Author

لقد فزت

|
أثق أن أغلب القراء وصلتهم تلك الرسالة الركيكة التي تبشرهم بالفوز بجائزة كبرى أظنها 300 ألف دولار من شركة أسواق أجنبية بدأت تمارس عملها في المملكة حديثا. لا أدري ما علاقة الشركة بهذا الإعلان، لكن واضح أن صاحب الإعلان يتعامل مع هذه الأسواق لأنها ليست أكبر الأسواق ولا أقدمها، بل إنه لا يتوقع أن يكون لديها مثل هذا الحافز الكبير للمتسوقين فيها فكيف بمن لا يعلمون أين موقع أسواقها. نأتي على أمر مهم وهو الاصطياد المستمر للمواطنين بمثل هذه المعلومات التي لا يمكن أن يصدقها أحد. يقول أحدهم، إن في هذه الرسائل مفعول السحر، وهو ما فسر تعلقه بالجائزة ومحاولته الحصول عليها، لكن أن يكون في الرسالة تعويذة أو مادة سحرية يمكن أن تقلب كيان الشخص وتجعله يصدق ما تقول، فهذا العذر الذي لا يمكن قبوله. الأصح في هذه الحال هو، الاعتراف بأنه الجشع البشري الذي يحول غير القابل للتصديق إلى أمر حتمي الوقوع. يفسر هذا عندي جنون كثير من الممارسات المشابهة في العقود السابقة، سواء تلك المتعلقة بالمخططات الوهمية والبيض الذهبي، وبطاقات سوا، واستثمارات الفوركس وما شاكلها ما تمكن من خطف الأموال من جيوب أكثر الناس حرصا وحفظا للأموال. عندما رأى هؤلاء الأرباح تنساق أسبوعيا لأشخاص على نظرية الشموع اليابانية، توكلوا وفتحوا الخزائن، وأزالوا البلاطات ودفعوا بما جمعوه سنين طويلة إلى ذلك المستثمر، الذي كان يقود أفخم السيارات، ويسكن أجمل القصور. حتى وإن كان المستثمر من أكبر الرجال خشية لله، وأقلهم تعلقا بالدنيا، فقد وقع في مرمى الجشع ـــ إن كان مشروعه صحيحا وخاليا من الغش ـــ فاتجه نحو الوعد بمزيد، والتوسع الذي لا منطق يحكمه، وهنا أدى الجشع بالطرفين، فأصبح المستثمر في السجن أو مهددا بالقتل، وفقد أصحاب الخزائن والبلاطات مدخرات جمعوها بالألم والدموع، ولم يسعد من المجموعة سوى تلك الدراهم التي شمت رائحة الحرية لفترة وجيزة عادت بعدها لخزائن أخرى وبلاطات في بلاد أخرى. تبقى مصائر تلك الأموال ومواقعها النهائية لغزا يحير كل الناس ولا يعلمه إلا قليل، هذا القليل غير مستعد لأن يشارك المجموع في المعلومة، وهذا مدار بحث مختلف.
إنشرها