الطاقة- النفط

محللون: العوامل الجيوسياسية تعزز فرص تجاوز النفط 80 دولارا للبرميل

محللون: العوامل الجيوسياسية تعزز فرص تجاوز النفط 80 دولارا للبرميل

رجح محللون نفطيون استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعدما اختتمت الأسبوع الماضي على مكاسب بنحو 1 في المائة، على الرغم من استمرار نمو الحفارات الأمريكية للأسبوع الثالث فيما يعكس إمدادات واسعة ومطردة من الإنتاج الأمريكي.
وتتلقى الأسعار دعما من البيانات الإيجابية عن السوق الصادرة عن اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة خفض الإنتاج في جدة يوم الجمعة الماضي ومن تسارع معدلات نمو الطلب خاصة من الاقتصادات الآسيوية الصاعدة.
وتترقب السوق يوم 12 أيار (مايو) المقبل موعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن العقوبات الاقتصادية على إيران وسط توقعات بإعادة فرض العقوبات مجددا ما سيلحق خسائر فادحة بالصادرات النفطية الإيرانية ويرفع أسعار النفط الخام على نحو يقدره المختصون بعشرة دولارات إضافية على سعر البرميل لتتجاوز 80 دولارا للبرميل.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، "إن تجديد العقوبات على طهران في هذا التوقيت سيؤدي إلى تقلص صادراتها على نحو حاد وذلك بالتزامن مع أزمة حادة أيضا في إنتاج فنزويلا وأنجولا ما يثير بعض المخاوف على مستقبل المعروض النفطي، خاصة أن المخزونات النفطية تم الاقتراب من معالجة الفائض السابق منها وعودتها إلى المستويات المتوسطة في خمس سنوات".
وأشار جيراس إلى أن الاتجاه الصعودي للأسعار مرجح على نحو واسع في ضوء المعطيات السابقة واستمرار تأثير العوامل الجيوسياسية، لافتا إلى توقعات صدرت أخيرا عن مجموعة "سيتي جروب" المصرفية بنمو أسعار النفط الخام بنحو ستة دولارات بنهاية العام الحالي وأوائل العام المقبل.
من جانبه، يوضح لـ "الاقتصادية"، فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، أن أسعار النفط الخام تسجل حاليا أعلى مستوى في ثلاث سنوات وكسرت حاجز 70 دولارا للبرميل، ومن المتوقع أن تواصل مسيرة الارتفاعات بدعم من جهود المنتجين فيتقلص المعروض، معتبرا أن الأسعار ليس مبالغا فيها وهي ضرورة لإنعاش صناعة عانت لسنوات جمودا وانكماشا غير مسبوق.
ولفت موسازي إلى أن مدى الارتفاعات السعرية المقبلة لا يمكن لأحد التنبؤ به بدقة، لكن من المؤكد أن الارتفاعات الشديدة المفرطة لديها تأثير سلبي في مستوى الطلب وليست في مصلحة استقرار السوق كما أنها تعطل النمو الاقتصادي لأن المستهلك لا يتحمل أسعار الطاقة المرتفعة وسيبحث دوما عن البدائل الأرخص.
من ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، جولميرا رزايفا كبيرة الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية في أذربيجان، "إنه على الرغم من تسجيل الأسعار أعلى مستوى في ثلاث سنوات إلا أن "أوبك" ترى أنه ما زال أمامها مزيد من الإنجازات التي يمكن أن تحققها خلال الفترة المقبلة عبر تشديد السوق"، مشيرة إلى أن المنظمة نجحت في تقليص المخزونات من النفط الخام وتتجه بقوة إلى تقليص مخزونات الوقود أيضا.
وترى كبيرة الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية في أذربيجان، أن "أوبك" باتت قريبة للغاية من تمديد التخفيضات إلى العام المقبل بحسب الإشارات الصادرة عن اجتماع جدة، وذلك على الرغم من الانتقادات الأمريكية، لافتة إلى قناعة "أوبك" بقدرة الاقتصاد العالمي على تحمل أسعار أعلى للنفط الخام من المستوى الحالي.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت في ختام الأسبوع الماضي لتستقر بعد هبوط في وقت سابق من الجلسة أثارته انتقادات من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لدور "أوبك" في دفع أسعار الخام إلى الصعود.
إلى ذلك، أكد تقرير "ريج زون" الدولي نقلا عن سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي والرئيس الدورى لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن مزيدا من منتجي النفط بحاجة إلى الانضمام إلى اتفاق المنتجين الـ 24 الساري حاليا بين "أوبك" والمستقلين بقيادة روسيا من أجل استمرار نجاح الحد من المعروض العالمي.
وأشار التقرير إلى قول المزروعي "إن أعضاء "أوبك" والمنتجين الدول غير الأعضاء في "أوبك" قد أفرطوا بالفعل في خفض المعروض النفطي الذي وعدوا به الذي جاء ضمن الاتفاق المقدر بـ 1.8 مليون برميل يوميا"، مؤكدا أن ذلك يجب ألا يحول دون السعي حثيثا إلى ضم دول منتجة أخرى إلى اتفاق تقييد الإنتاج.
وجدد التقرير التأكيد على أن خفض الدول الأعضاء في منظمة أوبك والمستقلين لمستوى الإنتاج منذ أول كانون الثاني (يناير) 2017 نجح على نحو واسع في تخفيض المخزونات النفطية وتقديم دعم قوي لأسعار الخام عالميا.
وأضاف التقرير أن الاتفاقية – "على الرغم من حالة الجدل الدولي المحيطة بها في الأسواق – سيستمر تطبيقها حتى نهاية هذا العام فيما تتجه الأنظار إلى اجتماع المنتجين في حزيران (يونيو) المقبل في مقر منظمة أوبك في فيينا حيث سيحدد المنتجون المشاركون مسار عملهم في الفترة المقبلة".
ولفت التقرير إلى الإشارات الإيجابية الصادرة عن الاجتماع الوزاري في جدة للجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج خاصة ما يتعلق بحجم المخزونات النفطية التي كانت أعلى من المتوسط في خمس سنوات واستمر الأمر لفترة طويلة إلى حين التطبيق الصارم لخفض معدلات إنتاج دول "أوبك" والمستقلين.
وسلط التقرير الضوء على دعوة وزير الطاقة الإماراتي مجددا إلى زيادة الاستثمار في صناعة النفط بهدف مواكبة ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، مشيرا إلى قول المزروعي "إن قطاع النفط يحتاج إلى مليارات الدولارات من الاستثمارات، وليس مئات الملايين التي نشهدها الآن".
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول الجمعة الماضي مرتفعة 28 سنتا، أو 0.4 في المائة، لتبلغ عند التسوية 74.06 دولار للبرميل، بينما أغلقت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط مرتفعة سبعة سنتات إلى 68.40 دولار للبرميل.
واتهم ترمب منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك برفع أسعار النفط "على نحو مصطنع" بعد أكثر من عام على اتفاق بين "أوبك" والمنتجين المستقلين قلص مخزونات الخام العالمية.
وأثارت انتقادات ترمب ردود فعل من الدول المنتجة للنفط مع تراجع أسعار الخام عقب تعليقاته، وردا على تغريدة ترمب، شدد محمد باركيندو الأمين العام لـ "أوبك" على أن الاتفاق المبرم بين المنظمة ومنتجين خارجها بشأن خفض الإنتاج حال دون انهيار أسعار النفط العالمية التي باتت "الآن على مسار استعادة الاستقرار على أساس مستدام يصب في مصلحة المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي".
وأردف قائلا، "ليس لدينا أي سعر مستهدف في "أوبك" أو بالاتفاق مع منتجين غير أعضاء في المنظمة.. السعر ليس هدفنا. هدفنا ما زال استعادة الاستقرار.. على أساس قابل للاستمرار".
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، سجل برنت والخام الأمريكي أعلى مستوياتهما منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 عند 74.75 دولار و69.56 دولار للبرميل على الترتيب، مدعومين بالمخاطر الجيوسياسية وتقلص وفرة المعروض في الأسواق، وأنهى الخامان القياسيان كلاهما الأسبوع على مكاسب تزيد على 1 في المائة.
وهبط إنتاج "أوبك" في آذار (مارس) إلى أدنى مستوى في 11 شهرا وفقا لمسح أجرته "رويترز"، وكانت المنظمة تستهدف الوصول بالمخزونات إلى متوسط خمس سنوات في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ عددها 35 دولة كمعيار لنجاح الاتفاق.
وبحلول منتصف نيسان (أبريل)، بلغ مستوى تلك المخزونات 2.85 مليار برميل، بما يزيد 43 مليون برميل عن متوسط السنوات الخمس، وقبل عام كانت المخزونات عند 268 مليون برميل فوق هذا المتوسط.
من جهة أخرى، ارتفع عدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة للأسبوع الثالث على التوالي، بينما تسير شركات الطاقة الأمريكية قدما في تنفيذ خطط لزيادة الإنفاق على أعمال الحفر هذا العام مع وصول أسعار الخام إلى أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر أضافت خمسة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في العشرين من نيسان (أبريل)، ليصل العدد الإجمالي إلى 820 حفارا وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015".
وإجمالي عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي لمستقبل الإنتاج، أعلى بكثير من مستواه قبل عام عندما بلغ 688 حفارا، وتزيد شركات الطاقة الإنفاق بشكل مطرد منذ منتصف 2016 عندما بدأت أسعار النفط تتعافى من انهيار استمر عامين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط