Author

برنامج التخصيص والعناية بكفاءة المؤسسات الحكومية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
برنامج التخصيص الذي تم اعتماده في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ـــ حفظه الله ـــ الذي يعد أحد برامج "رؤية المملكة 2030"، فبرنامج التخصيص كما جاء في موقع "رؤية المملكة 2030": يعزز البرنامج دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإتاحة الأصول الحكومية أمامه، ما يحسن جودة الخدمات بشكل عام ويقلل تكاليفها على الحكومة، مع الأخذ في عين الاعتبار مصلحة المواطن، ويعيد تركيز الحكومة على الدور التشريعي والتنظيمي المنوط بها المتوافق مع توجه "رؤية 2030". ويتطلع إلى تحقيق مجموعة من الأمور من خلال برنامج التخصيص وذلك باستقطاب الاستثمارات الأجنبية للمملكة بطرح فرص أكبر للاستثمار خصوصا في القطاعات والأصول الجيدة وتنوع الاستثمارات وعدم دخول القطاع الحكومي كمنافس، وهذا من شأنه أن يزيد من فرص استقطاب الاستثمارات، كما أن من الأهداف زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي ليبلغ 65 في المائة مقارنة بـ 40 في المائة، والتخصيص بصورة عامة له دور كبير في زيادة الكفاءة في توظيف الموارد. لعل أحد أهم العناصر التي اعتنى بها برنامج التخصيص الذي أشارت إليه الوثيقة الخاصة بالبرنامج بشكل جلي هو التحديات وكيفية معالجتها، ولكن في المقابل أشارت الوثيقة إلى موضوع مهم يعد أحد أسباب ضعف تقديم الخدمات بوضعها الحالي، وهو أن التزام المؤسسات الحكومية ـــ أي الوزارات وما في حكمها ــــ بتقديم الخدمات بشكل مباشر للمواطن ـــ مثل خدمات القطاع الصحي ـــ كان له دور في بعد الحكومة عن دورها التشريعي والرقابي في بعض الأحيان، والسبب في ذلك أن الحكومة التي تقدم هذه الخدمات وعليه فلا حاجة إلى أن تراقب وتنظم نفسها وفي بعض الأحيان تلعب الحكومة دورا رقابيا إضافة إلى دورها كمقدم للخدمة. وهذا الأمر دون شك أضعف من كفاءة بعض المؤسسات الحكومية في تقديم الخدمات للمواطن، إذ إن تعدد المسؤوليات وتشتتها سيكون قطعا له أثر في مسألة التركيز في المجال الذي يعد الأساس لعمل المؤسسات الحكومية، كما أن الوزارة المعنية بتقديم خدمة ما غير قادرة على تحسن إمكاناتها لمجموعة من العوامل منها على سبيل المثال لا الحصر عدم وجود المنافس الذي يحفز على تحسين الخدمة وسهولة الوصول وتخفيض التكلفة، وبالتالي فإن المؤسسة الحكومية التي تقدم الخدمة غير خاضعة لأي من هذه المؤشرات التي تعد ضرورية في قياس أداء مقدم الخدمة. كما أن طبيعة إجراءات التوظيف والترقيات تضعف من كفاءة تلك المؤسسات، حيث تتم بناء على إجراءات تقليدية روتينية غير خاضعة للمعايير التي تتطلبها المسؤولية المنوطة بالمسؤول خصوصا في الإدارات التنفيذية التي غالبا ما يكون التعيين فيها للموظفين الذين قضوا مدة أطول في المؤسسة وليس من خلال استقطاب الكفاءات وهذا بخلاف الوزير وبعض كبار الموظفين بالوزارة الذين غالبا ما يتم تعيينهم بطريقة أكثر مرونة دون الالتزام بأن يكون من داخل المؤسسة الحكومية التي سيكون على رأس الهرم فيها، ولذلك تجد أن الأمر تلقائيا ينحى باتجاه زيادة المركزية وأن تنشغل الوزارة بأمور تقديم الخدمة بدلا من التنظيم والتشريع والرقابة، كما أن من ضمن السلبيات أن المؤسسة الحكومية ستتجه غالبا ـــ ولو دون قصد لذلك ـــ إلى أن يكون معيار مستوى الرضا مبنيا على رضا الموظف وليس المستفيد من الخدمة، إذ إن المشرع والمنظم والمراقب هو من يقدم الخدمة. ولذلك فإن تخصيص مجموعة من الخدمات سيكون له أثر إيجابي في مستوى الخدمة وزيادة في كفاءة القيادات التنفيذية إضافة إلى إمكانية قياس أداء مقدمي الخدمات للمجتمع. لا بد من الإشارة إلى مسألة أثر هذا التحول على المواطن ففي الوقت الذي يتوقع أن تتحسن فيها الخدمات من جهة سهولة الوصول وانخفاض التكلفة إلا أنه لا يزال هناك قلق لدى المواطن من أنه سيتحمل تكلفة تلك الخدمات إلا أنه يظهر أن لدى البرنامج خططا للحد من أثر هذه الإجراءات خصوصا على محدودي الدخل ومتوسطي الدخل أيضا إضافة إلى أنه ستتم مراعاة بقية المواطنين في مجموعة من الخدمات ألا يشعروا بأثر ذلك التغيير. هذا التحول سيكون له أثر في الاقتصاد الكلي للمملكة إذ إن إضافة 25 في المائة للناتج المحلي من خلال القطاع الخاص هو إضافة لكامل الناتج المحلي فيما لو استقرت المؤشرات الاقتصادية الأخرى بما فيها أسعار النفط وهذا يمثل إضافة قيمة للاقتصاد الوطني. فالخلاصة أن برنامج التخصيص سيكون له أثر في مجموعة من المتغيرات في الاقتصاد الوطني من جهة زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي إضافة إلى التحسن في الخدمات، وتركيز المؤسسات الحكومية على الجانب التشريعي والتنظيمي وعلى وجه الخصوص الجانب الرقابي الذي يعد إحدى أهم مسؤوليات المؤسسات الحكومية.
إنشرها