FINANCIAL TIMES

انطلاق موسم الأرباح يخفي مفاجآت كبيرة

انطلاق موسم الأرباح يخفي مفاجآت كبيرة

بعد سنوات من تغطية مواسم الأرباح الفصلية، أشعر بالسأم الشديد منها. لعبة التوقعات، في الوقت الذي تقلص فيه الشركات من آفاقها مع اقتراب إعلان الأرباح، فقط "لتفاجئ" الجميع بالتفوق على الحد الأدنى الذي وضعته لنفسها، هذه اللعبة أصبحت من الطقوس الزائفة والمزعجة. الشركات في كثير من الأحيان تحتال علينا نحن العاملين في الصحافة لمنحها تغطية جيدة، وتخدع المستثمرين لشراء أسهمها.
هذه العملية أصبحت معروفة تماما. بالتالي مهما كان إجماع المحللين بشأن نمو الأرباح على أساس سنوي، توقَعْ حدوث مفاجأة وأضف ثلاث نقاط مئوية أخرى أو نحو ذلك.
لكن من دواعي سروري أن أقول إن الأمر مختلف هذه المرة. فبدلا من الانخفاض في الوقت الذي تقترب فيه نتائج الربع الأول من عام 2018، قفزت توقعات أرباح الشركات الأمريكية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
وفقًا لسافيتا سوبرامانيان، من "بانك أوف أمريكا"، ارتفعت توقعات الإجماع للربع الأول أكثر من 4 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة. هذه هي أعلى نسبة منذ الأزمة؛ عادة تنخفض التوقعات أكثر من هذا خلال الأشهر الثلاثة السابقة لإعلان الأرباح.
يستجيب الوسطاء لما تقوله لهم الشركات: يقول جيه بي مورجان إن الشركات رفعت توجيهاتها قبل الإعلانات أكثر من أي مرة في السابق. معنى ذلك أن اللعبة تغيرت: نحن ندخل هذا الموسم مع تعزيز الجميع توقعاتهم، وليس تثبيطها.
لا يوجد غموض حول السبب الرئيس لهذه التحديثات. إنه بالطبع، التخفيض الضريبي الذي تم الاتفاق عليه في نهاية العام الماضي. ومهما كانت مزاياه الاقتصادية على المدى الطويل، فإن تخفيض الضرائب التي يتعين على الشركات دفعها على أرباحها يزيد بشكل مباشر من الأرباح التي يمكن أن تتشاركها مع مساهميها. المقدار الدقيق المضبوط للزيادة في الأرباح يعد سؤالا حاسما. التقدير الذي قدمه جوناثان جولوب، من "كريدي سويس"، الذي يرى أنه سيضيف سبع نقاط مئوية للنمو، هو تقدير عادي – نتيجة للتخفيضات الضريبية تمتعت الأسواق بارتفاع مفرط في كانون الثاني (يناير)، تم تصحيحه منذ ذلك الحين.
لكن هناك ما هو أكثر من خفض الضرائب. فالدولار آخذ في الضعف، على نحوٍ فاجأ كثيرين، وعمل على تحسين عائدات الشركات متعددة الجنسيات في الخارج إلى أقصى حد منذ عام 2010. أيضا ارتفاع سعر النفط، وهو مفاجأة أخرى، يعزز بشكل مباشر أرباح شركات الطاقة. وحين تجمع كل هذه العوامل تجد الوسطاء مستعدين لربع قوي للغاية تزيد فيه الأرباح أكثر من 20 في المائة على أساس سنوي.
بطبيعة الحال، في الوقت الذي يتوقع فيه الوسطاء مفاجأة إيجابية من الأرباح، يتوقعون أيضا أن ترتفع أسعار الأسهم. هذا توقع معقول - تظهر بيانات بلومبيرج أن 80 في المائة من مكاسب ستاندرد آند بورز في الأعوام الخمسة الأخيرة جاءت خلال مواسم الإعلان عن الأرباح.
هذا يفسر لماذا شهدت سوق الأسهم بشكل متكرر أدنى المستويات التي حددتها في أوائل شباط (فبراير) لكنها لم تنخفض إلى أدنى منها. ولأننا كنا نتوقع أن نحصل على ما يمكن أن يكون أرباحًا تاريخية جيدة، فلا أحد يريد البيع قبل الحصول عليها. حتى لو لم تكن الأرباح جيدة كما كان مأمولا، فقد يكون التأثير النفسي بحد ذاته مهما. عندما يتم التذكير بأن الأمور جيدة إلى هذا المستوى الممتاز بالنسبة لعالم الشركات والشركات الأمريكية على وجه الخصوص، يبدو من الصعب البيع. وفي هذه الحالة يمكن أن تبدو المخاوف بشأن الرسوم الجمركية وأسعار الفائدة الأعلى ليست ملحة إلى هذه الدرجة.
لكن هذا لا يزال يترك مجالاً للقلق. ربح السهم الواحد (الذي يمكن تعزيزه من خلال الهندسة المالية، مثل إعادة شراء الأسهم، إضافة إلى الأرباح التشغيلية القوية) له أهمية في الواقع بالنسبة لأسعار الأسهم على المدى الطويل. على مدى السنوات الـ 25 الماضية، من خلال تحطم الفقاعات وأزمة ائتمان ملحمية، أسعار الأسهم والربح لكل سهم اقتفت أداء بعضها بعضا بشكل كامل تقريباً.
لكن هل يمكن للأرباح أن تستمر في تجاوز نمو المبيعات؟ زادت هوامش الربح بشكل ضخم خلال ذلك الوقت، ما يعني أن المستهلكين أو الموظفين، أو كليهما، يحصلون على صفقة أسوأ - وهو بالتأكيد ما يشعرون به.
على مدى التاريخ عادت هوامش الربح إلى المتوسط بشكل موثوق، بصورة عامة بسبب الشد والجذب بين رأس المال واليد العاملة. عندما تكون الشركات في أكثر أحوالها ربحية، يكون لدى النقابات نفوذ أكثر للتفاوض واستخلاص بعض الأرباح الإضافية. وفي الوقت الحالي نسبة الشركات التي تشكو من ارتفاع تكاليف الأجور تظل منخفضة بشكل ملحوظ.
في العقد الماضي وقع كثير من المتشائمين (بمن فيهم أنا) في الشرك المتمثل في توقع عودة هوامش الربح إلى مستواها الطبيعي، فقط لرؤيتها تستمر في التوسع بطرق لم تكن تبدو ممكنة. ومن المنتظر لهذا الاتجاه أن يشتد. وتشير تقديرات "جيه بي مورجان" إلى أن هوامش الدخل الصافي ستصل إلى 12.9 في المائة العام المقبل، أي ثلاثة أضعاف مستواها عام 1992.
وعلى المدى الطويل يجب أن يكون هذا سبباً للحذر بشأن أرباح الشركات الأمريكية (حتى لو كنتُ مخطئاً بهذا الشأن في معظم الأوقات منذ الأزمة). على المدى القصير يبدو لي أن الأسهم تحمل عبء التوقع الثقيل أكثر من اللازم.
رد فعل السوق المعاكس على بعض الأرباح القياسية من المصارف الأمريكية الكبرى، التي أطلقت موسم الإعلان عن الأرباح يوم الجمعة، يعطينا فكرة عما يمكن أن يحدث. ولأن هناك كثيرا من المتغيرات موضوع البحث التي يمكن تسبب بلبلة، هناك مجال واسع لمفاجآت كبيرة في كلا الاتجاهين، في الوقت الذي تكشف فيه الشركات عن حساباتها. لكن من باب التغيير، ربما تكون "المفاجآت" مفاجئة في الواقع.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES