Author

مبادئ إدارة المجموعات الصغيرة .. العائلة مثالا

|

ذكرت في مقال سابق أن هناك عدة أنواع من الخطط ينبغي أن يعرفها كل من يتقلد موقعا إداريا مثل الرسالة والرؤية والأهداف والاستراتيجية. البعض لا يعرف هذه المصطلحات، والبعض الآخر يخلط بينها ويستخدمها كمرادفات أي بمعنى واحد. وهذا غير صحيح فهذه المصطلحات وإن كانت لها علاقة ببعضها إلا أن كل مصطلح له معنى يختلف عن الآخر تماما. وقد سبق أن بينت في سلسلة مقالات سابقة ما المقصود بالرؤية والرسالة والاستراتيجية والأهداف، وكيف يمكن تطبيقها في مجال إدارة المجموعات الصغيرة مثل الأسر والعائلات.
وفي مقالي هذا أريد أن ألقي الضوء على الأنواع الأخرى من الخطط وهي: السياسات والقواعد والإجراءات والبرامج والميزانيات التقديرية وكيف يستفيد منها من يتولى أمر إدارة المجموعات الصغيرة ولعلنا نبدأ بالسياسات.
تعتبر السياسات بمنزلة المرشد لجميع أفراد التنظيم للوصول إلى الأهداف المحددة. وقد تكون السياسات ضمنية، وقد تكون صريحة ومن أمثلة السياسات التي تطبق في العائلة مثلا التركيز على جودة الأداء الدراسي أو الصدق في الحديث أو الالتزام بالمواعيد أو أي من هذه السياسات فهذه لا تكتب بل تلقن بالممارسة. وينبغي أن تكون السياسات ثابتة نسبيا فتغييرها المتكرر يفقدها قيمتها وقد يتمرد عليها الأتباع.
ومن الخطط أيضا ما يطلق عليه القواعد. يعرف أهل الإدارة القواعد بأنها "ما يجب القيام به وما لا يجب القيام به من سلوك أو قول" أي ما يجب القيام به وما ينبغي الامتناع عنه من سلوك أو لفظ. وتأخذ القواعد شكل الأوامر بصيغة "افعل ولا تفعل". والقواعد في النظام الأسري تشبه إلى حد كبير القانون الذي تطبقه الدول والمنظمات، فعلى سبيل المثال نظام المرور "يمنع السير عندما تكون الإشارة الضوئية حمراء"، هذا مثال لقاعدة مرورية. ونظام الخدمة المدنية يمنع الموظفين من التدخين في مكاتبهم وعند مخالفة هذه القواعد فهناك إجراء يتخذ لمنع حدوثها مرة أخرى. ومن أمثلة القواعد في مجال بيئة الأسرة "عدم السماح بقيادة السيارة لأي فرد من أفراد الأسرة حتى يحصل الولد أو البنت على الثانوية العامة أو يصل إلى 17 عاما أيهما أقرب". المهم أن تأخذ القواعد شكل أوامر وتعليمات محددة ومرتبطة بجزاءات للمخالفين ومكافآت للمستحقين.
تأتي بعد السياسات والقواعد ما يسمى الإجراءات. والإجراء هو سلسلة الأعمال والخطوات والمراحل التي ينبغي اتباعها لتنفيذ عمل ما؟ ويعرف الإجراء أيضا بأنه سلسلة أنشطة متسلسلة وفق مراحل وخطوات متتالية. وتختلف الإجراءات عن السياسات في أن الأولى أكثر تحديدا لما يجب القيام به بينما السياسات أعم وأشمل. وتختلف الإجراءات عن القواعد في أن القواعد لا تحدد خطوات تفصيلية للقيام بالعمل بل تحدد ما يجب القيام به وما يحظر القيام به؛ فالقواعد لا تحدد خطوات تفصيلية للقيام بعمل ما بل تحدد بصرامة ما يجب القيام به و ما يجب الامتناع عنه. ومن الأمثلة على الإجراءات في قطاع الأعمال إجراءات تعيين موظف أو إجراءات منح إجازة. ففي هاتين الحالتين يمر تعيين الموظف بعدة إجراءات منذ تقديمه للعمل حتى يتسلم مهام عمله. ورغم أهمية الإجراءات في مجال الأعمال لتنظيم الأداء وتحقيق العدالة إلا أن تطبيقها في مجال إدارة الأسرة قد يكون محدودا.
نوع آخر من أنواع الخطط يطلق عليه البرامج وهو خليط من السياسات والإجراءات والقواعد مرتبط برأسمال محدد لا يعد من صلب عمل المنظمة يتم تنظيمه على هامش أعمالها، وبهذا فالبرنامج له بداية وله نهاية مثل الدورات التدريبية التي تنظمها القطاعات المختلفة. وأقرب مثال على ذلك في مجال إدارة العائلة الرحلات والسفريات من أسبوع إلى شهر. فرحلة كهذه لا تعد عملا روتينيا يؤدى كل يوم أو كل أسبوع بل تأخذ حكم البرنامج لذا نجد أن لها سياسات وإجراءات وقواعد قد تختلف عما تعودت عليه الأسرة. فهذه الفترة المحدودة قد تتخلى الأسرة عن بعض قيمها وما اعتادت عليه خلال فترة طويلة إلا القيم الجوهرية فتبقى ثابتة لا تتغير ولا تتبدل. فالقيم الجوهرية للأسرة يفترض ألا تتغير خلال برنامج مدته أسبوع أو أسبوعان أو أقل أو أكثر، أما بعض السياسات والقواعد والإجراءات فتتغير مؤقتا خلال فترة الرحلة. فلو افترضنا أن "المحافظة على الصلاة" إحدى قيم الأسرة الجوهرية لعائلة ما، فهذه لا تتغير لا في حل ولا في ترحال؛ فلو تغيرت فلن تصبح من القيم الجوهرية للعائلة بل قاعدة من قواعد العائلة أو إحدى السياسات الضمنية.
آخر أنواع الخطط ما يطلق عليه الميزانيات التقديرية، وهي قائمة تبين النتائج المتوقعة معبرا عنها بالأرقام. والميزانيات التقديرية تعد في قاع هرم الهيكل التنظيمي في المنشآت ورغم أنها تشابه إلى حد كبير القوائم المالية في المحاسبة إلا أنها (المحاسبية) أكثر دقة؛ فهي تبين صورة شاملة وكاملة عن مرحلة تاريخية منتهية أما الميزانيات التقديرية فهي تعطي صورة مستقبلية لموارد المنظمة في المستقبل المنظور بأدوات كمية. أما كيفية تطبيقها في مجال إدارة المجموعات الصغيرة كالعائلة وغيرها فيحتاج منا إلى تفصيل لعلنا نناقشه في مناسبة مقبلة ــ إن شاء الله.

إنشرها