default Author

أسعار المساكن في لندن ومراجعتها في طوكيو

|
إذا كانت أسعار المساكن ترتفع في طوكيو، فهل ترتفع في لندن أيضا؟ الإجابة هي نعم، بصورة متزايدة. ففي العقود الأخيرة، أبدت أسعار المساكن حول العالم ميلا متزايدا للتحرك في الاتجاه نفسه والوقت نفسه. فما تفسير هذه الظاهرة؟ وما انعكاساتها على الاقتصاد العالمي؟ هذه هي الأسئلة التي ينظر فيها اقتصاديو الصندوق ضمن الفصل الثالث في آخر عدد من تقرير الاستقرار المالي العالمي. وتوضح دراستنا التي تغطي 44 مدينة و40 بلدا من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الصاعدة أن الاندماج المتزايد بين الأسواق المالية يسهم بدور مهم في هذا الخصوص. ونتيجة لذلك، نجد أن أسواق المساكن في أي بلد أصبحت أكثر حساسية للتقلبات في البلدان الأخرى، وهو أمر ينبغي أن ينتبه إليه صناع السياسات، لأن زيادة ميل أسعار المساكن إلى التحرك معا قد يكون إشارة إلى زيادة احتمالات التباطؤ الاقتصادي. ومن الأرجح أن تتأثر أسواق الإسكان في كل مكان إذا ما حدثت صدمة اقتصادية في أي جزء من العالم. ولننظر الآن في السبب وراء زيادة تزامن أسعار المساكن في عالم مندمج ماليا. - أسعار الفائدة: أبقت البنوك المركزية الكبرى أسعار الفائدة عند مستوى منخفض غير معتاد لفترة طويلة في محاولة لتحفيز النمو. وقد أحدث هذا آثارا متوالية في مختلف أنحاء العالم بسبب تكاليف الاقتراض المنخفضة، بما في ذلك أسعار القروض العقارية الرخيصة، ما ساعد على رفع الأسعار. ــــ تزايد نشاط مؤسسات الاستثمار، وشركات الأسهم الخاصة، وصناديق الاستثمار العقاري، في المدن الكبرى مثل أمستردام وسيدني وفانكوفر، في سعيها لتحقيق عائدات أعلى. - سارع الأفراد الموسرون إلى شراء عقارات في المراكز المالية الكبرى بحثا عن أماكن آمنة لاستثمار أموالهم (وربما للعيش فيها). ومن نتائج ذلك أنه بسبب تفضيل الأثرياء للعقارات الفخمة، فقد أدت استثماراتهم إلى رفع الأسعار في الأحياء الغالية في أماكن مثل نيويورك ولندن في الوقت نفسه. - النمو الاقتصادي: إضافة إلى العوامل المالية، يسهم في هذه الظاهرة التحركات المنسقة التي تحدث في الاقتصاد العيني. ففي عام 2017، انتعش النمو في 120 اقتصادا تسهم مجتمعة في ثلاثة أرباع إجمالي الناتج المحلي العالمي، وكان ذلك النمو المتزامن الأوسع نطاقا منذ عام 2010. ويعتبر النمو الاقتصادي قاطرة أساسية للطلب على المنازل، ومن ثم فهو محرك أساس للأسعار. كل هذا يشير إلى أن أسعار المساكن بدأت تسلك مسارا أشبه بأسعار الأصول المالية، مثل الأسهم والسندات، التي تتأثر بالمستثمرين في أماكن أخرى من العالم. ففي البلدان الأكثر انفتاحا لتدفقات رؤوس الأموال العالمية، غالبا ما تكون أسعار كل من المساكن والأسهم أكثر تزامنا مع الأسواق العالمية. استجابات السياسة لكن هناك فرقا مهما. فالمنازل تمثل أكبر أصل لمعظم الأسر (كما أنها أكبر التزام عليها، في شكل قرض عقاري). والمصارف تستثمر بكثافة في القروض العقارية، ما يجعلها معرضة لتقلبات أسعار المنازل. ولذلك ينبغي أن يراقب صناع السياسات عن كثب التحركات المتزامنة لأسعار المساكن، خاصة عندما يعد نشاط سوق الإسكان مفرطا أو تقييماته مبالغا فيها. ولحسن الحظ أن بحثنا يشير أيضا إلى أن إجراءات السياسة لتهدئة أسواق الإسكان ذات النشاط المحموم لا تزال فعالة ويمكن أن تحقق فائدة إضافية تتمثل في ترويض التزامن بين تحركات أسعار المساكن. وتتضمن مثل هذه الإجراءات رفع الضرائب العقارية ورسوم الدمغة، والحد من حجم القروض العقارية بالنسبة إلى قيمة العقار. وبشكل أعم، قد يساعد في هذا الصدد انتهاج سياسات تعزز الصلابة في مواجهة الصدمات المالية العالمية، ومنها أسعار الصرف المرنة التي تمنح صناع السياسات سيطرة أكبر على تكاليف الاقتراض المحلية، والسياسات التي تحمي المستهلكين من المديونية المفرطة أثناء فترات الرواج العقاري.
إنشرها