Author

أدوات الدَّين .. والطفرة في قيمة السندات

|

بعد الاتفاق التاريخي بين وزارة المالية، ممثلة في مكتب إدارة الدين العام، وبين هيئة السوق المالية، نجحت السوق في استقبال أولى أدوات دين حكومية بقيمة تتجاوز 204 مليارات ريال، لتقفز قيمة السندات في السوق المحلية من 26.4 مليار ريال موزعة على خمسة إصدارات لأربع شركات فقط، إلى ما يزيد على 230 مليارا، مع إصدارات متنوعة ومدد مختلفة وعوائد مجزية. ومع هذا النجاح أعلنت شركة السوق المالية السعودية "تداول"، الموافقة على الطلب المقدم من وزارة المالية لإدراج أدوات دين جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة. من الجدير بالذكر أن السوق شهدت تنفيذ أولى صفقات على أدوات الدين الحكومية المدرجة بقيمة إجمالية 60.06 مليون ريال، بما يعادل 10.01 مليون ريال للصفقة الواحدة.
ووفقا لوحدة التقارير في "الاقتصادية"، فقد ساعدت سوق أدوات الدين على الحراك من جديد، حيث غابت عنها الصفقات منذ 28 شباط (فبراير) 2018، ما يعكس ضعفا شديدا في إحدى الأسواق المهمة، حيث تتداول فيها إحدى أهم أدوات الدين في الدول عادة.
تأتي هذه التطورات ضمن "رؤية المملكة 2030"، التي تستهدف تطوير سوق المال المحلية، ووضعها ضمن قائمة أكبر عشر أسواق مالية في العالم، والسوق الرئيسة في الشرق الأوسط، ومن المعروف أن العوائد هي الجاذب الأساس في الأسواق وليست المخاطر، ولذا فإن إدراج أدوات الدين الحكومية السعودية في السوق المالية السعودية هو دعم كبير للسوق، ذلك أن سندات الدين الحكومية ذات عوائد جيدة مقارنة بمثيلاتها، كما أنها تقترب في التصنيف من الديون الخالية من المخاطر، ولهذا فإن أي مؤسسة ترغب اليوم في استثمار احتياطياتها في أوراق ذات عوائد مناسبة مع خلوها من المخاطر تجد هذه الأدوات متاحة لها، ولأول مرة ضمن السوق المالية. وهنا يظهر التعاون المشترك بين السوق المالية وبين وزارة المالية، فمن جانب تجد السوق المالية في طرح بهذا الحجم وهذه الضمانات قوة هائلة، كما تجد الوزارة من خلال السوق المالية منافذ للصكوك غير المصارف ومؤسسات التمويل.
لكن من المهم الإشارة إلى حجم التحديات كلما زاد حجم الإنجازات، فالسوق المالية تحتاج إلى مزيد من الجهد لجذب المستثمرين، فرغم أن إعلان إصدار أدوات الدين صاحبه مؤتمر صحافي، لكن مع ذلك فإن الموضوع لم يتجاوز ذلك، وتحول المستثمرين من سوق الأسهم والعقار إلى منفذ استراتيجي استثماري جديد يجب أن يدعم بكثير من حملات التوعية ومن مزيد من الطرح الإعلامي الجاد. لقد تعود كثير من المؤسسات ومن بينها مؤسسات محسوبة على الحكومة مثل الهيئات والجمعيات على الاستثمار في العقار بشكل خاص، وقليل جدا يهتم بسوق السندات، ولهذا فقد عم الركود السوق منذ أشهر عدة، وإذا كان من الصعب الحكم على توجهات المستثمرين، نظرا لأن حجم السوق من جانب عدد الشركات المصدرة قليل، لكن الآن يعتبر حجم السوق مناسبا مع هذه الإصدارات الحكومة بعوائد جيدة مع خلوها من المخاطر، وننتظر جهودا أكبر للسوق المالية لتواكب الحدث.
من جانب آخر، فإن سعر الإصدار الحكومي بلغ مليون ريال للصك، ومع الثقة بأن هذا السعر تمت دراسته جيدا، لكن الهدف الأساس من الطرح في السوق المالية هو دعم السوق أساسا، إذ كان يمكن للحكومة أن تحصل على التمويل الذي تريده دون خوض تجربة السوق المعلنة.
ودعم السوق يتطلب مزيدا من المستثمرين وهذا يرتبط أساسا بالسعر، لذا فإن مراجعة السعر ليتواكب مع الهدف الأساس أمر ضروري، خاصة أن تجربة الطرح بذاتها تمت ولقيت نجاحا.

إنشرها