FINANCIAL TIMES

بشرى للعاطلين .. الذكاء الاصطناعي يوفر لك الوظيفة المناسبة

بشرى للعاطلين .. الذكاء الاصطناعي يوفر لك الوظيفة المناسبة

تعكف شركات التوظيف في المملكة المتحدة على تطوير تكنولوجيا تشتمل على الذكاء الاصطناعي الذي يسمح لها بتوفير وظائف للناس قبل أن يبدأوا حتى بالبحث عنها، آخذة في الحسبان أنها إن لم تواصل الإبداع والابتكار، فإن نماذج أعمالها سيكون مصيرها أن تصبح على الهامش.
"هيز"، واحدة من أكبر شركات التوظيف في العالم والأكبر في بريطانيا من حيث الرسملة السوقية، أسست شراكة مع شبكة الأعمال "لينكد إن" تتيح لها إمكانية الوصول إلى بعض بيانات الشركة، مثل الوقت الذي يضيف فيه المستخدم مهارة معينة، أو صورة لملفه التعريفي.
من خلال هذا النوع من المعلومات، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد الشخص الذي يوشك أن يبدأ البحث عن وظيفة بشكل رسمي، ما يسمح للشركة بالتواصل معه بشكل استباقي وأن تعرض عليه وظيفة ضمن مجاله، بحسب أليستير كوكس، الرئيس التنفيذي لشركة هيز.
ويضيف كوكس: "يمكن للبيانات والذكاء الاصطناعي أن يقدما لك بعض الأفكار الدقيقة إلى حد كبير حول ما إذا كان شخص معين على استعداد لقبول وظيفة متوافرة لديك. وهذا جزء من سباق للحصول على أفضل المرشحين لمصلحة عميلك قبل أن تحصل عليه الشركات المنافسة".
و"هيز" هي واحدة فقط من شركات التوظيف العالمية الكبرى، التي تقع مقار عدد منها في المملكة المتحدة، وتستثمر في التكنولوجيا في محاولة منها للتوفيق بين الباحثين عن عمل وبين الوظائف بشكل سريع ويتسم بالكفاءة.
إحدى الشركات المنافسة الرئيسة، "بيج جروب"، أنشأت "مجموعة إبداعات" للعثور على سبل لتحسين عملية التوظيف من خلال جعلها أكثر رقمية. وهذا يتضمن جعل الأمر أسهل وأسرع على المرشحين من حيث العثور على وظائف إلكترونيا عبر الإنترنت، أو أسهل على شركات التوظيف من حيث التوصل إلى أنسب الأفراد لشغل الوظيفة التي أصبحت شاغرة.
يقول ستيف إنجهام، الرئيس التنفيذي لشركة بيج جروب: "ما نريده هو وجود مستشار لا يتعين عليه البحث في مئات المرشحين لتحديد المرشح الأفضل للحصول على الوظيفة".
وتحل التكنولوجيا منذ فترة مكان بعض المهمات العادية التي تتولاها عادة شركات البحث عن موظفين، مثل فرز السير الذاتية وغربلة المرشحين يدويا لإعداد قائمة مختصرة. وهناك تطورات أخرى تشتمل على الروبوتات المستخدمة في عملية التوظيف، وهو اتجاه نحو تسجيل السير الذاتية بالفيديو واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد ملف تعريفي شخصي لطالبي العمل.
لكن هناك أيضا خطرا يتمثل في أن التكنولوجيا التي تعتمدها شركات التوظيف يمكن أن تعمل على القضاء على أعمالها هي بالذات، من خلال أتمتة دورها كشركات وساطة والعدد الكبير من الوظائف التي يمكنها عادة العثور على مرشحين لشغلها.
يقول رحيم كريم، محلل الخدمات المساندة في "ليبيرام": "للتكنولوجيا تأثير تعطيلي في قطاع التوظيف - ولها تأثير فوري في الوقت الحاضر". ويتابع: "هذا التأثير يظهر بشكل أكبر في قطاع العمال اليدويين حيث يمكن أن يكون عدم التكافؤ في المهارات بين المرشحين أقل حدة بكثير. لكن سيكون لذلك أثر في المستويات الأدنى من وظائف موظفي المكاتب أيضا".
في الواقع، تراجعت في كانون الأول (ديسمبر) أسهم كل من "هيز" و"بيج جروب"، اللتين تختصان بتوظيف العاملين في المكاتب، أكثر من 5 في المائة بعد أن قال "دويتشه بانك" إن شركات التوظيف تخضع لعمليات إصلاح كبيرة، مستشهدا "بالضغوط الهيكلية على إجمالي الهوامش، المدفوعة بتحسن التوظيف والتكنولوجيا".
بطبيعته، يغلب على القطاع الذي تبلغ قيمته 32.2 مليار جنيه استرليني التركيز على الأجل القصير، حيث النتائج الفصلية مدفوعة بالأثر الفوري للتغيرات الاقتصادية والتنظيمية. في الوقت نفسه، توسع كثير من شركات التوظيف في المملكة المتحدة في الخارج، في حين أن عوامل اللبس المتعلقة بالمملكة المتحدة في مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي تلقي بثقلها على الشركات المحلية.
وأصبح من الشائع الآن التعاون مع شركات التكنولوجيا الناشئة. يقول كوكس: "من الأفضل العمل معهم بدلا من محاربتهم"..
واشترت شركة راندستاد الاستشارية في مجال الموارد البشرية ـ في مقرها في هولندا ـ شركة التوظيف الإلكترونية "مونستر" في عام 2016. واستحوذت مجموعة أديكو ـ مقرها في زيوريخ ـ على موقع الوظائف الإلكتروني "فيتيري" في شباط (فبراير).
وقدمت التكنولوجيا أيضا فرصا لوافدين جدد صغار مثل شركات التوظيف المتخصصة في قطاع معين. مثلا، في حين كان من المفترض أن تعمل شركات التوظيف على بناء قاعدة بيانات خاصة بها تضم قوائم بمرشحيها، أصبح من الأسهل الآن العثور على أشخاص عبر الشبكات الإلكترونية مثل "لينكد إن".
لكن شركات التوظيف تجادل أيضا بأن فن التوفيق بين الوظائف وطالبيها لن يستبدل به أبدا العلم بالكامل. وتقول إن التكنولوجيا تعمل على تحرير المستشارين ليكونوا أكثر إنتاجية، ما يمنحهم مزيدا من الوقت ليقدموا للعملاء نصائح مفصلة حول أوضاعهم وتطوير تفهم أوسع نطاقا للسوق.
وبحسب ألبرت إيليس، الرئيس التنفيذي لـ "هارفي ناش"، وهي شركة توظيف تتخصص في مجال التكنولوجيا "ما سيحدث هو أن شركات التوظيف ستصبح في نهاية المطاف أشبه بهيئات استشارية للأعمال بدلا من القيام ببحوث مكتبية".
مع ذلك، لا تزال أتمتة الوظائف تشكل تهديدا وشيكا. يتوقع تقرير صدر عن معهد ماكينزي أن ما يراوح بين 400 مليون و800 مليون من البشر ستتم ازاحتهم لتحل محلهم الأتمتة بحلول عام 2030.
ويقول إيليس: "حجم التوظيف الهائل سينخفض في كثير من القطاعات"، مضيفا أن شركات توظيف التنفيذيين ستكون هي أكثر الشركات المحمية، لأن من غير المرجح أن يتم استبدال الروبوتات بأعضاء مجلس الإدارة.
مع ذلك، شركات التوظيف واثقة من إمكانية التكيف من خلال التركيز على الوظائف التي تتطلب المهارات، والوظائف التي ستجلبها التكنولوجيا.
يقول جايلز دوبيني، نائب الرئيس التنفيذي لشركة روبرت وولترز للتوظيف: "من الصعب أن نشهد حصول الشركات على عائد كبير على استثماراتها في قطاع التكنولوجيا. لكن في وقت ما في المستقبل سيحصل ذلك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES