Author

اهتمام السعودية بالسياحة .. ماذا يعني؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
السياحة تعد واحدة من أهم المصادر التي يمكن أن يتحقق من خلالها تنويع مصادر الدخل في دول العالم، ورغم أن كثيرا من الدول في العالم لديها قوة اقتصادية كبيرة في مجالات مثل: الصناعة والثقافة وغيرها من المجالات إلا أنها تهتم بشكل كبير بالسياحة، فدول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول العالم المتقدمة اقتصاديا تهتم كثيرا بالسياحة، وتنفق كثيرا لتوفير مجموعة من الخدمات التي تشجع السياحة في تلك البلدان، وتجد بها كثيرا من التسهيلات للسياح، وتقيم مجموعة من الأنشطة والبرامج والفعاليات الرياضية والثقافية والاقتصادية، وتوفر خدمات متنوعة لتشجيع وصول العالم إليها. فالسياحة لها أبعاد كثيرة من أهمها الجانب الاقتصادي، ولا تخلو من فوائد تتعلق بالجانب السياسي والثقافي والاجتماعي، فزيارة بلد ما في العالم لمدة معينة هي دورة تطبيقية لجميع ما يتعلق بثقافة البلد وإمكاناته ومنتجاته، فالسائح لديه رشاقة عالية لزيارة كثير من المواقع واكتشاف الجديد مما لا يعرفه مواطنو ذلك البلد والمقيمون فيه لمدد طويلة، ولعل جولة ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان برز فيها العناية بالسياحة والترفيه بشكل ملحوظ من خلال زيارات واتفاقيات تم التوقيع عليها للبدء في مشاريع سياحية وثقافية. في تقرير لموقع "كرسنت ريتنج" Crescent Rating الإلكتروني المتخصص كما ذكر في السياحة الحلال، https://www.crescentrating.com/ لعام 2018، ذكر أن أعلى وجهة مفضلة سياحيا في دول منظمة المؤتمر الإسلامي كانت لماليزيا، تليها بالتساوي الإمارات وإندونيسيا، فيما حلت السعودية في المرتبة الخامسة متقدمة على دول اشتهرت بالسياحة عربيا مثل: المغرب ومصر وتونس، وهذا يأتي في وقت لم تبدأ المملكة فيه فعليا بالاهتمام الكامل بالسياحة والترفيه وما زالت برامجها قيد الإنشاء، إلا أن ذلك لم يمنع من أهميتها سياحيا على مستوى العالم الإسلامي في مؤشر على الفرص الكبيرة التي يمكن أن تحققها المملكة، خصوصا في السياحة العائلية التي يمكن أن تكون وجهة مفضلة على كثير من دول العالم، نظرا للبيئة العامة التي تشجع مثل هذا النوع من السياحة، مقارنة بدول أخرى حول العالم. السياحة لها أهمية كبيرة في المجتمعات اليوم، فبالإضافة إلى أنها يمكن أن تكون مصدرا جيدا للميزانية الحكومية إلا أن أهميتها تأتي من العائد المباشر للمجتمع، وذلك لأمور منها أن المجتمع الخليجي مجتمع ثري مقارنة بالمجتمعات الأخرى، وهو ينفق على السياحة ما لا يقل عن ضعف متوسط ما ينفقه السياح في العالم، وجذب السائح الخليجي خصوصا من المواطنين إلى المملكة سيوفر مدخولا عاليا من السياحة والترفيه، كما أن ذلك سيكون في بيئة مناسبة لهم مقارنة بالسياحة في الدول الأخرى، إضافة إلى ما تتمتع به المملكة من تنوع، حيث تأتي العائلة لقضاء العمرة ووقت في مكة، ثم تتم ذلك بزيارة إلى مناطق مختلفة تستمتع فيه بجمال الطبيعية مع الاحتفاظ بميزة أن طبيعة الحياة تناسب السياحة العائلية. من فوائد العناية بالسياحة أنها توفر فرصا مباشرة للكسب دون الحاجة إلى رأس مال كبير، فكثير من الدول التي لديها اهتمام بالسياحة تجد أن الأسر فيها لديها مشاريعها الخاصة التي يشترك فيها جميع أفراد الأسرة، ما يوفر فرص عمل أقل تعقيدا وأكثر استدامة للأسر في المملكة. كما أن السياحة تنشط الحركة الاقتصادية في بعض المدن الصغيرة والنائية نوعا ما، فاليوم على سبيل المثال سيكون لمدن مثل العلا ونجران ومجموعة من المدن الأخرى، إضافة إلى أن لمدن مناطق المملكة الجنوبية ومنطقة تبوك أهمية كبيرة ضمن المدن السياحية في المنطقة، وهذا من شأنه تنشيط الحركة الاقتصادية والتنموية، إضافة إلى تحسين وتوسعة مشاريع البنى التحتية وهذا يخدم بشكل كبير سكان تلك المناطق. إن السياحة توفر فرص العمل المؤقتة والمرنة التي يحتاج إليها المجتمع حاليا ويستفيد منها كثير من الأفراد عموما مثل: طلبة وطالبات الجامعات، وأصحاب الأعمال غير الثابتة، وهذا كما سبق الإشارة إليه هو فرص كسب مباشر وليس بالضرورة من خلال التوظيف. فالخلاصة أن السياحة لها أهمية كبيرة في العالم، ما جعل كثيرا من الدول المتقدمة اقتصاديا تهتم بها رغم مصادر الدخل الهائلة الأخرى، وفي المملكة سيكون لها ميزة باعتبار حجم ما ينفقه السائح من المواطنين والخليجيين عموما، وتوفير فرص الكسب المباشر للمواطنين وفرص العمل المؤقتة، إضافة إلى التوسع في مشاريع البنى التحتية والتنموية للمدن السياحية واستفادة سكانها من ذلك.
إنشرها