مواد شخصية خلال العمل، حيث لا يضطرون لمغادرة المكتب من أجل الحصول على المواد التي تسوقوا لشرائها.
توفر شركة هوبس ما يسمى الخزائن الذكية - نقاط تسليم خارجية أشبه إلى حد كبير بخزائن شركة أمازون، لكنها تقع داخل إطار العمل ولجميع عمليات التسليم الخاصة بالموظفين. تعتبر شركة القانون الاسكتلندية محامو بروديز واحدة من العملاء المهتمين باستخدام الخزائن الذكية، بينما تشهد عمليات التسليم الخاصة بالموظفين خلال ساعات العمل إحراز المزيد من التقدم. يقول ديفيد إدواردز، المدير المالي لشركة بروديز، إن عمال مركز الاتصالات في الشركة يقومون بتفحص 2500 وثيقة في اليوم العادي. كما يقول إن الهدف لم يكن تحويل كل تلك الأوراق إلى المركز: "إن الطابع السري لما نقوم بعمله شكل جزءا كبيرا من ذلك القرار". يجري تدريب عمال شركة هوبس الذين تم توظيفهم حديثا للعمل لدى مركز الاتصالات الرقمية بشكل سري. يقول كلارك: "ليس لدينا الوقت لقراءة أي شيء على أية حال".
يقول كلارك إن العمل الذي يقوم بأدائه هو وزملاؤه لم يعد "المهمة نفسها التي يتم تنفيذها كل يوم". الآن، يضطلع أعضاء فريقه جميعهم بمسؤوليات محددة.
يعمل زميله، ديفيد هاروود، الآن على إعادة ترتيب غرف الاجتماعات المرنة الخاصة بشركة إينس آند كو، ويحبذها بشكل أفضل من مهام مراكز الاتصالات. يقول هاردوود: "العمل أفضل هنا"، وهو يطأطئ رأسه بسبب السقف المنخفض. "إنه تفاعلي بشكل أكبر".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES