Author

ليس أقل من شل الاقتصاد الإيراني

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"العقوبات جزء مهم من جهد شامل لمواجهة النشاط الخبيث، الذي تمارسه إيران في المنطقة" سيجال ماندلكر، وزيرة أمريكية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية باستثناء بعض "اللعب" السياسي الفرنسي على صعيد العقوبات الدولية المفروضة على إيران، ومحاولات باريس الحصول على ما تعتقد أنها تستطيع الحصول على مكاسب مالية من التعامل المفتوح مع النظام الإرهابي الإيراني، فإن بلدان الاتحاد الأوروبي ليست متحمسة مع الموقف الفرنسي المكشوف، رغم كل محاولات الرئاسة الفرنسية إخفاءه بهذه الحجة أو تلك. ومن المفارقات، أن فرنسا التي كانت من "الصقور" في المفاوضات مع إيران حول البرنامج النووي لهذه الأخيرة، بل تزعمت الجانب المتشدد في كل مسيرة المفاوضات المذكورة، إلا أن الرئاسة الحالية فيها، ترى تخفيفا أكبر للعقوبات، بينما يثبت النظام الإيراني كل يوم، أنه لا يمكن أن يتخلى عن استراتيجية الخراب والإرهاب التي يعتمدها على الساحتين الداخلية والخارجية، بما في ذلك تمويل طهران الأنشطة الإرهابية حتى خارج المنطقة، وحراكها المشين في تجارة المخدرات والسلاح وحتى البشر. العالم يعرف أنه لو امتلكت إيران بنظامها الإجرامي الحالي أدنى كمية من اليورانيوم المخصب، لاستخدمتها في أول لحظة. ومع ذلك، أجبرت بلاهة الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة باراك أوباما هذا العالم على قبول اتفاق نووي مشكوك فيه حتى من البلدان التي وقعت عليه. وهذا ما يعمل عليه الرئيس دونالد ترمب حاليا. الاتفاق كان مروعا للعالم أجمع، وهو يسعى لإزالة المخاطر التي أتى بها على الساحة الدولية. وليصمت أوباما إلى الأبد، الذي أضر المنطقة بسياساته البلهاء بصورة تستدعي العمل دون توقف على إزالته أو التخفيف منه. ومن ضمن الأدوات المتوافرة حاليا على الساحة، العقوبات الدولية التي تساعد "ولو ببطء" على تحجيم الطموحات الإيرانية التخريبية. وهنا يأتي حرص الإدارة الأمريكية على مواصلة العقوبات وتفعيل أخرى، بل إطلاق عقوبات جديدة وفقا للسلوكيات الإيرانية التي تتحدى كل الأعراف الدولية، خصوصا تدخلاتها في حروب في عدد من بلدان المنطقة، وقيامها بتمويل ودعم الإرهاب هنا وهناك. الأسبوع الماضي جدد الاتحاد الأوروبي هذه العقوبات لعام آخر. وهي تستهدف "كما هو معروف" 82 شخصا وكيانا واحدا فقط، إضافة إلى حظر تصدير معدات قد تستخدم في القمع الداخلي، وأجهزة تستخدم لمراقبة الاتصالات. هذا الجانب يصب بالطبع في مصلحة الشعب الإيراني نفسه، الذي يعتبر أول ضحايا النظام الإرهابي في بلاده. غير أن هذا ليس مقبولا "وحده" بالنسبة للإدارة الأمريكية. فهذه الأخيرة ترغب في مزيد من العقوبات من الجانب الأوروبي، وتتحرك بالفعل من أجل إتمام ذلك في أسرع وقت ممكن. الذي يحدث الآن، أن بعض البلدان الأوروبية تستعد لفرض عقوبات جديدة بما يتناسب مع المخاطر التي تمثلها إيران على الأمن العالمي. لكن من ناحية عملية وسريعة على الدول الأوروبية الراغبة في تفعيل العقوبات أكثر أن تحذو حذو الولايات المتحدة بتهديدات شركاتها من مغبة العمل على الساحة الإيرانية. لماذا؟ لأنها قد تمول بذلك جماعات متشددة وزعزعة استقرار المنطقة. مع ضرورة الإشارة إلى أن واشنطن أمهلت حلفاءها الأوروبيين حتى 12 من أيار (مايو) المقبل، لإصلاح الاتفاق النووي. فهذا الأخير فيه من الثغرات ما يهدد العالم بالفعل، خصوصا مع أحلام علي خامنئي "وأتباعه" التي لا تنتهي في الحصول على شكل من أشكال القوة النووية بأي ثمن. بالطبع الحل الأمثل هو فرض عقوبات جديدة، ويبدو أن الجانب الفرنسي أوقف تهافته التعاوني نحو إيران، خصوصا مع القناعات التي أبدتها بريطانيا وألمانيا بضرورة إطلاق حزمة عقوبات جديدة. المكاسب الاقتصادية في هذا المجال مليئة بالمخاطر على الأمن العالمي حقا، خصوصا مع تداخل الحراك المالي الإيراني والنشاطات الإرهابية التي يقوم بها نظام طهران هنا وهناك، بما في ذلك طبعا، تمويله نظام سفاح سورية ومده بالعتاد والمرتزقة، بل احتلال مناطق واسعة من الأراضي السورية، ناهيك عما يجري في العراق ولبنان، وتسليح عصابات الحوثيين، وتجنيد بعض الأفراد ضد بلادهم على الساحة الخليجية نفسها. يضاف إلى ذلك طبعا، المنظمات الإرهابية الممولة من طهران مباشرة، المنتشرة في بلاد كثيرة حول العالم. وحتى العقوبات الجديدة المزمعة من الجانب الأوروبي، لن توقف علي خامنئي عن استراتيجية الإرهاب والخراب. ولا يمكن أن يتحقق الهدف النهائي إلا بعقوبات تشل حقا الاقتصاد الإيراني المختطف أصلا من الحرس الثوري والمؤسسات التابعة للمرشد الأعلى. وهذا ما يتطلع إليه العالم حاليا، مع استمرار تحرك واشنطن من أجل عقوبات تشل بالفعل هذا الاقتصاد، وتدفع الحلفاء للمضي قدما معها، خصوصا بعد مراجعة الاتفاق النووي، الذي منحه باراك أوباما كهدية لواحد من أسوأ الأنظمة التي مرت على العالم. المجرمون لا يمكن أن تُترك لهم مساحة للتنفس، وإلا قدموا للعالم الجريمة تلو الأخرى، دون أن يتلقوا العقاب المستحق.
إنشرها