Author

تقدر تسويها؟

|

من أبشع السلوكيات المجتمعية، التي قد تصادفها في مكان عام، كالأسواق والمستشفيات والمطاعم والحدائق وغيرها، والتي تتنافى مع الذوق العام، أن تجد شخصا يحدق فيك ويركز نظرات عينيه عليك، وكأن أحدهم قد أعطاه توكيلا لتفحصك من رأسك لأخمص قدميك. ستدهشك رموش عينيه التي لا تكاد ترف من شدة التركيز على شخصك الفقير إلىالله، وسيبدأ كما يقولون "الفار يلعب في عبك"، وتتساءل بينك وبين نفسك.. هل هو "مشبه علي"؟ أم أن هناك شيئا خطأ في مظهري؟ أم أن هناك أمرا ما في شكلي أعجبه؟
وسيدب الخوف في نفسك من أن يكون حاسدا "فيصكك بعين وتبلش بعمرك"، فتبدأ في ترديد المعوذات ودقات قلبك المتسارعة تزيد من مخاوفك!
التحديق بالآخرين في الأماكن العامة سواء كان من الرجال للنساء أو العكس أو بين الجنس الواحد نفسه، يعتبر من أبشع السلوكيات التي يجب أن تفرض عليها غرامة لأنه ببساطة يقتحم الخصوصية ويشعر الطرف الآخر بعدم الارتياح، وأنه يخضع للمراقبة تحت مجهر التفحص والتدقيق، ديننا العظيم اعتبر غض البصر شعيرة دينية قبل أن يكون ذوقا عاما.
في عام 2015، وجهت الملحقية الثقافية السعودية في أستراليا سلسلة من الإرشادات لطلابها المبتعثين، محذرة من عدد من السلوكيات التي تندرج ضمن قضية جنائية أو تحرش جنسي، ومن ضمنها التحديق في الآخرين في الأماكن العامة لفترة طويلة.
كما ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أن عالم النفس الإيطالي في جامعة أوربينو الإيطالية جيوفاني كابوتو، كشف في تجربة غريبة عن أن التحديق في عيني شخص ما لمدة عشر دقائق يمكن أن يسبب الهلوسة. وزعم أشخاص أنهم تعرضوا لمظاهر تغير في حالة الوعي لديهم بسبب ذلك.
أذكر أن إحدى زميلاتي أخبرتني أنها ذهبت لموعد طبيب الأسنان، وفي صالة الانتظار شعرت أن إحدى النساء الموجودات كانت تطيل النظر إليها. تقول، في البداية لم أعر الأمر اهتماما، وقلت لعلها تفكر في شيء ما، ولكن لاحظت أنها تحدق بي بتركيز شديد، فشعرت بعدم الارتياح، فقررت أن أغير مكاني لعلها تبعد عينيها عني، لكن مع الأسف استمر الوضع نفسه، ما استفزني ودفعني للنظر إليها بشكل مباشر، وأنا أقول لها بلغة جافة "فيه شيء؟".
ولم تكرر بعدها ذلك السلوك، ولم تعد تنظر إلي مجددا.
السؤال الذي يطرح نفسه، كم واحدا منا "يقدر يسويها" ويسأل من يطيل التحديق..
"فيه شيء؟!".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها