FINANCIAL TIMES

عودة «ديل» تثبت أن الأسواق العامة لا تحمل الضغائن

عودة «ديل» تثبت أن الأسواق العامة لا تحمل الضغائن

نحن نعيش في محاكاة الكمبيوتر. أجهزة الكمبيوتر هي الكمبيوتر الشخصي من "ديل". وإلا فكيف نفسر هذا الإحساس الذي نشعر وكأننا شهدناه من قبل والذي استثارته عودة مايكل ديل المزعومة إلى الأسواق العامة؟
أسس ديل شركة تكنولوجيا متفوقة على العالم في غرفته في سكن الطلاب – قبل ولادة مارك زوكربيرج بشهرين. وحول شركة صناعة الكمبيوتر الشخصي إلى شركة عامة في عام 1988 لكنه في عام 2013، بعد أن تعب من الحياة العامة، حولها إلى شركة خاصة مقابل 24 مليار دولار بمساعدة شركة الأسهم الخاصة "سيلفر ليك".
قال في مؤتمر لمجلة "فورتشن": "أنا أحب أن أكون خاصا. هذا أمر رائع. وهو أسهل بكثير. وأمتع بكثير".
لم يكن ديل يستمتع بالتعامل مع ما كان يعتبرهم مستثمرين على الأمد القصير، خصوصا الناشطين من أمثال كارل آيكان، الذي شن حملة قوية وتقدم بعرض أعلى. شركة ديل، باعتبارها شركة خاصة، ومرة أخرى بالاشتراك مع "سيلفر ليك"، أفلحت في عام 2015 في تحقيق أكبر صفقة على الإطلاق في عالم التكنولوجيا، حين دفعت 67 مليار دولار مقابل شركة تخزين البيانات "إي إم سي".
مع ذلك يفكر ديل الآن في العودة إلى السوق العامة. ذات مرة قالت مارجريت تاتشر، إن مشكلة الاشتراكية هي أنك في نهاية المطاف سوف تنفد لديك أموال الناس. المشكلة مع الشركات الخاصة هي أنك أحيانا تنفد لديك أموالك الخاصة.
الآن ديل تعاني صعوبات خطيرة. الإيرادات تنمو بنسبة 9 في المائة سنويا وقد وصلت تقريبا إلى 80 مليار دولار في السنة الماضية، وكانت الأرباح أكثر من ثمانية مليارات دولار قبل دفعات الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء. لكن الشركة حصلة على دين ضخم من أجل تمويل صفقة "إي إم سي"، ولا يزال عليها 50 مليار دولار. ورغم أن الفروق في أسعار الفائدة تشير إلى عدم وجود داع للقلق المباشر، إلا أنه ليس هناك من يتظاهر أن الشركة في هيكل رأسمالي ممتاز. في شباط (فبراير)، في بيان مقدم إلى الجهات التنظيمية، قالت ديل إنها تفكر في خيارات للتحول إلى شركة عامة مرة أخرى.
بعض الاعتراضات الحادة لدى ديل بشأن الأسواق العامة ذات الأمد القصير كانت دائما مشكوكا فيها. أمازون ونيتفليكس وتسلا حصلت على تقييمات كبيرة رغم الاستثمارات الثقيلة وعدم وجود أرباح تذكر. وشركة أبل التي قال ديل عنها، على سبيل المداعبة، إنه يجدر بها أن "تغلق وتعيد الأموال إلى المساهمين" تبلغ قيمتها اليوم 900 مليار دولار، وهي أعلى رسملة سوقية في العالم.
شركة ديل لا تتمتع حتى بالمزايا المعتادة للشركات الخاصة: فلديها أوراق مالية عامة، وهو ما يفرض عليها أن تبلغ عن حساباتها، وهي فكرة تمقتها الشركات الخاصة في الولايات المتحدة. عند مرحلة معينة، حتى لو كان شركاء ديل في سيلفر ليك صابرين في الوقت الحاضر، فإنهم سيفكرون في الخروج. تحويل الشركة إلى شركة عامة من شأنه أن يجعل هذا أسهل. حين تكون لديك أسهم سائلة على شكل عملة استحواذ، فإن هذا ربما يفيد أيضا في الوقت الذي تستمر فيه ديل في تحويل أعمالها لتناسب عصر الحوسبة السحابية.
حين استحوذت على "إي إم سي"، حتى في الوقت الذي بذل فيه المصرفيون جهودا كبيرة لتقديم الديون، لم تكن هناك أموال كافية لشراء كل شيء. شركة VMware، وهي شركة برامج عامة تمتلك فيها "إي إم سي" حصة أغلبية، لم يكن بمقدور ديل شراؤها أيضا. وإلى جانب الأموال النقدية اعتمدت ديل على أداة مالية غير مريحة، هي "عروض أسهم خاصة لشركة تابعة" مدرجة في البورصة، من أجل تسديد المال إلى مساهمي "إي إم سي".
من وجهة نظر ديل، أقرب طريق إلى التحول إلى شركة عامة، هو الاندماج مع VMware. هذا أمر مهم لأن من شأنه أن يسمح أخيرا لشركة ديل بالاستفادة من حركة النقد المثيرة للإعجاب لدى VMware. وتمتلك ديل بالفعل 82 في المائة من VMware وهي تصوب أوضاع حساباتها. لكن مبلغ ملياري دولار من الأرباح (قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء) الذي ساهمت به VMware هو من حق ديل على الورق فقط، ولا تستطيع استخدامه لتسديد عبء الدين الضخم.
نظريا، تتمتع ديل بالقوة لتحقيق هذا الأمر. حصتها هي أكبر حتى مما تبدو عليه؛ لأنها من حيث امتلاكها الأسهم التي تعطيها حقوق تصويت معززة، فهي تسيطر على 97.5 في المائة من أصوات VMware. أعضاء مجلس الإدارة الذين يقع على عاتقهم واجب الحصول على أفضل صفقة لجميع المساهمين ربما يعترضون على ذلك، لكن يمكن عزلهم.
لكن من الناحية العملية، هذا من شأنه أن يطلق قضايا خطرة في المحاكم. تأمين مساندة ليس فقط أعضاء مجلس الإدارة المستقلين وإنما أيضا أغلبية المساهمين الخارجيين سيكون على الأرجح ضروريا للانتصار على القضايا المحتومة.
مع الأسف بالنسبة لشركة ديل، مساهمو VMware غير معجبين بالفكرة. شركة تي راو برايس، أكبر مساهمي القلة، عارضت الفكرة علنا. وهذ واحد من الأصداء من الماضي: عارضت "تي راو برايس" العرض الأصلي لتحول ديل إلى شركة خاصة، لكنها بالمصادفة صوتت لمصلحة القرار. وهناك أمر مكرر يثير القشعريرة أكبر حتى من قبل بالنسبة إلى ديل، وهو أن محطة "سي إن بي سي" ذكرت الأسبوع الماضي أن كارل آيكان اشترى حصة في VMware، وأهدافه غير معروفة.
يعتقد بعض المستثمرين أن هناك مسارا آخر. "عروض الأسهم الخاصة لشركة تابعة" التي أصدرت لشراء "إي إم سي" كان يتم تداولها مقابل خصم كبير لأسهم VMware. هناك احتمال كبير أن مالكي الشركة ربما يقبلون خصما خلال عملية اندماج، ويتم استخدام بعض هذه القيمة لتجميل الصفقة في أعين مساهمي VMware المترددين.
بعض المساهمين الآخرين في VMware مصرون على أن الصفقة غير ممكنة. وتجادل شركة جيريكو كابيتال، بصورة مقنعة، بأن شركات البرامج يكون وضعها أفضل حين تكون مستقلة. إذا أرادت ديل أن تشتري بالكامل أسهم VMware فسيكون من المقنع أكثر لو أنها تحولت إلى شركة عامة في البداية من تلقاء نفسها – ما يجعلها تحصل على تقييم مستقل.
سوق الاكتتابات العامة الأولية قوية بما فيه الكفاية لتعطي ديل سعرا جيدا على الأرجح. ولا عليك من أن ديل اشتراها بسعر رخيص قبل أربع سنوات. سيدفع المستثمرون المزيد اليوم. ويستطيع كل شخص أن يتظاهر أن السبب في ذلك يعود إلى التحويل السحري الذي تم إنجازه حين كانت الشركة خاصة. الأمر الرائع الآخر حول الأسواق العامة: هو أنها لا تحمل أحقادا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES