default Author

هل يستحق الرؤساء التنفيذيون رواتب ضخمة؟ «1من 2»

|

الخرافات خلف الأجور الخيالية التي يتقاضاها الرئيس التنفيذي.
وفقا لتقرير حديث صادر عن معهد السياسة الاقتصادية، انخفض معدل أجر الرئيس التنفيذي إلى الموظف الواحد في الولايات المتحدة من 286 ضعفا في 2015 إلى 271 خلال 2016. يعد ذلك بمنزلة انتكاسة بالنسبة لعديد من كبار الرؤساء التنفيذيين الذين يأملون عودة العوائد إلى ذروتها 383 /1 كما كان الحال عليها في عام 2000. ولكن على الرغم من هذه الأخبار "السيئة" من الواضح أن الرؤساء التنفيذيين لن يتقاضوا أجرا زهيدا.
بالنظر إلى تلك النتائج، يبدو جليا عدم مراعاة تحذيرات بيتر دراكر الأب الروحي للإدارة الذي حدد النسبة الأمثل لأجر الرئيس التنفيذي مقابل الموظف العادي، التي يجب أن تكون 20/1 (طبقا لعام 1965). يعتقد دراكر أن الفروق الكبيرة تؤدي إلى مشكلات معنوية بين القوى العاملة. حيث يتقاضى الرؤساء التنفيذيون حاليا عن يوم عمل واحد أكثر من مجموع أجور عامل لسنة كاملة.
تعد التعويضات الكبيرة التي يتقاضاها الرئيس التنفيذي مسألة ذات إشكالية من عدة نواح. حيث تعلي من أهمية شخص واحد وتقلل من قيمة مساهمات الموظفين الآخرين في نجاح الشركة. والأمر الذي يزيد من إشكالية ارتفاع النسبة، النتائج التي توصلت لها دراسات تفيد بأن الشركات التي يرتفع فيها معدل أجر الرئيس التنفيذي بالنسبة للموظف، تقل فيها عوائد المساهمين، مقارنة بالشركات التي تنخفض فيها النسبة.
خرافات حول الأجور الخيالية للرؤساء التنفيذيين
الأجور الخيالية التي يتقاضاها التنفيذيون سببها الخرافات التالية:
الخرافة الأولى: يجب أن يتقاضى الرؤساء التنفيذيون أجورا عالية لتحفيزهم على تقديم أفضل ما عندهم.
لن يؤدي الرئيس التنفيذي عمله على أكمل وجه في حال لم يتقاض أجرا كبيرا. لذا تقتضي مصلحة الشركة منحهم رواتب ومكافآت مغرية.
الواقع الراهن: سيبذل الرؤساء التنفيذيون من أصحاب الكفاءات أقصى جهدهم في العمل بغض النظر عن الأجر الذي يتقاضونه.
من خلال فهمنا العميق للعوامل المحفزة للأشخاص، يسعى الأشخاص المهتمون بمجال الشركة إلى تحقيق إنجازات نوعية. ويندرج معظم الرؤساء التنفيذيين تحت هذه الفئة. بحسب خبرتي في التعامل مع هذه النوعية من الأشخاص، سيكون أداؤهم عاليا بغض النظر عن الأجر الذي يتقاضونه. تهدر الشركات التي تمنح الرؤساء التنفيذيين أجورا ومكافآت عالية موارد يمكن استغلالها بشكل أفضل. وليس من الوارد أن يؤثر تخفيض أجور الرؤساء التنفيذيين في أدائهم.
الخرافة الثانية: تعكس الرواتب العالية للرؤساء التنفيذيين مدى الطلب في السوق على المهارات التي يتمتعون بها، ومساهمتهم في إنجازات الشركة.
وفقا لذلك، يتمتع الرؤساء التنفيذيون بمهارات قيادية مهمة ولكنها محدودة. نادرا ما تعكس العروض المغرية التي يتلقاها الرئيس التنفيذي حجم العرض والطلب في السوق. ففي حال زيادة المعروض من الأشخاص ممن يتمتعون بمهارات فريدة، ستنخفض أجورهم. علاوة على ذلك، يستحق الرؤساء التنفيذيون رواتب ومكافآت عالية نظرا لقدرتهم على تحمل الضغوط الهائلة التي يعملون في ظلها لتحقيق أفضل النتائج.
الواقع الراهن: الرؤساء التنفيذيون ليسوا أشخاصا استثنائيين، وقد يكون من المستحيل قياس مساهمتهم في إنجازات الشركة. قد يكون من المحبط معرفة أن الرؤساء التنفيذيين ليسوا أشخاصا استثنائيين. ومن النادر إيجاد أشخاص مؤثرين مثل ستيف جوبز، وبيل جيتس. وعلى الرغم من تصورهم أن مهاراتهم نادرة، إلا أن عديدا من البشر مجرد أشخاص معرضون للوقوع في الخطأ وأصحاب تأثير محدود في شركاتهم. لذا استبدالهم ليس بالأمر الصعب. ففي النهاية تخرّج عديد من كليات إدارة الأعمال حول العالم، آلاف الخريجين ممن يحملون شهادات الماجستير، والقادرين على شغل منصب الرئيس التنفيذي. إضافة إلى ذلك، ليس من المهم مدى موهبتك، فالرؤساء التنفيذيون لا يستطيعون إدارة الشركات بمفردهم. فهم بحاجة إلى عديد من الأشخاص الأكفاء لتحقيق ذلك. من الصعب تحديد القيمة الحقيقية لكل رئيس تنفيذي نظرا لتقلبات السوق. فنجاح الشركة هو في النهاية حصيلة جهود الفريق ككل.
دوامة الجشع
لفهم أسباب مواصلة منح الرؤساء التنفيذيين أجورا مرتفعة جدا، وسبب انجراف القائمين على الشركات نحو وهم أنهم يسترجعون قيمة المال الذي ينفقونه عليهم، يجب علينا النظر في عدة أمور تقود لرسم مثل تلك الهالة حول الرؤساء التنفيذيين.
غالبا ما تلعب المقارنة دورا محوريا خلال المفاوضات مع الرئيس التنفيذي. وتستفيد كل من اللجنة المسؤولة عن تقديم العروض والرؤساء التنفيذيون المحتملون من تقديم عرض يفوق متوسط السوق. فعند تحديد الراتب يفترض أعضاء مجلس الإدارة أن الراتب المطروح يجب أن يفوق متوسط الأجور في السوق، وبالتالي تقديم عرض أكثر إغراء. وبالمثل، لن يطرح الرئيس التنفيذي خلال المفاوضات أجرا أقل من متوسط الأجور التي يحصل عليها أقرانه عادة. فالجميع يريد المفاوضة على عرض أعلى من متوسط الأجور... (يتبع).

إنشرها