Author

السعودية .. من تصدير النفط .. إلى تصدير الطاقة الشمسية

|

ظلت المملكة طوال عقود مضت تتصدر دول العالم في صناعة النفط ومشتقاته البترولية، بمعنى أن المملكة تتمتع بخبرة طويلة ومتقدمة في مجال الطاقة البترولية.
واليوم تتجه المملكة كي تكون في صدارة الدول المصدرة للطاقة الشمسية، وهنا يحضرني ما قاله الأمير محمد بن سلمان بأن عنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات السعودية.
ولذلك نؤكد أن الزيارة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد للولايات المتحدة زيارة موفقة على طريق تحقيق الشراكة الاقتصادية مع أكبر دولة اقتصادية في العالم.
ولعل من أبرز ما تم إنجازه في الزيارة هو المضي قدما في تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية 2030، وهي المشاريع التي ستمكن المملكة من إنتاج 200 جيجا واط من الطاقة الشمسية، وكذلك مشاريع الحصول على الطاقة من الرياح، وستوفر هذه المشاريع فائضا من الطاقة المتجددة، حيث إن المملكة تتعرض بسبب موقعها الجغرافي لمعدل إشعاعي يومي يصل إلى نحو 8300 واط لكل متر مربع في الساعة، وهو من أعلى المعدلات الإشعاعية في العالم.
بمعنى أن المملكة حباها الله سبحانه وتعالى بمساحات شاسعة من أجل بناء محطات إنتاج طاقة شمسية ضخمة.
وتشير الدراسات إلى أن استخدام 7.5 من مساحة المملكة لمشروعات الطاقة الشمسية يكفي لسد الاحتياج إلى الطاقة الشمسية في كل أنحاء العالم.
إزاء ذلك فإن الطلب المتوقع على الكهرباء في المملكة سيصل إلى 120 جيجا واط بحلول عام 2030، بينما الإنتاج المتوقع سيصل إلى نحو 200 جيجا واط.
وواضح أن المملكة من خلال هذه المشاريع ستنتقل من دولة مصدرة للنفط إلى دولة مصدرة للطاقة الشمسية، إضافة إلى ذلك سوف تتميز المملكة في إنتاج الطاقة الشمسية بمراعاة المعايير الدولية في تأسيس صناعات صديقة للبيئة.
وتشير إحصائيات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الأنظمة الضوئية الشمسية "الكهروضوئية" ستولد ما نسبته 16 في المائة من الكهرباء في العالم، كما أن أنظمة الطاقة الحرارية الشمسية ستولد نحو 11 في المائة أخرى، وبالنسبة للأسعار فإن الأسعار التنافسية لسعر الكيلوواط / ساعة من محطات الطاقة الشمسية تراوح ما بين 8 إلى 15 سنتا ، وهو ما يعادل نصف سعر الكهرباء المستمدة من الوقود الأحفوري، إلى جانب أنها لن تكون ملوثة للبيئة، بل ستكون صديقة للبيئة وستسهم في خفض غازات الاحتباس الحراري الذي أصبح من أخطر الأضرار التي تهدد استمرار الحياة فوق كوكب الأرض. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الانخفاض السريع في تكلفة المعدات والأنظمة الكهروضوئية في السنوات القليلة الماضية فتح آفاقا جديدة للتوسع في استخدام الطاقة الشمسية كمصدر رئيس للكهرباء، ولذلك فإن اللوحات الكهروضوئية هي أسرع تقنيات الطاقة المتجددة نموا في العالم على الرغم من أن الطاقة الشمسية ما زالت تشكل أقل من 1 في المائة من السعة الإنتاجية للطاقة في العالم، وأكد التقرير أن العالم استطاع في السنوات القليلة الماضية أن يحقق سلسلة إنجازات رائعة في تطوير التقنيات وتحديد الأفضل منها والأنسب للاستخدام.
والجميل أن المملكة كانت تدرك منذ وقت مبكر أهمية البحث عن الموارد البديلة للنفط، ولذلك قررت الحكومة السعودية منذ نصف قرن تقريبا تأسيس مؤسسة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ثم أعقبها تأسيس مؤسسة الملك عبدالله للطاقة البديلة والمتجددة.
وأزعم أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية قامت ببناء ما كان يعرف بالمجمع الشمسي لإنتاج الطاقة الكهربائية في القرية الشمسية التي أقيمت في محيط ثلاث قرى هي العيينة والجبيلة والهجرة التي كانت تقع في شمال العاصمة الرياض، ولكنها الآن أصبحت جزءا لا يتجزأ من العاصمة الكبرى الرياض، كذلك فقد نظمت مدينة الملك عبدالعزيز ندوة عالمية في قرية العيينة إحدى القرى الثلاث التي يتكون منها المجمع الشمسي، وكان الهدف من الندوة العالمية يوم ذاك هو تقييم نتائج التجربة السعودية في مجال استخدامات الطاقة الشمسية، وحضر الندوة كبار العلماء من كل أنحاء العالم، ولقد أجمع العلماء الذين حضروا من أوروبا وأمريكا على أن النظام الذي توصلت إليه المملكة في القرية الشمسية يعد من أوائل الأنظمة الشمسية على مستوى العالم، وأكدوا خلال الندوة أنه لم يتم إنشاء مشروع يماثل هذه القرية من حيث الحجم والنوعية التي ترقى إلى مستوى ما وصل إليه الغرب من تقدم في مجال الطاقة الشمسية.
وإذا كانت خلايا الطاقة الشمسية في الماضي باهظة الثمن وكان من الصعب الحصول عليها، إلا أنه الآن كثر إنتاج الخلايا وحدثت ابتكارات جديدة وحديثة ما أدى إلى انخفاض أسعارها وأدى إلى التوسع في استخدامها سواء في الاتصالات اللاسلكية أو في إنتاج الطاقة الكهربائية لتزويد القرى النائية، كما استخدمت الطاقة الشمسية في الساعات وفي الآلات الحاسبة، وهناك في حياتنا العادية توسع كبير في استخدام الطاقة الشمسية، وبالذات في إنتاج الماء والكهرباء.
ولقد ثبت من البحوث التي أجرتها الجامعات السعودية أخيرا أن الطاقة الشمسية من أفضل أنواع الطاقة على وجه الأرض لعدة اعتبارات فهي طاقة صديقة للبيئة نظيفة لا تحدث تلويثا عند استخدامها، وهي طاقة مستمرة وباقية ما دامت الحياة، وهي طاقة مجانية ومتوافرة في جميع الأراضي التي تسقط عليها أشعة الشمس، كما أنها طاقة عالية الحرارة.
ومن نعم الله علينا أن مخزون المملكة من الطاقة الشمسية يفوق مخزون أي دولة أخرى في العالم، ولهذا يمكننا التأكيد أن الطاقة الشمسية هي إحدى الثروات الطبيعية التي أغنى بها الله سبحانه وتعالى هذه البلاد الخيرة. إن المطلوب من كل مواطن سعودي أن يكون في مستوى المسؤولية ويسعى ما وسعه الجهد والإخلاص إلى المساهمة ــ كل من موقعه ــ في عمليات البناء والتعمير التي تشهدها المملكة في المجالات كافة.

إنشرها