Author

«رؤية 2030» وتوسيع فرص العمل والاستثمار

|
استشعارا لقرب أفول نجم البترول، بوصفه المصدر "الرئيس" للطاقة، وإيمانا بالحاجة الملحة إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز التنافسية للاقتصاد السعودي، جاءت "الرؤية" لتمكين المواطنين، رجالا ونساء، للإسهام في التنمية بفاعلية من خلال توسيع فرص العمل، وتشجيع المشروعات الصغيرة، وتغيير قيمة العمل في أذهان الشباب، ليتحول الاقتصاد من اقتصاد ريعي، يعتمد على البترول إلى اقتصاد منتج، يعتمد على سواعد أبناء المجتمع السعودي. من ضمن أهداف "الرؤية" رفع مشاركة المرأة في قوة العمل من 22 في المائة إلى 30 في المائة، خاصة مع ارتفاع معدلات تعطلها إلى ما يفوق ثلث (34 في المائة) القوى العاملة النسائية. فبعد أن كانت المرأة لا تستطيع البيع إلا على قارعة الأرصفة فيما يسمى بـ "البسطة"، تمّكنت من فتح محلها التجاري وممارسة البيع في الأسواق بجميع أنواعها، والعمل "كاشيرة" في المحال التجارية الكبرى بعد جدل مجتمعي طويل ومتشعب لم يخل من ممارسات العنف هنا وهناك! ومع تزايد حاجة المرأة إلى الدخل الذي يساعدها على الاستمتاع بحياة كريمة، ويواكب ذلك استمرار دخول أعداد كبيرة لسوق العمل سنويا، فإن الحاجة تزداد إلى تمكينها في مجالات أخرى إضافية، وتحسين أوضاعها الوظيفية في بعض المهن مثل العمل في المدارس الأهلية، إذ لا يتقاضى معظم المعلمات العاملات بها من حملة البكالوريوس والماجستير سوى ثلاثة آلاف أو أقل، يقتطع نصفه لتغطية تكاليف النقل. كما تهدف "رؤية 2030" إلى رفع إسهام المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20 في المائة إلى 35 في المائة، ما يعكس الحاجة إلى تشجيع الشباب لريادة الأعمال. من هذا المنطلق، قامت الدولة بإنشاء هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة. ولعل تغيير قياداتها سيسهم في تفعيل دورها في مساعدة الشباب على بدء مشروعاتهم التي تسهم في تنويع الاقتصاد السعودي ورفع تنافسيته على المستوى العالمي من خلال الإنتاج النوعي، خاصة أن الشاب السعودي لا ينقصه القدرات والحماس، ولكن ينقصه التدريب والتشجيع وتسهيل الإجراءات وإيضاحها ليكون قادرا على بدء نشاطه. وبناء عليه، لا بد من تغيير الانطباع لدى الشباب تجاه بعض الأجهزة مثل الأمانات ووزارة العمل والتنمية والاجتماعية وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من جهات رقابية إلى جهات تمكين تهدف إلى دعم الشباب وبناء شراكة نوعية معهم. وتهدف "الرؤية" كذلك إلى انتقال المملكة من المركز الـ 25 في مؤشر التنافسية إلى أحد المراكز العشرة الأولى، ما يحتم تعميق مفهوم العمل وتعزيز أخلاقيات المهنة ورفع الإنتاجية لدى الشباب، بدلا من النظر إلى الوظيفة العامة كضمان اجتماعي، وذلك من خلال تحويل العمل إلى عقود ملزمة لتحقيق إضافة نوعية للعمل، ما سيرفع بالتأكيد إنتاجية العمالة السعودية سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. وأخيرا فمن المؤكد أن توسيع الخيارات أمام الشباب سيتحقق من خلال الشراكات والاتفاقيات والعقود التي أبرمها الأمير محمد بن سلمان مع كبريات الشركات في مجالات التصنيع والطاقة والتقنية والخدمات، خاصة أن تلك العقود اشترطت إسهام المنتج المحلي، وكذلك مشاركة القوى العاملة في المبادرات والمشروعات التي تتولاها تلك الشركات العالمية، لذلك ستوجد بيئة استثمارية نوعية يواكبها توليد فرص عمل متنوعة تواكب التغيرات في متطلبات أسواق العمل.
إنشرها