Author

شركات الشحن .. والفراغ التنظيمي

|
خلال الأسبوع الفائت لجأ إلي صديق يطلب مساعدتي في الشكوى من ضياع شحنة بريدية أرسلها عبر إحدى شركات "الشحن السريع" ومر الأسبوع الأول والثاني والثالث ولم تصل، وحين بحث عنها لم يعرف لها أثرا. فالشركة اعترفت بضياعها لكنه لم يستطع الحصول منهم على تعويض، ولم يجد من يمثلهم فكلهم وافدون في مكاتب متواضعة، وأغلبهم لا يجيد لا اللغة العربية ولا الإنجليزية، وكل ما هو متاح هو مجموعة سيارات مخصصة للنقل "وسيستم" بيانات متواضع. أما ما يتعلق بضوابط تقديم الخدمة، وحقوق العملاء، واشتراطات الترخيص فيبدو أن هناك ثغرات تنظيمية كثيرة جعلت هذه الشركات تعمل بلا رقيب لتكون خدماتها بهذا الشكل المتواضع في واحدة من أكبر أسواق الشحن نموا في الشرق الأوسط. وقد بحثت في واقع شركات الشحن ومرجعيتها التنظيمية ووجدت أن هناك مجموعة من الشركات يقارب عددها ست شركات تعمل بترخيص من "المؤسسة العامة للبريد" وهذه من المفارقات فهي في الأصل تعمل وفق مفهوم تنافسي مع "مؤسسة البريد" فكيف تقوم "مؤسسة البريد" بمنح تراخيص لمؤسسات تنافسها في تقديم الخدمة؟ وما المعايير التي اعتمدت في منح التراخيص لهذه الشركات؟ وما ضوابط الرقابة على أدائها وخدماتها المقدمة للعملاء؟ وهل كان منح التراخيص بناء على أنظمة شفافة ومعايير واضحة لاختيار الأفضل، أم كانت تراخيص تمنح لتنفيع أشخاص؟ هذه الأسئلة لم أجد لها إجابات رغم أهميتها، بل لم أجد نظاما واضحا للترخيص لشركات الشحن، والذي أعرفه أن "مؤسسة البريد" عاجزة أصلا عن تطوير أدائها وتعاني ضعف خدماتها، وتواضع أدائها، فكيف تكون قادرة على مراقبة المؤسسات الأخرى المنافسة لها"؟ ومن الغرائب أيضا أنني وجدت أن هناك شركات شحن أخرى تحمل ترخيصا من "وزارة النقل" وتعمل في سوق الشحن ولم يتضح لي ما هي حدود العمل وفقا للتراخيص الممنوحة لها؟ وماذا يختلف ترخيص "وزارة النقل" عن ترخيص مؤسسة البريد؟ وهذا ما يؤكد الفراغ التنظيمي في منح تراخيص شركات الشحن ومراقبتها، حيث يتطلب الأمر وجود "هيئة مستقلة" تشرع لأنظمة الشحن وتشرف على كل شركات الشحن بما فيها "مؤسسة البريد" وتلزمها بجودة الأداء واحترام حقوق العملاء وتوطين الوظائف خاصة أن التقديرات تشير إلى وجود ما يزيد على 30 ألف فرصة عمل يمكن توفيرها للمواطنين. إن قطاع خدمات "الشحن والبريد" من القطاعات الواعدة، حيث فرص التنافس، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وتوفير آلاف الفرص الوظيفية. وهذا لن يتحقق إلا بإعادة تنظيمه وتحفيزه والإشراف عليه ليواكب "رؤية المملكة 2030".
إنشرها