Author

سوالف «عجز»..

|

التقليل من شأن المرأة، لم يكن في يوم موروثا سعوديا تتناقله الأجيال جيلا إثر جيل، ولم يكن الخجل منها أو من اسمها أو وصفها بالعار - كما يردد البعض - أيضا من الثقافة السعودية، بل هي ظاهرة غريبة وشاذة على مجتمعنا، فكلنا نعلم أن الأوائل من أجدادنا كانوا يفتخرون بأخواتهم وأمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم، ونسمع بكثير من القصص في هذا الشأن، بل إن المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - وهو من أشجع الرجال وأنبلهم وله الفضل ـــ بعد الله سبحانه وتعالى - في تأسيس دولتنا وتطويرها وتنميتها حتى أصبحنا نضاهي بها الأمم والدول المتقدمة، كان يفتخر و"ينتخي" بأخته نورة - رحمها الله، ويستمع لرأيها ويأخذ به حتى أصبحت كنية "أخوان نورة" ملازمة للملوك وللأسرة الحاكمة في السعودية، وأيضا "أخوان مريم" في الكويت، وكثير من الأمثلة نجدها في دول الخليج وفي الجزيرة العربية.
لم تكن المرأة في يوم عيبا، نتراشق به أو نعير بعضنا به، بل هي جوهرة مصونة، نلجأ لها في كثير من أمورنا، ونأخذ برأيها، ونعتز بها قديما، وأيضا في عصرنا الحديث، ولا أجد سببا في وصف البعض للحديث المائل من بعض الرجال بـ "سوالف العجز" - في إشارة إلى المرأة كبيرة السن - فكم من عجوز لا يخرج من فمها إلا الدرر والحكم، والشواهد كثر، نجدها بيننا وفي بيوتنا ودوائرنا المغلقة، ولا أجد مبررا أيضا في وصف حال مائل لرجل بـ "بتربية امرأة"، فكم من امرأة ربت أطفالا وصنعت منهم رجالا نفتخر بهم في بلادنا.
المرأة التي يقلل منها البعض ولا يراها شيئا، هي الأم التي نلجأ لها ولحضنها، ونستمع لرأيها ونعمل به، وهي الزوجة التي لها الفضل بعد الله في تربية أولادنا وتعليمهم وتنشئتهم نشأة نطمح لها ونرجوها، وهي من تدير منازلنا وأمورنا إدارة سليمة ومستقيمة، وهي المعلمة التي تربي وتعلم أطفالنا، وتصنع منهم مستقبلا واعدا لبلادنا، ولنا أيضا، وهي الطبيبة والمهندسة والعالمة، وهي من تقود الصفوف الأولى في أكثر من مؤسسة حكومية، وتعمل على تطوير وطننا بفكرها وإدراكها وحكمتها.

إنشرها