Author

سوق المال ووجهة نظر

|

تمر السوق السعودية بقفزة مفاجئة للبعض، خاصة مع الأحداث الكبيرة التي تمر بها المنطقة العربية في جميع أرجائها. ولا شك أن سوق المال من المؤشرات الحساسة لمشاعر المستثمرين، فأي حدث يثير مشاعر الخوف والتشاؤم ينعكس سلبا على مؤشر الأسهم، والعكس صحيح إذ تنتعش السوق عند تسرب شائعات حول أرباح شركات أو مصارف رئيسة أو مصالحة بين الفرقاء في سورية أو المناطق التي تشهد اضطرابات وحروبا! لذلك يُعد مؤشر سوق المال أحد مؤشرات الاستقرار الاقتصادي والسياسي في أي دولة. وهذه الحال تنطبق على الأسواق العالمية عموما، التي تحركها مشاعر المتداولين، وفي نطاق ضيق تصدق المقولة: "اشتر على الشائعة وبع على الخبر"، خاصة في الأسواق الناشئة.
بناء على حديثي مع نخبة من الزملاء، فإن الارتفاع الأخير في سوق الأسهم لم يأت دون أسباب! فلا يخفى على لبيب، أن السوق تأثرت بمحفزات قوية، منها: (1) الاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي تتمتع به المملكة؛ فعلى الرغم من الحروب والظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، وكذلك صواريخ الحوثيين العبثية، فقد أثبت الاقتصاد السعودي متانته، والوضع السياسي تماسكت جبهته الداخلية وصلابة كيانه وقوة علاقاته الخارجية. (2) عززت زيارة الأمير محمد بن سلمان لأوروبا وأمريكا وما وُقع فيها من اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع كبريات شركات التقنية والاتصال والسلاح، عززت الثقة في نفوس المستثمرين الأجانب. فتنفيذه المشروعات من قبل الشركات الدولية سيوفر فرص عمل نوعية للمواطن السعودي، وسيستقطب بعض المستثمرين من الخارج. (3) ارتفاع أسعار البترول إلى مستويات لم تكن متوقعة، واستقرارها عند مستوى أعلى من 60 دولار، ما وفر الدعم المالي للاستمرار في تنفيذ المشروعات التنموية كالطرق وغيرها، وكذلك الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. (4) انضمام السوق المالية السعودية "تداول" ضمن مؤشر مجموعة فوتسي للأسواق الناشئة، ما أدى إلى تدفق رؤوس أمول المستثمرين الأجانب. (5) ومما يعزز الثقة بسوق المال السعودية، أن هناك توقعات بإدراج السوق السعودية في مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة، ما سيُسهم في استمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية للسوق السعودية، وسينعكس – إيجابا – على الاقتصاد السعودي. (6) تماسك سوق المال السعودية خلال السنوات الست الماضية على الرغم من الظروف الجيوبولتيكية الصعبة في الدول المجاورة يدل – دون أدنى شك - على قوة السوق وتماسكها.
بوجه عام، فإن إدراج السوق في مؤشرات دولية يعني ضرورة الانضباط وتطبيق الشفافية والحوكمة للشركات المدرجة في المؤشر من أجل ضمان استمرار الإدراج في تلك المؤشرات الدولية، وهذا يُعد إضافة نوعية للسوق تزيد من ثقة المتداولين في الداخل والخارج بوجه خاص، وتعزز الثقة بالاقتصاد السعودي بوجه عام.
وعلى الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققتها هيئة سوق المال، التي تستحق عليها الشكر والثناء، فإن المستثمر لا يزال في حاجة إلى كسب مزيد من الاطمئنان والثقة بإدارة سوق المال من حيث الجدية في الحد من التلاعب من قبل المجموعات، والضرب بيد من حديد على تسريبات المعلومات، وتحسين قواعد المعلومات عن الشركات المدرجة في السوق لتكون في متناول المستثمر بكل شفافية ووضوح، إضافة إلى إعادة تقييم وتصنيف المحاسبين القانونيين للتأكد من قيامهم بمهام عملهم بأمانة ودقة عند تقييم الشركات ومراجعة حساباتها. وأخيرا وضع آليات واضحة لاختيار أعضاء مجالس الإدارة، ومنع احتكار عضوية المجالس على فئة أو أشخاص محددين لسنوات طويلة.

إنشرها