Author

مزاد على التبغ

|

قاومت نوبة الضحك التي فاجأتني وأنا أقرأ خبر تنفيذ مزاد علني لبيع كميات من السجائر تم ضبطها في أحد المنافذ الحدودية، تصورت كيفية البت في مثل هذا الأمر ومن سيسمح بخروجه وبكم سيصبح "باكت" السجائر عند بيعه بالمزاد، لكن وسط هذه الهيستيريا اكتشفت أنه تم منع المزاد لمخالفته أحكام مكافحة التدخين.
الإشكالية الحقيقية هي أن هناك جزئيات معينة في الأنظمة يمكن أن تقرأ بطريقة خاطئة من قبل موظف، ويتم بناء عليها اتخاذ إجراءات كثيرة تفقد المفهوم الذي وضع أساسا قيمته الفكرية والقانونية. لكن من يلوم الفرد الذي لديه إجراءات قياسية توصي أن يقوم بعرض أي مادة يتم ضبطها بالمزاد إن لم تكن ممنوعة من دخول البلاد، وكان تهريبها بطريقة جعلت فرق التفتيش توقفها؟
هنا يمكن أن تدخل القرارات الشخصية في مكان القواعد التي لا تغطي أمورا مثل التعامل مع مهربات يسمح ببيعها في السوق لكن رؤية مسؤول القطاع تمنع أن يتخذ هذا الإجراء دون تمحيص أثره في القوانين الأخرى التي تعمل الدولة على سنها وإلزام الجميع بها في محاولة لحماية المجتمع من الآثار السيئة لكثير من المكونات التي يتداولونها بينهم كل يوم.
عدت بعد ذلك للتفكير في مصير تلك الكميات المضبوطة، هل يتم حرقها ليتنفسها الجميع ونسهم في تلويث البيئة بها، أم تباع على الوكلاء الذين يمثلون الشركات في البلاد فنزيد الأمر سوءا بالإسهام في بيع مواد تحاول الدولة أن تخلص المجتمع من تبعاتها وخطرها على الصحة. أصدقكم أنني لم أجد وسيلة للتعامل مع هذه الكمية التي إن بيعت فهو خطأ، وإن أحرقت فهو خطأ آخر، وإن تركت أشعلت المكان وأصبحت خطرا يؤذن بحريق يطول كل المنفذ بمن فيه.
الأكيد أنه لا يمكن أن ترسل أو توزع كهدايا للموظفين أو الأشخاص المغادرين بحكم أننا نحاول أن نتخلص من استخدامها من قبل المواطنين. هذه الإشكالية التي قد يساعد على حلها القارئ الكريم بعد أن يعلم أنه لا تنازل عن خطورة كل واحد من البدائل التي تناولناها هنا. لكن على الراغبين في تقديم الحلول الاستعجال لأن نكهة التبغ ستتأثر تأكيدا بجفافه مع الوقت وهذا يضيف إشكالية جديدة.

إنشرها