FINANCIAL TIMES

تناقص اليابانيين يدفع الشركات للبحث عن النمو خارج البلاد

تناقص اليابانيين يدفع الشركات للبحث عن النمو خارج البلاد

على الرغم من عنوانه المرهق، إلا أن كتابًا جديدًا بعنوان "تفحصت ما حدث في اليابان في يوم واحد"، يقدم صورة رقمية مبهرة لما تفعله هذه الأمة كل 24 ساعة.
صدر الكتاب منذ شباط (فبراير) فقط، لكن السماسرة أحبوه بالفعل. عدد العلب التي تباع يوميا من آلات البيع 42 مليون علبة. متوسط الوقت الذي يقضيه طلاب المدارس الثانوية كل يوم على الهواتف الذكية ست ساعات وست دقائق. نصيب الفرد يوميا من استهلاك البيض 0.9 (في المرتبة الثانية بعد المكسيك 0.97). تقول مكاتب المبيعات إن هناك قصة، سواء كانت جيدة أو سيئة، خاصة بالبورصة تنتظر الانفجار مع كل شائعة جديدة.
مع ذلك هناك بند واحد أصبح عتيقا منذ فترة. أظهرت بيانات حكومية نشرت الأسبوع الماضي أن تركيبة السكان المتناقصة التي تعاني الشيخوخة تجاوزت الآن خطا لا يمكن العودة منه. الآن عدد الوفيات يفوق عدد الولادات بمتوسط ألف حالة يوميا. وبحلول الوقت الذي تضاء فيه الشعلة الأولمبية في طوكيو عام 2020، سيكون عدد السكان الأصليين قد تقلص بواقع 842 ألف شخص. وسيكون أكثر من 14 في المائة من اليابانيين قد تجاوزا 75 سنة.
إن وضع اليابان بوصفها أكبر مجتمع معمرين في العالم ووتيرة الانكماش السكاني أصبحا منذ سنوات من الأمور المعروفة بالنسبة للأسواق المالية. لكن علامة الانكماش المتمثلة في وفاة ألف شخص يوميا، كما يقول استراتيجيون في السوق، ستؤدي إلى زيادة التركيز على هذه المسألة بشكل كبير. فمع أن الرقم تقريبي إلا أنه يربط ـ بغض النظر عن إمكانية تعويضه بالهجرة ـ بشكل دقيق بين حال الشركات اليابانية والمشهد الاستثماري بشكل عام.
في الأسبوع الماضي، مثلا، استدعت واحدة من أكبر شركات النقل في اليابان، سينو، وسائل الإعلام لمشاهدة اختبار لما يمكن أن يكون في أي مكان آخر في العالم شاحنة توصيل قياسية بطول 25 مترا، من جزأين - نوع من المركبات المحظورة تاريخيا على طرق اليابان الضيقة في كثير من الأحيان.
قبل 18 شهرا، وعلى نحو أثار بهجة كبيرة لدى أمثال شركة سينو وزبائنها، أشارت الحكومة إلى أنه سيتم تخفيف القواعد. قد تظهر شاحنات روبوتية ذاتية القيادة يوما ما، لكن مع الانكماش اللافت للنظر في عدد السكان البالغ ألف شخص يوميا، أصبح لدى شركة سينو واليابان بشكل مفاجئ حاجة أكثر إلحاحا إلى آلية تسمح لسائق واحد بسحب ضعف الحمولة العادية.
مع ذلك، التأثير الأكثر عمقاً هو تأثير التركيبة السكانية في أنماط الاستهلاك طويلة الأجل.
نمو الأجور الأساسية، على الرغم من ضيق سوق العمل والضغط العاطفي الذي وضعته الحكومة على الشركات، لا يزال ضعيفا للغاية. وفي الوقت نفسه، نسبة المتقاعدين المتزايدة باستمرار، تخلق كتلة متوسعة داخل الاقتصاد لا يمكن أن يتوقع أبدا أن يرتفع دخلها.
أشار تقرير أصدره معهد أبحاث ميزوهو في الثامن من آذار (مارس) الماضي إلى تزايد حساسية الأسر اليابانية لزيادة "الأسعار المألوفة" التي تشمل السلع التي يلاحظ المستهلكون حدوث تغيرات على أسعارها على الفور، التي تتحرك بمزيد من التقلب مقارنة بسلة مؤشر أسعار المستهلك الأساسية ولها تأثير كبير في السلوك الاستهلاكي.
وكثير من الشركات اليابانية تتفاعل منذ فترة مع هذه التغيرات. ومع ذلك، فإن تركيز المستثمرين المكثف على التركيبة السكانية سيبرز مدى اتساع ردود الفعل هذه، وكيف أن حتمية انخفاض عدد السكان في اليابان هي الآن محور التخطيط المؤسسي.
إن تطوير المنتجات، كما يقول الرئيس التنفيذي لشركة إلكترونيات يابانية صغيرة، قد تغير: "كانت السوق المحلية كبيرة بما يكفي لكي تصمم (الشركة) لليابان وحدها حتى ولو كان سكانها أيضا يعملون في الخارج، وهذا كان أمرا عظيما. أما اليوم، فإما أن تصمم للسوق الأجنبية تحديدا، وإما أن تقبل حقيقة أنك لن تحقق نسبة مبيعات عالية".
وكانت حوكمة الشركات محور اهتمام الاستثمار في اليابان منذ أن قدمت البلاد أول قانون للحوكمة في عام 2015. وسيكون الموضوع الكبير التالي، كما يقول المحللون، هو قوة ومتانة الاستراتيجيات الخارجية للشركات اليابانية - بناء على الفهم بأنه يجب على الجميع أن يكون لديه مثل هذه الاستراتيجيات.
في الأسبوع الماضي رفضت شركة شاير في إيرلندا عرض استحواذ قدمته "تاكيدا" بقيمة 60 مليار دولار، لكن المحادثات بين الاثنين مستمرة. وإذا اكتملت الصفقة ستشكل رقما قياسيا لعمليات الاندماج والاستحواذ اليابانية، وهي تناسب نمطا من عمليات الاستحواذ الأجنبية من جانب الشركات اليابانية التي يقودها إدراك أن انكماش السكان البالغ ألف شخص يوميا يضع عبئا لضمان البقاء على المدى الطويل من خلال النمو خارج اليابان.
هذا الواقع تم إدراكه بشكل واضح لدى مشغلي المطاعم المسجلة في اليابان - التي لديها اتصال يومي مباشر مع السوق المحلية وتعرف ما يعنيه انكماش السكان.
شركة إنفورمات التي تعمل وسيطا في صناعة الأغذية اليابانية، تتعقب أكثر من 60 سلسلة مطاعم يابانية طورت شبكات في الخارج وأعلنت عن خطط لمزيد من التوسع. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلن "رينجر هت"، الذي يصنع الشعيرية على طريقة ناجازاكي، عن خطط لفتح 100 متجر في الخارج سنويا.
حتى أعمال تصفيف الشعر هي علامة على الخيارات التي تواجهها الشركات اليابانية. بعد فترة وجيزة من إدراج QB Net، وهي سلسلة تقدم حلاقة لمدة عشر دقائق مقابل 1080 ين (عشرة دولارات)، في بورصة طوكيو الشهر الماضي، أعدّ رئيس الشركة، ياسو كيتانو، خطة توضح الخطوط العريضة لمنطقتين للتوسع: السوق الخارجية والزيارات المنزلية إلى اليابانيين طريحي الفراش.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES