Author

السعودية.. الشفافية المالية وتفوق الحالة الائتمانية

|

"موديز" وضعت تصنيفها الائتماني للسعودية عند ِA1، مع نظرة مستقبلية مستقرة. هذا التصنيف الجيد يأتي مع اتفاقية وزارة المالية السعودية ممثلة في مكتب إدارة الدين العام مع السوق المالية على طرح سندات الحكومة في السوق، بمختلف مددها وأنواعها، وهذا يحسن من البيئة الاستثمارية في المملكة من جانب وعي المستثمرين بالمعلومات وأثرها الإيجابي في التداول، فأهم ما يميز سند حكومي عن غيره هو التداول. التداول مرهون بالأمان من المخاطر والمؤشرات الدولية مثل "موديز" تقدم معلومات جيدة عن تقديرها للمخاطر.
تصنيف A1، وهو تصنيف متميز مقارنة بعديد من دول العالم، وخاصة أن أي ائتمان وأي سند مهما كان لا بد أن يحمل في طياته مخاطر، حتى تلك التي كانت تصنف فيما سبق بأنها خالية من المخاطر مثل سندات الخزانة الأمريكية أصبحت اليوم تحمل مخاطر، فالمخاطر الضمنية أو الملازمة للاستثمار لا يمكن السيطرة عليها، وهي التي تخفض تصنيف أي دولة في العالم وهنا بلا استثناء، وتبقى قضايا عدة تخفض المستوى الائتماني وترفع من المخاطر، بعضها له علاقة بالاقتصاد، وبعضه لها علاقة بإدارة الاقتصاد، وبعضها بالأمن والتأمين والمخاطر الجيوسياسية. ومع دراسة الحالة العامة للمخاطر في المملكة فإن حالة مخاطر الاقتصاد حتى المخاطر الجيوسياسية أصبحت أقل بكثير وهذا يعزز من الوضع الائتماني وقدرة المملكة وشركاتها على مقابلة تعهداتها. ومع فهمنا الكامل لما يلف التصنيفات العالمية من منهجية تحفظ في التقديرات لكن الواقع يشير بكل جلاء إلى أن الحالة الائتمانية في المملكة اليوم وفي المستقبل ـــ بإذن الله ـــ هي أفضل من تصنيف عند مستوى A1.
لقد واجه اقتصاد المملكة مخاطر جمة بعد انهيار أسعار النفط، وهذا لا مناص من الاعتراف به، فالميزان التجاري تأثر بحدة، ومن ثم واجهت المملكة استنزافا خطيرا في الاحتياطيات الأجنبية. كذلك كانت الخطوات في محاربة الفساد غير واضحة وغير معلنة رغم وجودها في الواقع، على أساس ثقافة سائدة أن الشفافية في هذه المعلومات قد تضر. ومع اندلاع الحرب في اليمن، وأيضا الموقف السعودي الثابت من القضايا العربية المختلفة، كل ذلك رفع من تقديرات المخاطر في التصنيفات العالمية. لكن الحقيقة أن حالة الاقتصاد السعودي وخاصة من جهة إدارته كانت متميزة جدا، ولكن لظروف تاريخية وثقافية معينة كانت حكومة المملكة تفضل العمل في صمت، وكانت هذه السياسة فعالة وتجاوب معها الاقتصاد مرارا، وتجاوزنا من خلالها موجات ومنحنيات اقتصادية صعبة. لكن طرق التواصل اليوم أصبحت مختلفة وأدواتها مختلفة أيضا، على الرغم من أن إدارة الاقتصاد ــــ كما أشرنا ــــ كانت متميزة لكن مثل هذا التميز لم يكن وحده قادرا على منح ثقة كافية لتصنيفات العالمية، وهذا في مجمله أثر في موقع المملكة في التصنيفات.
لكن اليوم وبعد أن أثبت الاقتصاد السعودي صلابته، وقدرته على امتصاص الصدمات، مع الخطط الاقتصادية المتميزة لتجاوز أزمة النفط، وما تم إعلانه وتطبيقه فعليا لبرنامج التوازن المالي، جعل زخم الإصلاح في المالية العامة أكثر استدامة، والأهداف المالية أكثر واقعية، وبرنامج تنويع الإيرادات أكثر مصداقية كما جاء هذا في تصريح وكالة موديز العالمية. فلقد أضافت الحكومة السعودية خطوات تحسن من قدرة الجهات الدولية على فهم الحقائق وتقييم الوضع بطريقة أفضل، من حيث إن ممارسة الشفافية بشكل أوسع أصبحت منهجا والإعلان عن حالة الميزانية العامة كل ربع سنة أصبح حدثا تترقبه المؤسسات الائتمانية والاستثمارية، وأيضا إطلاق حزمة من السندات المتداولة في الأسواق ذات الشفافية العالية، إضافة إلى تطوير مالية الحكومة بعدد من الرسوم والضرائب، أضف إلى ذلك النهج القوى الذي سار عليه خادم الحرمين الشريفين في محاربة الفساد وتم ذلك بشفافية عالية جدا لم تعهدها المملكة ولا شعوب المنطقة كافة، وتم ذلك تحت سمع وبصر جميع القنوات الإعلامية العالمية والمحلية. هذه الشفافية العالية أشارت إليها مؤسسة موديز عند إعلانها التصنيفات الجديدة، حيث اعتبرت الوكالة أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة السعودية للحد من الفساد أسهمت في تحسين الشفافية المالية، مشيرة إلى أنها تضمن استخداما أكثر فاعلية للموارد الحكومية، وهذا في حد ذاته إيجابي لملف الائتمان السيادي. فالتحسن الذي شهده تصنيف المملكة الائتماني لا يزال أقل مما تستحقه إدارة الاقتصاد، وأقل من الواقع.كلمة

إنشرها