Author

قطاع الـ «سوبر ماركت» واستراتيجيات المنافسة

|

يحتل قطاع التجزئة في المملكة مكانة مهمة ليس فقط بسبب العوامل الأساسية المشتركة في كل دول العالم، إنما يزيد عليها في السعودية عوامل أخرى تجعل منه قطاعا أكثر أهمية وحساسية. من أهم هذه العوامل: التركيبة السكانية ومعدل النمو السكاني، حيث يحتل الشباب الشريحة الأكبر في التركيبة السكانية، وكما نعلم الشريحة الأعلى إنفاقا هي الشريحة العمرية التي تقل تقريبا عن 45 عاما وتزيد على الـ 20 وهي تشكل أكثر من 50 في المائة من المجتمع، فهي لها احتياجات ومتطلبات أعلى من الشرائح الأخرى. وعلى الرغم من تباطؤ النمو في السنين الأخيرة إلا أنه ظل في معدلات جيدة في حدود 2.5 في المائة، وقد كان في عام 2005 في حدود 3.5 في المائة، كل هذا يدل على أهمية تطور قطاع التجزئة ليواكب الاحتياجات ويغطي النقص الحالي في "بعض" المناطق والقطاعات الفرعية.
من داخل قطاع التجزئة، يحتل قطاع بيع وتجارة المواد الغذائية أو السوبر ماركت نسبة كبيرة من مبيعات هذا القطاع وهو القطاع الذي تعمل فيه عدة شركات سعودية وأخرى أجنبية ولاعبون جدد قادمون قريبا عبر استثمارات أجنبية متوقعة، ما سيرفع المنافسة ويستوجب امتلاك استراتيجيات مناسبة لضمان المنافسة والبقاء والاستحواذ على حصة سوقية. وهنا تكمن أسرار التفوق، فبنظرة سريعة إلى المنافسين في هذا القطاع اليوم، نجد امتلاك أغلبيتهم استراتيجيات تميزهم وتضمن لهم البقاء كمنافسين واستحواذهم على حصص سوقية مناسبة عبر استهدافهم شرائح مختلفة من المتسوقين. بعض المنافسين على سبيل المثال يركز على القيمة بمعنى أوضح تقوم منافستهم على تقديم المنتجات بأقل سعر في السوق ما يجعله مركزا على الشريحة الأكبر في السوق وهي الشريحة ذات الدخل المتوسط وأقل. على الجانب الآخر، يركز البعض على التنوع والتفرد، حيث يعرض منتجات أغلبها مستورد حيث لا توجد في أي سوبر ماركت آخر، فبذلك هم يتنافسون في الشرائح المتوسطة والأعلى التي تبحث عن التميز والجديد. وبشكل عام الأغلب له استراتيجية يعمل بها وينافس، لكن هناك بعض الأسماء لا أستطيع "شخصيا" إيجاد أي ميزة أو استراتيجية عمل واضحة تجعلهم ينافسون بها، فلا أجده ينافس في الشريحة المتوسطة وأقل فأضعه منافسا واضحا فيها، وبكل تأكيد لا ينافس مع الشريحة الأعلى، حيث إنهم لا يملكون التنوع والتفرد المطلوب في المنتجات. تبقى مسألة التوزيع الجغرافي وهي بكل تأكيد مهمة لكن لا تضمن الاستمرارية، حيث بمجرد ملاحظة المنافسين لهذه المنطقة الجغرافية المميزة بارتفاع الطلب سيتوافدون للمنافسة، عندها لن يملك الذي لا يوجد لديه استراتيجية تميزه إلا الخروج بعد تدني مبيعاته مع الوقت، فلذلك وبمعنى آخر، الاستمتاع بالتنوع الجغرافي أو العددي لا يكفي للمنافسة على المدى الطويل، بل يجب البحث عن التميز في المنتج أو السعر أو بما يسمى تجربة العميل وهي حتى الآن غير موجودة بشكل واضح، حيث يتحول التسوق إلى متعة وليس فقط عبورا بين الممرات الطويلة الصامتة المملة، سواء بوجود أقسام تقدم الأكل كمطاعم صغيرة داخل مراكز التسوق في السوبر ماركت أو الهايبر ماركت كما هو معمول به في عدة دول أوروبية، أو إيجاد أجواء مناسبة للأطفال وجعل تجربتهم في التسوق أمتع، وغيرها من الأفكار الكثيرة التي قد تزيد الإقبال على المتاجر. طبعا يبقى الاهتمام بمسألة الموثوقية بإعلانات هذه الشركات خلال فترات التخفيضات وما يسجله عديد من المتسوقين عن حالات مخالفات تقع فيها هذه المتاجر لعدم مطابقة بعض الأسعار لما هو معلن ما يضعف مصداقيتها.
أعتقد أنه خلال الفترة المقبلة ستحتد المنافسة مع دخول لاعبين جدد خصوصا إذا كانت باستثمارات أجنبية ومن أسماء عالمية في قطاع التجزئة، فسترفع المنافسة وتضغط على المتاجر التي تفتقد ميزة بين شرائح المستهلكين وتفتقد صورة نمطية للمستهلك تجعله يتمسك بالمتجر الذي يتعامل معه. لكن من ناحية أخرى، إذا تم تطبيق ونجاح سعودة البقالات فقد ترفع من مبيعات هذه المتاجر الكبيرة لمصلحة البقالات لفترة من الزمن قبل تعديل السوق للمعادلة في نهاية الأمر. عموما سنشهد أحداثا وتطورات، يتغير كثير من القوى ويتبدل بين المتنافسين بل قد تشهد خروج أسماء كبيرة في أسوأ الأحوال إن لم تتطور وتنافس.

إنشرها