Author

«قمة القدس».. قمة النتائج والمواقف

|
جاء "إعلان الظهران" في وقت تحتاج فيه الأمة العربية كلها ما تضمنه. وأتى أيضا في سياق التطورات المتلاحقة على الساحة العربية، التي تتسم بالخطورة الواضحة. بل إن هناك مصائب حقيقية تعيشها بعض الدول العربية، سواء جراء التحولات السياسية الأخيرة فيها، أو بسبب التدخلات الخبيثة في شؤونها. ومع ذلك، ركزت "قمة القدس" على القضية الفلسطينية المحورية دائما وأبدا، وعلى مدينة القدس المحتلة، خصوصا بعد اعتراف الولايات المحتلة بالقدس عاصمة لإسرائيل، بقرار نقل سفارتها إليها من تل أبيب. هذا الإجراء مرفوض جملة وتفصيلا من القمة، لا سيما أنه يتعارض مع المبادرة العربية في قمة بيروت 2002، والقرارات الدولية ذات الصلة. لا حلول وسطا في حقوق الشعب الفلسطيني، ولا تنازل عن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. الأمن القومي العربي كان محورا رئيسا، مع تزايد التهديدات للأمة العربية كلها، خصوصا عبر إيران التي تهدف إلى نشر الخراب في أي جزء من الوطن العربي، وتنفذ سياسة طائفية دنيئة، في هذا البلد أو ذاك. ومن هنا، لا بد من تعزيز العمل العربي المشترك، للوقوف في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضد العرب دون استثناء. والعمل العربي المشترك هنا، لا بد "بحسب القمة" أن يكون مبنيا على منهجية واضحة وأسس متينة. وهو لا يستهدف حماية الأمة العربية فحسب، بل يهدف أيضا إلى تهيئة الساحات لمزيد من التنمية والازدهار، بما يكفل مستقبلا جيدا للأجيال القادمة. فالمسألة في قمة القدس ليست كلاما للاستهلاك، بل مخططات عمل للانطلاق من أجل تحقيق الأهداف العربية كلها. وقف العرب في القمة "كما هو مؤكد" مع المملكة لتعرضها لصواريخ عصابات الحوثيين الخونة، المدعومين من النظام الإرهابي في إيران. والسعودية تقوم، في الواقع، بدور مهم وضروري في اليمن، يستهدف إعادة الشرعية إليه، ومساعدته في إعادة البناء والتنمية المطلوبة لشعبه. غير أن العصابات الحوثية فضلت أن تكون عملية مستدامة لإيران ضد وطنها. لهذا السبب وغيره، تأتي المطالبة بتشديد العقوبات الدولية على إيران، التي لا تنشر الخراب فقط في هذا البلد العربي أو ذاك، بل تمول منظمات إرهابية على المستوى العالمي، وهذا يدخل ضمن نطاق الحرب التي تشنها السعودية على الإرهاب، بالتعاون مع المجتمع الدولي كله. ولأن الأمر كذلك، كان التضامن مع البحرين في إجراءاتها لحماية أمنها ومقدراتها واستقرارها، بما ينعكس خيرا على شعبها وعلى المنطقة أيضا. على النظام الإيراني الإرهابي التخريبي أن يسحب قواته مع كل البلدان العربية المتواجد فيها، وفي مقدمتها سورية واليمن ولبنان. فسورية، تعيش أبشع الحروب قاطبة بوجود سفاح يحكمها، باع نسفه والبلاد كلها للإيرانيين من أجل أن يبقى يوما واحدا في حكم لا يستحقه. القمة التزمت، بالطبع، بضرورة الحل السياسي للأزمة السورية، لكنها أيدت أي ضربة توجه للنظام الإجرامي، خصوصا بعد الفظاعات التي يرتكبها بحق الشعب السوري. وفي اليمن -كما أشرنا- تقوم إيران بكل ما يتعارض مع مصالح الشعب اليمني، إضافة إلى قتل ما أمكن لها من اليمنيين على أساس طائفي بغيض. ناهيك -طبعا- عن تدخلاتها البشعة في لبنان منذ عقود. ومع ذلك، يريد العرب علاقات مع كل الدول الأخرى، تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي، بما يكفل إرساء دعائم الأمن والسلام والاستقرار ودفع عملية التنمية. لا تريد "قمة القدس" إلا أن يتحقق الأمن والسلام في ليبيا، عن طريق عملية سياسية تحترم مقدرات ومستقبل الشعب الليبي. مع الـتأييد القوي للحوار الرباعي الذي استضافته جامعة الدول العربية، بمشاركة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. النتائج التي توصلت إليها "قمة الظهران" واقعية إلى أبعد الحدود، وجاءت في وقت تحتاجها الأمة العربية كلها. كما أتت في ظل دور سعودي محوري فاعل، يستند في الواقع إلى مكانة المملكة على الساحتين، العربية والعالمية.
إنشرها