Author

المرشد الأعلى للفساد والخراب

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"محاربة الفساد يجب أن تبدأ بمكتب المرشد الأعلى للنظام" غلام علي لأيمن أبادي، نائب في البرلمان الإيراني بعد أحمدي نجاد رئيس إيران السابق الفاسد، لا يتوقف الفاسدون والإصلاحيون معا عن فضح الخراب الذي يحدثه مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي. الفاسدون دائما يكونون من السابقين، أي من أولئك الذي كانوا في الحكم يوما، ومارسوا الفساد كوظيفة رسمية. لكنهم (مثل العصابات التي تنقلب على بعضها البعض) أرادوا الانتقام من الفاسد الأكبر خامنئي عبر كشف ما أمكن من فضائحه. بما في ذلك حمايته لأحد المقربين منه من محاكمته بتهم اللواط مع التلاميذ! ماذا يعمل هذا المقرب؟ مدرس لتحفيظ القرآن! غير أن هذا لا يجعل الفاسدين السابقين نزهاء حاليين أو لاحقين، دون التقليل بالطبع من أهمية ما يكشفونه من فضائح عن "مرشد" لا يعرف أن يوجه إلا للخراب والفساد. أما الإصلاحيون الحقيقيون (وليس المدعين) فإن وضعهم مختلف، إنهم يسعون حقا لإيران طبيعية مع نفسها ومع جيرانها، إيران تنشر السلام والأمن، إيران تجلب الحد الأدنى من الكرامة لشعبها. الفساد لم يترك في إيران مؤسسة إلا واستشرى فيها. هكذا يقول النائب الذي يعتبر متشددا غلام علي أبادي. وهذه هي الحقيقة بالطبع. والمصيبة، أن القانون المعمول به في إيران، أثبت فشله يوما بعد آخر في إيقاف الفساد. ليس لأنه سيئ، بل لأنه أقل من حجم الفساد والخراب في الداخل الإيراني. وهذا يعني أن البلاد تحتاج إلى قوانين جديدة غير عادية لكي تتواجه بندية مع طبيعة الفساد المستشري في كل الأرجاء. لكن الأهم من هذا كله، أنه لا يمكن أن يحدث أي تقدم مهما كان بسيطا، طالما ظل مكتب المرشد الأعلى يصنع الفساد باستراتيجية بشعة. وهنا أيضا تبرز المشكلة الكبرى في أنه لا توجد قوة قانونية أو سياسية في البلاد يمكنها أن تصل إلى هذا المكتب من أجل محاسبته، أو حتى التخفيف من فساده وخرابه. إنه من النوع المقدس (على طريقة المهدي الضائع) الذي لا يقبل خامنئي المساس به! لكن هناك مصيبة أخرى تظهر هنا، تكمن في أن هذا النائب المتشدد يريد إنهاء الفساد من أجل حماية الثورة! فهو يعتبر أن هذه الآفة تهدد الثورة! لكن مهلا أليست الثورة نفسها هي أم الفساد والخراب؟ ألم توفر الغطاء اللازم لكل الفاسدين والمخربين وعلى رأسهم الخميني وأتباعه حتى هذا الخامنئي؟ ألم تمنح هذه الثورة الأدوات اللازمة لكل مسؤول أراد أن يحقق حلمه الغبي بتصدير الثورة؟ هل وفرت الثورة حتى في أيامها الأولى الكرامة للشعب الإيراني؟ أين أموال هذا الشعب منذ أربعة عقود إلى الآن؟ أيعقل أن تعيش شريحة منه في الكهوف، وأخرى على أطراف حاويات القمامة؟ وإذا كانت هذه الثورة تحتاج إلى وقت لكي توفر الكرامة للشعب، ألا تكفي أربعة عقود زمنا لذلك؟! لا يمكن النظر إلى أي موقف (مهما كان جيدا) من مسؤول إيراني يريد النزاهة في الحكم من أجل حماية ثورة أكلت البلاد، ودمرت سمعتها العالمية، وخلقت مصائب ليس فقط للإيرانيين بل لعدد من شعوب المنطقة. ثورة شنت حروبا قتلت أبرياء في بلدانهم دون ذنب، واحتلت أراضيهم، بل وقامت بكل دناءة بتغييرات ديمغرافية يحاسب عليها القانون الدولي، وكل معيار أخلاقي موجود على هذه الأرض. ثورة وقفت مع المجرمين وصنعت الإرهابيين، وأيدت حكاما لا شرعية لهم، ونشرت الهموم والسموم. ثورة لا تستحق إلا القضاء عليها من أجل الشعب الإيراني أولا. فهذا الأخير لا يعاني فقط سرقة أمواله وثرواته ومقدراته، بل يعيش أبشع أنواع الظلم القضائي والأخلاقي والاجتماعي. المسألة ليست منحصرة فقط، في سرقة علي خامنئي 190 مليار دولار من أموال الشعب، كما قال أحمدي نجاد، ولا بسيطرة الحرس الثوري على أكثر من نصف الاقتصاد الوطني الإيراني، ولا باستثمارات دنيئة كتجارة المخدرات والرق. بل هناك الجانب الأخلاقي الأهم في كل هذا، مفقود، مفقود، مفقود عند خامنئي كما كان عند الخميني، وكما هو عند كل مسؤول إيراني غير إصلاحي. علما بأن الرئيس الحالي حسن روحاني من أولئك "الإصلاحيين" الذي يحب هذا الوصف كثيرا، لكنه يكره العمل به . بمعنى أن الإصلاحيين المقصودين نادرون. وعندما يظهرون على الساحة، ينتهون بسرعة ضوئية، إما في السجون أو الاعتقال المنزلي، أو المحاكمات الملفقة. الأمر ببساطة يتلخص في أن الإصلاح الحقيقي ينهي تلقائيا النظام الإيراني كله، وهو أمر يستحيل أن يقبل به هذا الأخير. لم يعد مهما (الآن على الأقل) حراك الإصلاحيين في إيران، فقد نالوا كثيرا من غضب المرشد الفاسد. بل حتى التصريحات الآتية منهم (وهي صادقة) لم تعد تمثل تهديدا كبيرا، بما فيها ما قاله الإصلاحي أبو الفضل قدياني "إن المرشد الأعلى للنظام كذاب، مثل وزير دعاية هتلر ـــ يقصد جوبلز " العالم كله يعرف أن خامنئي أكبر الكاذبين المعاصرين والسابقين. ومسؤولية الشعب الإيراني الآن أن يتقدم لنشر الصدق وتصحيح الخراب.
إنشرها