Author

لا تكن "إسفنجة"

|


قلت لصديق، كان يشكو سلوكا يوميا يعانيه: عندما تفيض الإسفنجة، تصبح غير قادرة على الامتصاص. ليس أسوأ من أن تستسلم لمسار تحويلك إلى "إسفنجة" تمتص ما لدى الآخرين من هموم. الإنصات أمر مهم. ولكن هناك فئة من الناس لا تتقن سوى الشكوى. وهي من خلال هذه الشكوى التي تكررها، يوميا، تتحول إلى عامل إحباط، إذ إنها لا تبحث عن حلول داخلها، ولكنها تعمد إلى تحميل أخطائها وإحباطاتها على الآخرين.
في كل مكان، هناك دوما "إسفنجة" يلوذ بها البعض. ورغم كل عبارات الدعم والمساندة، التي يحاول المستمع أن يقدمها لهذه الشخصية القلقة المقلقة، إلا أن استمرار هذا الأمر، وعدم ظهور بوادر تحسن، يجعل العدوى تنتقل.
هذا السيناريو يمكن أن يكون أي إنسان طرفا فيه، فقد يكون الطرف الصامت المنصت، أو المتكلم الذي يصب إحباطاته على كل من حوله، ولا ينظر إلى نفسه باعتباره الجزء الأساس في حل مشكلته.
النقطة الأهم في التغير الإيجابي، ترتبط بقدرة الإنسان على مواجهة نفسه، والاعتراف أن لديه مشكلة، وأن العالم لا يتآمر عليه، وأنه ليس فلتة زمانه، وأن تخطيه في الترقية والفرص المعيشية يدخل فيها عوامل متعددة، ولكن العائق الوحيد حقيقة هو، عائق نفسي لديه يتمثل في عدم رغبته في التغير من الداخل، ومحاولة تحمل جزء من المسؤولية، وتأجيل المباشرة في اتخاذ حلول بعضها قد يكون قاسيا.
الإنسان السلبي يضيع وقته في الحديث عن آخرين. صاروا بالنسبة له من أشباح الماضي، ولكنه لا يستطيع الفكاك منهم، ويظل يكرر ذات الأخطاء، لأنه يبقى حبيس تجاربه وإحباطاته القديمة. البعض حولنا، لديه الوقت للشكوى وندب الحظ وتحميل الآخر مشكلاته. والمبالغة في الإنصات من الطرف الآخر، تسهم في تزايد الضرر، من خلال الاستغراق في السماع، دون قول كلمة صدق تمثل طوق نجاة للمستمع والمتحدث على حد سواء.

إنشرها