FINANCIAL TIMES

تشدد ترمب المفاجئ تجاه روسيا ..هل يفاقم المخاطر؟

تشدد ترمب المفاجئ تجاه روسيا ..هل يفاقم المخاطر؟

الإدارة الأمريكية التي تتهم منذ فترة طويلة بأنها متزلفة في تعاملها مع روسيا، تواجه الآن تحذيرات بأن لهجتها الجديدة الأكثر تشددا تدفع البلاد نحو الوقوع في صراع محتمل مع موسكو.
بعد أن أمضى الشهور الخمسة عشر الأولى من فترة رئاسته وهو يواجه انتقادات تقول إنه مولع فوق الحد بالزعيم الروسي فلاديمير بوتين، عمل الرئيس دونالد ترمب على تغيير مساره بشكل عجيب، بعد حادثة تسميم جاسوس روسي سابق في المملكة المتحدة والادعاءات باستخدام أسلحة كيميائية من جانب سورية.
الأسبوع الماضي، أعلن البيت الأبيض فرض أشد عقوباته على روسيا - وهي خطوة لم يحظرها ترمب. هذا الأسبوع، لجأ ترمب إلى تويتر لمهاجمة بوتين بسبب دعمه الرئيس بشار الأسد، وكي ينصح القوات الروسية في سورية بأن تكون "مستعدة" لهجوم بالصواريخ الأمريكية.ربما يستطيع ترمب كسب التأييد الداخلي من خلال خطاباته، حيث لا تزال تلاحقه التساؤلات حول ارتباطات حملته الرئاسية عام 2016 بروسيا. مع ذلك، يحذر بعض الخبراء المختصين في الشؤون الروسية من أن الرئيس يلعب لعبة خطرة من خلال المخاطرة بحدوث مواجهة عسكرية بين البلدين.
دانيال فرايد، سفير سابق عمل على تنسيق سياسة العقوبات للحكومة الأمريكية خلال فترة رئاسة أوباما، قال إن تغريدات ترمب تضع الولايات المتحدة "في الفضاء البلاغي نفسه المتفاخر مع بوتين"
قال فرايد، مشيرا إلى (الواقعة المشهورة) حين قام خروتشوف كدليل على الاحتجاج بضرب حذائه على الطاولة في الأمم المتحدة: "لم يخطر على بالي قط أننا يمكن أن نكرر حادثة خروتشوف كاملة، لكننا وصلنا بالفعل إلى ذلك الحد وهذا يمكن أن يتسبب في الأذى لنا".
أندرو فايس، خبير مختص في الشؤون الروسية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، قال إن لغة ترمب خطيرة في منظور السياسة الخارجية "التعليقات التي تقول ’روسيا: حذار من صواريخي الآتية‘ هي بالضبط الطريقة الخاطئة للتحدث حول استخدام القوة، وبالذات الطريقة الخاطئة للتحدث مع حكومة أجنبية لديها وجود عسكري ضخم في سورية".
عمل ترمب أخيرا على تعديل لهجة خطاباته نوعا ما. يوم الخميس الماضي، غرد عبر تويتر قائلا: "لم نحدد قط الوقت الذي سيحصل فيه الهجوم على سورية. قد يكون قريبا جدا أو ليس قريبا على الإطلاق".
وقبل يوم من ذلك غرد قائلا إن كل البلدان بحاجة إلى العمل معا: "هل سنوقف سباق التسلح؟"
ستحاول الولايات المتحدة تجنب الوقوع في مواجهة مباشرة مع روسيا في سورية، بالطريقة نفسها التي أعطت فيها موسكو إشعارا مسبقا قبل تنفيذها لهجوم جوي محدود في سورية، العام الماضي.
سبق أن اصطدمت الولايات المتحدة مع روسيا في سورية لمرة واحدة هذا العام، عندما أطلقت جماعة مرتزقة يدعمها نظام الأسد، كانت تشمل متعاقدين روس، النار على قاعدة أمريكية بالقرب من دير الزور، ما استثار الولايات المتحدة لترد على النار.
جيمز جيفري، سفير سابق إلى الشرق الأوسط عمل نائبا لمستشار الأمن القومي في عهد جورج بوش، قال إن تغريدات ترمب تنذر بخطر "تصوير بوتين وكأنه محشور في زاوية". إن تعرض أي روس للأذى، حتى لو بالمصادفة، يمكن أن ترد موسكو.
كما حذر قائلا: "إن لم تكن حذرا، سوف تدخل مع الروس في صراع".
قال ديميترس سايمز، رئيس مركز المصلحة القومية في واشنطن، إن بوتين من شأنه على الأرجح أن يواجه ضغوطا متزايدة للرد بأسلوب أكثر عدوانية نحو الولايات المتحدة. وجادل بأن العلاقات الروسية الأمريكية هي الأسوأ منذ أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 أو أزمة برلين في عام 1961.
وأضاف: "أعتقد أننا نتعامل مع موقف خطير جدا. أنا متأكد من أن كلا الجانبين لا يرغب في الوقوع في مواجهة نووية كبيرة، لكننا نعلم من التاريخ أنه بمجرد البدء بحرب ما، قد يكون من الصعب جدا السيطرة على التصعيد".
في موسكو، كان يبدو أن آمال بوتين بتحقيق تحسن في العلاقات آخذة في التلاشي حتى قبل التوترات الأخيرة. الشهر الماضي، خصص نحونصف خطابه عن "حالة الأمة" لمدة ساعتين للتفاخر بالأسلحة النووية الجديدة التي يدعى أن من شأنها أن تجعل روسيا قوة لا تقهر. مع ذلك، وفي الأيام الأخيرة، أظهر بوتين شيئا من ضبط النفس، رغم التحذيرات الصارخة من القيادة العسكرية في روسيا وبعض الدبلوماسيين الروس.
قال في حفل استقبال للدبلوماسيين الأجانب يوم الأربعاء الماضي: "أصبح الموقف العالمي فوضويا بشكل متزايد. مع ذلك، نأمل بأن يسود المنطق في نهاية المطاف، وأن تعود العلاقات الدولية إلى مسارها البناء وأن يصبح النظام الدولي بأكمله أكثر استقرارا وقابلية للتنبؤ".
حتى الآن، قال المسؤولون في موسكو وواشنطن إنه لا يوجد مؤشر على أن ترمب سوف يسحب دعوته للرئيس بوتين لزيارة البيت الأبيض لعقد مؤتمر قمة.
داخل الإدارة الأمريكية، يقول البعض إن ترمب لا يزال يعتقد أنه يستطيع العمل مع روسيا، بطريقة أخفق فيها الرؤساء السابقون، من خلال إقامة علاقة شخصية مع بوتين. يقول المقربون من الإدارة إن استراتيجية الإدارة الحالية هي فرض تكاليف على روسيا، على نحو يجعل موسكو تدرك أنه سيكون هناك رد عكسي منسق من الغرب.
بريان أوتول، وهو مسؤول كبير سابق في "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية " التابع لوزارة الخزانة، الذي يعمل على إنفاذ العقوبات الأجنبية لخص التحول بقوله إنه يبدو على الإدارة أنها ضمن عملية "إعادة تفكير" نحو روسيا، وهي عملية تشمل "الانخراط الانتقائي ورد الفعل العكسي الانتقائي".
وقال أوتول: "ما كنت أرجوه هو أن تكبح الإدارة والكونجرس غرائز (لدى ترمب) بشأن (روسيا) إلى أن يشعر بوتين فعلا بالغضب الشديد منه. ويبدو أن هذا هو ما حدث".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES